"المبادئ العشرة الأساسية للدعاية الحربية"

العنوان أعلاه هو لكتاب، صدر قبل الحرب على العراق، من تأليف البروفيسورة آنا ماريلي، أستاذة النقد التاريخي في جامعة بروكسيل, تسلط فيه الضوء على حملة الدعاية المنظمة التي مارستها الولايات المتحدة لإقناع الرأي العام الدولي وكسب تعاطفه لصالح شن الحرب على العراق، ونفذتها الماكينة الإعلامية الحربية الأمريكية بدقة متناهية وبدون كلل, وحسب الكاتبة فقد كان يقف خلف هذه الماكينة جهاز بارع ودقيق يمتلك طريقة خاصة في العمل تكاد تكون صالحة لكل الأوقات ولجميع الحروب تقريباً... وعن أهمية هذه المبادئ العشرة تقول الكاتبة إن قادة الدول يلجأون إليها لكسب تأييد شعوبهم وتعاطفهم في أوقات الحروب، وقد عمل على كشفها آرتور بونسونبي، النائب العمالي في مجلس العموم البريطاني خلال الحرب العالمية الأولى, بسبب مناهضته لمشاركة بريطانيا في تلك الحرب, في كتاب بعنوان "الدعاية في أوقات الحرب" لخص فيه أسلوب الماكينة الإعلامية الحربية في ترويج الأكاذيب في أوقات الحرب لخداع الشعب وكسب تعاطفه.


لنشر الوعي بهذه الماكينة الإعلامية الغربية المدعومة بقوة الكذب المحبوك، نسرد هنا مبادئها الخمسة الأولى، كما جاءت في مقال نشر في صحيفة الفايننشيال إيكونوميست بتاريخ 1 مارس/آذار 2003 :
المبدأ الأول: نحن لا نسعى إلى الحرب ...
جميع الأطراف تصر حتى اللحظة الأخيرة بأنها لا تسعى إلى الحرب, فالأمريكان يشددون على إنهم ليسوا دعاة حرب, ويتصرفون على أساس أن كل ما يقومون به يندرج في إطار الدفاع عن النفس.
المبدأ الثاني: الطرف المعادي هو السبب في اندلاع الحرب ...
يصر الأمريكان إنهم لا يسعون إلى الحرب, ولكن إذا اندلعت فأن الطرف المقابل سيتحمل وحده مسؤولية اندلاعها... من المهم جدا أن تبرر الحرب على أساس أنها رد على هجوم من الطرف المعادي, وتكون حربا مثالية تلك التي تأتي رداً على هجوم إرهابي على سبيل المثال...
المبدأ الثالث: شيطنة العدو ...
ليس هناك مثالاُ أفضل من شيطنة الإعلام الغربي لصورة الرئيس العراقي، صدام حسين، الذي وُضِعَ في إطار الرجل المتوحش، والغريب جداً كما تقول الكاتبة، هو كيف وَفّقَت وسائل الأعلام الأمريكية بين رسم صورتين لهذا الرجل, الأولى كملحد والثانية كمسلم إرهابي، والأغرب أن الناس يستمرئون مثل هذه الجرعات الدعائية المعدة بمهارة وإتقان.
المبدأ الرابع: نحن ندافع عن قضية نبيلة، ولا تحركنا مصالح بذاتها ...
في كل حرب يعتّم المعتدي على الأسباب الرئيسية التي تقف وراءها, فالواضح جدا أن النفط هو السبب الرئيسي وراء الحرب على العراق, لكن الأمريكان يتجنبون أي إشارة إلى هذا الموضوع... لقد أصاب رؤوسنا الدوار من تكرار الحديث عن الديمقراطية وحقوق الإنسان والاضطهاد في العراق المحاصر, بينما جوهر القضية والمحرك الأساسي لكل تلك الحرب هو المصالح الاقتصادية, فحجة نشر الديمقراطية لا تناسب الأمريكان بأي شكل من الأشكال، إذ بجانب مئات القصص الأخرى، فهم من جاء بالدكتاتور بينوشيت إلى السلطة في تشيلي (عام 1973) بانقلاب عسكري، قُتِلَ فيه الآلاف من التشيليين، للإطاحة بالرئيس سلفادور الليندي وحكومته المنتخبة والمتفق عليها من جميع فئات الشعب التشيلي؟
ولأن من المستحسن دائما أن تصور الحرب على إنها عملية تحرير لشعب مضطهد, عمل الأمريكان جهدهم على ترسيخ الاعتقاد بأن العراقيين سيستقبلونهم بالورود, وعملت شركات الإعلان ليل نهار للتحضير لحفلات التحرير!، ففي الكويت أشرفت على هذه العملية شركة Hill and Knowton, وفي يوغسلافيا Rudder Finn, وهكذا حاولوا إقناعنا أن نصدّق صورة كاذبة رتبوا لها بأنفسهم لجموع عراقية تهرع للشوارع وهي تلوح بالأعلام الأمريكية مبتهجة بدخول القوات الأمريكية إلى بغداد!
المبدأ الخامس: العدو يرتكب الفظائع المنظمة, أما فظائعنا فلها ما يبررها ...
وهو جانب جوهري لحشو المخيلة: فما يقوم به الطرف الآخر يجب تضخيمه وتهويله, أما ما يقوم به الغازي من دمار فيندرج في خانة أحداث عفوية وغير متعمدة. وهكذا يتم التركيز على أكاذيب تم ابتداعها لشيطنة الطرف الآخر، في الوقت الذي يتم العمل على محو أية معلومات غير إنسانية في تاريخ المعتدي.
فهل يعلم القارئ العربي إنه كان ولا يزال ضحية هذا الإعلام الغربي الكاذب! وبهذا الإعلام يتم فرض شريعة الغاب في كل ما يتعلق بمسؤولية الجرائم التي ارتكبت ضد العراقيين، منذ عام 1991 وإلى يومنا هذا..