البنك الدولي ومافيا نهب ثروات الشعوب (4)

نواصل نشر اجزاء من كتاب “Confessions of an Economic Hit Man”، (اعترافات سفاح أقتصاد) الذي يعترف فيه مؤلفه جون هوبكنز (John Hopkins) بكل الجرائم التي ارتكبها أو شارك في ارتكابها اثناء عمله مع البنك الدولي في عمليات نهب ثروات الشعوب (ترجمة وعرض عمر عدس / موقع دورية العراق www.iraqpatrol.com) للتنوير بأساليب العمل الخفية لتلك المؤسسات.

يؤكد المؤلف إن الولايات المتحدة، عبر السفاحين الاقتصاديين، وهو من ضمنهم، حاولت تطبيق اللعبة ذاتها على العراق و"إن إدارتي بوش الأب وريجان كانتا عازمتين على تحويل العراق إلى دولة تابعة لواشنطن، وكانت هنالك أسباب عديدة تدفع صدام حسين إلى اتباع النموذج الذي سارت عليه الولايات المتحدة مع الدول الثرية بمواردها... كما كان يعلم إنه اذا ارتبط مع واشنطن بمثل هذه المشاريع فسوف يحظى منها بمعاملة خاصة في ما يتعلق بتعاطيه مع القانون الدولي، وسوف تتغاضى عن بعض أفعاله. كان وجود السفاحين الاقتصاديين في بغداد قوياً خلال ثمانينات القرن الماضي... وكانوا يعتقدون بأن صدام سوف يبصر النور في نهاية المطاف، وكان عليّ أن أتفق مع هذا الافتراض، فلو إن العراق توصّل مع واشنطن إلى اتفاق مثلما فَعَلَت بعض الدول الاخرى، فسوف يؤمن استمراره في حكم بلاده، وقد يوسع دائرة نفوذه في ذلك الجزء من العالم".
ويتابع المؤلف قائلا: "لم يكن يهم الولايات المتحدة إنه طاغية مستبد، وإن يديه ملطختان بدم كثير من الابرياء. فقد تحمّلت واشنطن وجود مثل هؤلاء الاشخاص من قبل، بل كانت تدعمهم وتساندهم في أحيان كثيرة... وسوف نكون في غاية السعادة بأن نقدم له سندات الحكومة الامريكية مقابل دولارات النفط، ومقابل وعده لنا باستمرار تزويدنا بالنفط، ومقابل صفقة يتم بموجبها استغلال أرباح السندات في تأجير الشركات الأمريكية لتحسين أنظمة البنية التحتية في العراق، ولاستحداث مدن جديدة، وتحويل الصحراء إلى واحات خضراء. وسنكون راغبين في بيعه دبابات وطائرات مقاتلة، وفي بناء مصانعه الكيماوية والنووية، مثلما فعلنا من قبل في عدد كبير جداً من الدول، حتى لو كانت مثل هذه التقنيات يمكن أن تستخدم في انتاج أسلحة متطورة. كان العراق في غاية الأهمية لنا، بل أهم بكثير مما يبدو على السطح. وخلافاً للرأي العام الشائع، لا يتعلق الأمر بالنفط فقط، بل يتعلق بالمياه وبالجغرافيا السياسية كذلك، ولأن نهري دجلة والفرات يجريان عبر العراق، فإن العراق، من بين كل دول ذلك الجزء من العالم، يسيطر على أهم موارد المياه ذات الأهمية المتزايدة الى درجة حرجة. وخلال ثمانينات القرن الماضي، كانت اهمية المياه، السياسية والاقتصادية، تتضح شيئا فشيئا لمن يعملون منا في مجالي الطاقة والهندسة. وفي غمرة الاندفاع نحو الخصخصة، أصبح العديد من الشركات الرئيسية التي كانت من قبل تتطلع الى القيام بمهام شركات الطاقة المستقلة الصغرى، يمد بصره نحو خصخصة انظمة المياه في أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، والشرق الأوسط".
يتابع المؤلف: "وبالاضافة الى النفط والماء، يحتل العراق موقعا استراتيجيا جداً، فهو يتاخم إيران والكويت والمملكة العربية السعودية والاردن وسوريا وتركيا، وله ساحل على الخليج العربي... وهو على مسافة تسمح باطلاق الصواريخ على “إسرائيل” وعلى الاتحاد السوفييتي السابق... ومن الشائع اليوم أن من يسيطر على العراق يملك مفتاح السيطرة على الشرق الأوسط... وفوق كل ذلك، كان العراق يشكل سوقا ضخمة للتكنولوجيا والخبرة الهندسية الأمريكية، وكونه يجلس فوق واحد من أعظم حقول النفط في العالم، يضمن إنه في وضع يخوله تمويل برامج ضخمة تتعلق بالبنية التحتية والتصنيع. وكان كل اللاعبين الرئيسيين يمدون إبصارهم نحو العراق: شركات الهندسة والبناء، مزودو أنظمة الحاسوب، أصحاب مصانع الطائرات والصواريخ والدبابات، وشركات تصنيع الأدوية والكيماويات. غير أنه كان من الواضح أن صدام في أواخر ثمانينات القرن الماضي لم يكن مقتنعا بسيناريو السفاحين الاقتصاديين... وكان ذلك يسبب خيبة أمل وضيقا عظيمين لإدارة بوش الأب. وبينما كان بوش يبحث عن مخرج لذلك، أوقع صدام نفسه بنفسه، حين غزا الكويت في اغسطس/آب 1990، ورد بوش بإدانة صدام بخرق القانون الدولي، رغم إنه لم تكن قد مضت سنة على قيام بوش نفسه بغزو انفرادي غير شرعي لبنما".
ويقول المؤلف: "إنني أعتقد أنه تحت سطح الخطاب الوطني والدعوات المنادية باتخاذ عمل ما، كان هنالك تحوّل أهم وأعمق يكتنف نظرة أصحاب المصالح التجارية الأمريكية ومن ثم معظم الناس الذين يعملون لدى الشركات الأمريكية للعالم. لقد اصبح الزحف نحو تكوين إمبراطورية كونية أمراً واقعاً، وكانت الخصخصة تحفر دروباً عميقة في نفوسنا".
ويقول: "لا أستطيع إلا أن أتساءل، كم من الناس يعرفون مثلما كنت أعرف، أن صدام كان سيظل في السلطة لو أنه وافق على المشاركة في اللعبة... ولو فعل لكانت لديه الآن صواريخه ومصانعه الكيماوية، ولكنا قد بنيناها له، ولكان خبراءنا الآن يشرفون على تطويرها وتحديثها وصيانتها، وكانت صفقة رائعة جداً".
أما نحن فنقول: هل المطلوب شواهد أكثر مما يخرج كل يوم من دارهم، كي نعي هذا الدور الأخطبوطي الشيطاني للولايات المتحدة الأمريكية؟؟!!... وفي هذه الحالة ألم يعد مقاومة هذا الوباء الخطر على الوجود الإنساني عموماً واجباً مقدساً؟!!