اختراقات مخابراتية . . وأمن الوطن

في 31 مايو ۱۹۲۳ كتب المقدم إس .جي. نوكس ( S . G . Knox )، المقيم السياسي البريطاني في الخليج، تقريرا مفصلا إلى مكتبهم في الهند عن أحداث هامة جرت في البحرين، وأنهى التقرير بفقرة هامة قال فيها "أتمنى أن يبقى ديلي سنتين في البحرين من دون إجازة. وأعتقد أننا سنضطر لإيفاده إلى سلطان نجد في أمور تخص الحكومة البريطانية وأثناء غيابه اعتقد أن أمور البحرين يجب ألا تترك من دون وجود رجل إنجليزي فيها؛ لن ينفع الهندي أو العربي أو الفارسي. المطلوب إنجليزي يتكلم العربية ويستلم مكان ديلي أثناء غيابه" ("سبزاباد ورجال الدولة البهية" مي محمد الخليفة/ المؤسسة العربية للدراسات والنشر- ۱۹۹۸) . .

والشخص المعني هنا هو الميجور سي.ك. ديلي.
( C.K. Daly Major I.A )، كان المعتمد السياسي البريطاني في البحرين، وأول من بدأ بتقسيم المجتمع البحريني إلى سنة وشيعة وزرع الفتنة بينهما، كما عمل على تقسيم بيت الحاكم إلى حزبين، ليستتب الحكم الإنجليز.
واستمرت الإدارة الإنجليزية متمسكة بتلك النصيحة، أي عدم ترك البحرين بدون وجود رجل إنجليزي، باتفاق أو باختراق، لتنفيذ المهمات القذرة وتمرير سياساتها وإبقاء مجتمعاتنا وحكوماتنا مقسمة وضعيفة ومتنافرة باستمرار. هذا ما تذكرته وأنا أستمع لمقتطفات من أخبار مستشار صحيفة الوطن، البريطاني الجنسية، الذي تم ترحيله مؤخراً من البحرين بأمر من النيابة العامة، بتهمة الارتباط بجهاز استخبارات خارجية. ولكن، ما يدور في الذهن أيضاً هو، إذا كان لا مفر من وجود شخصيات من ذلك النوع (الميجور ديلي) في كواليس الحكم ومجالس العائلات الكبيرة، في تلك الحقبة من التاريخ، وفي ظل الظروف السياسية التي كانت تعيشها حكوماتنا وبساطة وعي مجتمعاتنا بشكل عام، فكيف نسمح بوجودهم بيننا، أو اختراقهم لنا، في ظل ما نعيشه من انفتاح معرفي وعلمي وسياسي وقياساً بإدارة صحيفة أخبار الخليج التي تدقق في اختيار كل كوادرها القيادية بموجب قيم ومعايير أخلاقية ومعرفية ومهنية محترفة، نتساءل: يا ترى ما المعيار الذي استخدم في تعيين هذه الشخصية في موقع مستشار بصلاحيات واسعة في صحيفة محلية ورئيسية، علماً بأن البحرين لا تخلو من كفاءات قادرة على إدارة هذا المنصب!..وما هي المعلومات الموثقة التي توافرت عن هذه الشخصية قبل تعيينه؟، سواء المؤهلات العلمية والخبرة العملية أو التاريخ السياسي أو البيئة والعلاقات والارتباطات الشخصية . . وهي أسهل المعلومات التي يمكن جمعها عن أي شخص. وإذا كان كل مراقب حريص قادراً على تقييم أخطاء الصحيفة في التأسيس وما تلاه، فيا ترى كيف لم يتم تقييم سوء أداء المستشار الذي يفضح قلة علمه وخبرته؟
وأخيراً، وفي ظل عدم وجود ميثاق أخلاق الصحافة، وعدم وضوح معالم مدرسة صحفية تلتزم بها صحافتنا . . وفي ظل تجاوزاتها المهنية والوطنية والأخلاقية، يا ترى ليس من حقنا المطالبة بمراجعة وفحص كل المؤسسات الصحفية في البحرين، والتأكد من خلوها من الإجتراقات التي تحرص على تسطيح وعي المجتمع وإشغاله المستمر بالأزمات التي لا تقبل حلولاً؟!


كلمات دالة: