انتهاك أقدس الحقوق الإنسانية في العراق

"قال القائد لجنوده: اقتلوا كل أهل المدينة واتركوا راكب الدراجة، سأله أحد الجنود: ومن هو راكب الدراجة سيدي؟ أجابه القائد: هذا ما أقصده، فسيلتهي الناس بمعرفة من هو راكب الدراجة وينسوا المجزرة وآلاف القتلى من أهالي المدينة..."
هذه هي سياسة المحتلين في العراق، فبينما كل مدن العراق مستباحة لقوى الاحتلال قتلاً وتدميراً ونهباً واعتقالاً واغتصاباً، ووصل عدد القتلى إلى معدل 100 عراقي في اليوم، نرى كيف يركّز الإعلام الأمريكي والعالمي، بين فترة وأخرى، على بعض الحوادث المتفرقة هناك، لإلهاء المجتمع الدولي عن حقيقة الوضع المزري واللاإنساني ونزيف الدم المتدفق الذي يعيشه العراقيون يوماً بيوم ولحظة بلحظة.

وهذا ما يمكن أن ننسب إليه الإسلوب الإعلامي الملفت للإنتباه في نشر أحداث مجزرة مدينة "حديثة" العراقية، بالتركيز على إن بعض من جنود الإحتلال، بعدد أصابع اليد الواحدة، يتم محاكمتهم بتهمة قتل عدد من أهالي تلك المدينة "بدم بارد"، وكأن النوع الآخر من القتل اليومي المستمر في العراق منذ أكثر من ثلاثة أعوام عجاف، ويتم بـ"دم حار" له ما يبرره في المواثيق والتشريعات الأرضية والسماوية، وكأن تلك الحادثة الهمجية هي الوحيدة التي تستوجب المحاكمة والعقاب، بينما الأخبار المتواردة من العراق بشكل يومي ومستمر تصف بجانب معاناة العراقيين من انقطاع الكهرباء الدائم وانقطاع المياه الصالحة للشرب، وعدم توفر الأمن الذي دفع كل عراقي أن يحمل سلاحاً مرخصاً لحماية أمنه الشخصي، وعدم توفر الدواء والمستشفيات المؤهلة لتوفير أدنى متطلبات الرعاية الصحية، بجانب كل ذلك تقول تلك الأخبار بأن الحصار والقصف اليومي في كل المدن والأحياء العراقية أصبح من روتين الحياة اليومية، حيث لا يتمكّن، على سبيل المثال، أهالي المدائن والرمادي والأنبار وغيرها، الدخول إلى أو الخروج من مدنهم وحتى أحيائهم... وحيث لا يزال القصف المدفعي من الكاظمية مستمر على مدينة الأعظمية في بغداد، ولا يتجرأ الأعظميون من نقل جثث موتاهم من شوارع أحيائهم حيث القصف وإطلاق الرصاص يستهدف كل شئ يتحرك...
وهناك في مدينة الضلوعية الواقعة تحت حصار القوات الأمريكية، منذ أكثر من عشرة أيام، يعيش العراقيون معاناة من نوع آخر أمام وحوش وبرابرة القرن الواحد والعشرين... فإسمعوا آخر أخبارهم:
توجه 10 من شيوخ العشائر العراقية في مدينة الضلوعية بقيادة الشيخ "جاسم العزاوي" للتفاوض مع قائد قوات الاحتلال المدعو "فيل" لفتح الحصار المفروض على مدينتهم للسماح بدخول الدواء والطعام، فأعلن الشيخ العزاوي بعد انتهاء المفاوضات إن ذلك القائد خاطبهم قائلاً "نمهلكم أيها العرب الهمج يومًا واحدًا لتسليم من يقتل جنودنا, وإذا لم تفعلوا فإنني سآمر الجنود باغتصاب جميع نساء المدينة, وأولهم نساؤكم أنتم"، فأجاب شيوخ العشائر بقولهم "سنُلبس نساءنا أحزمة ناسفة, وسيكنّ في انتظار جنودك يوم غد"، ويذكر الشيخ العزاوي بأنه (فيل) تركهم يخرجون دون أن يعتقلهم قائلاً لهم "سأترككم الآن فقط لتُبلغوا أهل المدينة رسالتي"... وجاء في الخبر، الذي نشر يوم الثلاثاء 30 مايو 2006 إن "العشرات من رجال المقاومة الآن يتوافدون على المدينة، فيما يستعد أهل المدينة ليوم صعب غدًا" بينما أشار المراسل، نقلاً عن مصادر في المقاومة "إلى أن أكثر من 18 امرأة تطوعت أن تكون فدائية إذا ما حاول الاحتلال اقتحام المدينة يوم غد وتنفيذ تهديده"...
هذا نموذج من همجية وبربرية الاحتلال الأنجلوأمريكي الصهيوصفوي في العراق، فأين المنظمات الدولية، وأين مراقبي حقوق الإنسان ومدربي الشعوب على الديمقراطية الغربية، من هذه المجازر والانتهاكات اليومية لأقدس الحقوق الإنسانية في العراق؟؟؟