إيران في لبنان وفي العراق وفي الخليج

يبدو إن محاولات حزب الله في لبنان بتبرئة نفسه من التبعية للسياسات الإيرانية لم تعد تجدي نفعاً، ما دامت إيران مصرة على إثبات أواصر هذه العلاقة وإعلانها بتحد سافر.. فالقيادة الإيرانية لم تتوقف عن التدخل في الشأن الداخلي اللبناني، لا بل باتت تعلنها بصراحة وتحد فج.. فجاء التصريح الأخير للسيد المرشد الأعلى من إيران قائلاً بإن "الحكومة اللبنانية التي لا تمثيل للشيعة بها غير شرعية ويجب أن تتغيّر"، لينسف كل محاولات السيد حسن نصر الله لإقناع اللبنانيين بلبنانية حزبه التي يكررها عشرات المرات في خطاباته الصاخبة، آخرها خطبة الأسبوع الماضي في الاعتصام الجماهيري الذي يتزعمه في وسط بيروت.. هذا الاعتصام الذي جاء بعد أقل من أربعة أشهر من انتهاء حرب الـ 44 يوماً مع إسرائيل، التي شمل دمارها كل لبنان، جاء ليشل العصب الاقتصادي والتجاري اللبناني ويكتمل دمار لبنان..

إلا إن إيران لها رأي آخر في هذه الحالة اللبنانية، فحسب المحلل السياسي الإيراني من طهران في حواره مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فإن "القيادة الإيرانية تراها وضعاً ديمقراطياً صحياً، للتعبير عن الرأي في رفض الشعب لحكومته، وهو مؤشر سياسي سليم للديمقراطية في لبنان"..
لذلك نتساءل، ياترى ما هو موقف القيادة الإيرانية لو كانت هذه التصريحات صادرة من زعماء عرب بخصوص إعتصامات الطلاب في الجامعات الإيرانية، والتي مارست بها السلطات الإيرانية (ولاتزال) قمعاً وحشياً ضد الطلاب وأساتذتهم، أقفلت خلالها الجامعات وأوقفت الدراسة فيها حتى أنهت عملياتها القمعية؟!..
ونتساءل ايضاً، مادامت إيران قد أخذت مسؤولية الدفاع عن حقوق الشيعة في العالم العربي، ياترى لماذا لا تأخذ القيادات العربية، بزعامة خادم الحرمين الشريفين، من خلال الجامعة العربية، حقها في الدفاع عن حقوق السنة المضطهدين في إيران؟!!، والدفاع عن حقوق الشعب العربي في عربستان في ظل الاحتلال الإيراني!.. هذا الشعب العربي الذي يعاني منذ سنوات طويلة من قمع واضطهاد وتهجير وإقصاء بواسطة النظام الحاكم في طهران؟!!.. لماذا يا ترى هذا السكوت العربي عن حقوقنا!، بينما تتدخل إيران في شئوننا الداخلية دون رادع أو رقيب؟!.. لماذا لا تنشئ حكوماتنا فضائيات لتواجه به عشرات الفضائيات الإيرانية الناطقة بالعربية والموجهة إلى شبابنا الغر والبسيط بثقافة تسفيه التاريخ العربي وتدنيس تاريخ صحابة الرسول العربي الكريم؟.. لماذا لا يتكلّم إعلامنا العربي عن المستندات التي وُجدت في حوزة القتلى والمعتقلين الذين وقعوا ضحية الصراع بين جماعة الحوثي في منطقة صعدة اليمنية وبين قوات الشرطة، والتي تثبت بالبيان حقيقة أهداف هذه الجماعة وارتباطها المباشر بإيران، وحقيقة التدخل الإيراني السافر في الشأن الداخلي اليمني؟!.. لماذا؟ ولماذا؟ ولماذا؟.. لماذا لا تدعم حكوماتنا المقاومة العراقية التي لازالت تقاتل منذ أربع سنوات دفاعاً عن وحدة العراق وشعبه العربي ضد الاحتلال الإيراني والأمريكي الذي لم يعد سراً دعمهما وتعاونهما مع الميليشيات وفرق الموت التي تعمل في ضوء النهار على التفجير والتهجير والذبح على الهوية لرسم خريطة العراق المجزأ والمقسّم بدم العراقيين؟.. هذه المقاومة التي اعترف جنرالات الاحتلال ومفكريه بقوتها وعدم إمكانية هزيمتها.. هذه المقاومة التي هزمت الإمبراطورية الأمريكية، وأفشلت مشاريعها وتهديداتها للمنطقة.. هذه المقاومة التي تواصل حربها المستمرة، منذ خمسة وعشرين عاماً، لصد الغزو الإيراني لبلداننا الغارقة في الوهن!!
إن ما يجري في العراق وفي لبنان كشفا عن الوجه الحقيقي للجارة إيران.. فلم يعد خافياً خطر إيران على أمننا القومي.. فلماذا هذا الاستسلام، وإلى متى هذا السكوت؟!!