البنك الدولي ومافيا نهب ثروات الشعوب (3)

نواصل نشر اجزاء من كتاب “Confessions of an Economic Hit Man”، (اعترافات سفاح أقتصاد) الذي يعترف فيه مؤلفه جون هوبكنز (John Hopkins) بكل الجرائم التي ارتكبها أو شارك في ارتكابها اثناء عمله مع البنك الدولي في عمليات نهب ثروات الشعوب (ترجمة وعرض عمر عدس / موقع دورية العراق www.iraqpatrol.com) للتنوير بأساليب العمل الخفية لتلك المؤسسات.
بعد سرده لتفاصيل قضية بنما والاكوادور وجواتيمالا وغيرها، يعقّب المؤلف على كتابه واصفاً سياسات الولايات المتحدة الامريكية قائلاً: "ان ما لدينا هنا، هو امبراطورية عالمية يسيطر عليها نفر قليل من الرجال الذين اطلق عليهم اسم "كوربوراتوكراسي"، وهؤلاء هم رؤساء الشركات الكبرى، والمصارف الكبرى، والحكومة، وكثيراً ما يجمع الواحد منهم بين الصفات الثلاث. وهم يقفزون من فئة إلى أخرى من هذه الفئات، وروبرت مكنمارا خير مثال على ذلك.

فقد كان رئيساً لشركة فورد، ثم اصبح وزير الدفاع في الولايات المتحدة في ظل حكم كنيدي وجونسون، ثم اصبح رئيساً للبنك الدولي. وفي كل هذه الادوار كانت مهمته تتمثل في تعزيز أوساط الاعمال الأمريكية، ودعم حكم التحالف الثلاثي... من أجل جلب الغنائم إلى الولايات المتحدة واستغلال العالم... واليوم لدينا ديك تشيني (وبول وولفويتز) الذي يحمل الصفات نفسها، وكان لدينا جورج شولتز أثناء حكم الرئيس جورج بوش الاب. وهكذا فالرئيسان بوش الاب وبوش الابن لديهما هذا الصنف من الموظفين، وكوندوليزا رايس من الأمثلة الأخرى على ذلك".
ويؤكد المؤلف على عدوانية الإدارات الأمريكية المتعاقبة المملوءة بأمثال هؤلاء من كلا الحزبين واصفاً خروج هذه الإدارات إلى الخارج وجلب العالم الى داخل الولايات المتحدة بقوله إن "من بين مائة من أكبر الديمقراطيات في العالم، هنالك 52 منها عبارة عن شركات، و47 منها شركات امريكية وليست دولاً. ونحن عبارة عن 5% من سكان العالم نمتد مثل أخطبوط هائل ونمتص الى داخل بلادنا 25% أو اكثر من موارد العالم. والنسبة الفعلية ليست 5% من سكان العالم، لأن 1% من سكان الولايات المتحدة يملكون من الثروة المادية أكثر مما يملكه 90% من السكان لدينا. وعلى ذلك فإن 1% من سكان الولايات المتحدة هم التحالف الثلاثي الحاكم (تحالف الشركات والمصارف والحكومة)، وهم الذين يمتصون كل ذلك، أما بقيتنا فتساند ذلك من خلال ضرائبنا، ومن خلال مشترياتنا، ومن خلال صمتنا، ومن خلال مجاراتنا لهذا النظام. مثلي أنا، باعتباري سفاحاً اقتصادياً، فأنا لم أساير النظام وحسب، بل كنت أدعمه وأرسّخ أسسه".
وننتقل إلى الفصول الأخيرة من الكتاب والذي يدور حول إيران والعراق، وفي هذا يقول المؤلف: "إن إيران، بالنسبة الينا، كانت دولة ذات اهمية كبرى، فموقعها مهم جدا على حدود روسيا، وفيها كل هذا النفط، ويجب علينا ان نسيطر على هذا النفط... كنا نريد بلهفة ان نسيطر على كل نفط الشرق الأوسط، وكنا نرى الشاه الشخص القادر على جعل ذلك يحدث. وكانت الخطة ان الشاه يمكن أن يساعدنا في الاستيلاء على بقية الشرق الاوسط، بما فيه سوريا والعراق... وكلنا يعرف إنه حدثت هنالك حرب بين العراق وإيران بعد ذلك الوقت بكثير. ولكن منذ البداية كانت الفكرة أن نتحالف مع الشاه، وقد فعلنا كل ما من شأنه ان يضمن انضمامه الينا... كانت شركات الهندسة التي تحدثنا عنها، مثل شركتي تشارلس تي مين، وبيكتل، وهاليبرتون، وكل من كان هناك منخرطا في بناء المدن، وبناء محطات توليد الطاقة، وشق الطرق السريعة العريضة وغير ذلك، يجني أرباحا هائلة، ويصبح في غاية الثراء... وحين حاولت إيران الخروج على هذه القاعدة سنة 1951 عندما أمم محمد مصدق صناعة النفط الايرانية، التي كانت خاضعة لسيطرة بريطانيا وقتئذ، تعرضت لعقوبة صارمة. استعانت بريطانيا يومئذ بحليفتها في الحرب العالمية الثانية، الولايات المتحدة... وبدلاً من أن ترسل واشنطن قوات مشاة البحرية في ذلك الوقت، أرسلت إلى إيران عميل وكالة الاستخبارات المركزية كيرميت روزفيلت (حفيد ثيودور روزفليت). وقد افلح في كسب ود الناس هناك ببراعة فائقة عبر تقديم الاموال حيناً وعبر التهديد والوعيد أحيانا اخرى. ثم جنّدهم لتنظيم سلسلة من أعمال الشغب في الشوارع، والمظاهرات العنيفة، التي خلقت انطباعا بأن مصدق لم يكن محبوبا وأنه غير ملائم. وفي النهاية اطيح بمصدق، وامضى بقية حياته تحت الاقامة الجبرية في منزله. وأصبح الشاه محمد رضا الموالي لأمريكا الدكتاتور الاوحد... واستأنفت أمريكا بعد ذلك، عملية تحديث ايران وتطويرها، وابتزاز خيراتها، وربطها لتدور في فلك الامبراطورية الكونية السالفة الذكر".
هذا ما حدث بالنسبة لإيران، فماذا كان يحدث في العراق... هذا ما سنعرفه في الحلقة القادمة، تابعوا معنا.