البرنامج النووي الإيراني...

في تقرير أعده الباحثون في مختبري "باسفيك نورث القومي"، و"لوس ألاموس القومي"، بعنوان " اقتصاديات استقلالية الطاقة في إيران" جاءت الحقائق العلمية التالية:
1- تمتلك إيران 1,427 طن متري من احتياطيات اليورانيوم الطبيعي، التي تكفي لإمدادات برنامجها النووي لغاية عام 2010 فقط. وحتى الاحتياطيات التي لم تستخرج بعد والبالغة 13,850 طن متري تكفي كوقود نووي حتى عام 2023 فقط (اليورانيوم الطبيعي يعد من أساسيات أي برنامج نووي يهدف إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي)... أي أن استثمارات إيران في الطاقة النووية لا تناسب ما لديها من مصادر طبيعية.
2- تقديرات تكلفة تطوير مرافق تصنيع الوقود النووي الإيراني في حدود 600 مليار دولار، وحتى بوجود كل تلك المرافق فإن إيران لن تنتج الطاقة التي تتناسب مع إمدادات مفاعل واحد بالوقود... وبهذا ستكون إيران بحاجة لاستثمارات تزيد على 20 ضعفاً عما استثمرته في تلك المرافق لتغطي تكلفتها، في الوقت الذي لا تستخدم إيران التكنولوجيا الحديثة في عمليات التنقيب عن النفط ولا تحقق استثمارات مربحة من مرافقها النفطية المهجورة (لدى إيران أكبر احتياطي نفطي، 90 عاماً من البترول، و220 عاماً من الغاز الطبيعي وكل هذه المصادر تقع في الأراضي العربية التي احتلتها إيران خلال القرن الماضي)، حيث تتمكن من توليد طاقة كهربية تعادل 3 أضعاف ما ستنتجه الطاقة النووية... وهذه الحقائق تؤكد إن مصادر رأس المال المستثمر في برنامج إيران النووي يؤثر سلباً على استثماراتها في النفط الأكثر ربحية. أي إن استثمار إيران في الطاقة النووية لا يتناسب مع احتياجاتها الملحة لقطاع الطاقة.


وأخيراً ينص التقرير على "إن المنطق الاقتصادي للبرنامج النووي الإيراني لا يتمشى مع الحقائق المتعلقة بالبرنامج ولا مع ما تنتهجه إيران في المجال الأوسع للاستثمارات في مجال الطاقة"... ويعني كل ذلك إن ما تدعيه إيران بتحديد برنامجها النووي في أهداف سلمية هو إدعاء كاذب، وتخفي وراءه هدف التسلح النووي.
ومع احترامنا لحق كل الشعوب، وضمنها الشعب الإيراني، في امتلاك قراراتها، وحقها في امتلاك برامجها العلمية والتكنولوجية والنووية المتطورة، فإننا نتساءل، بناءاً على ما جاء في هذا التقرير من حقائق، يا ترى لماذا تحاول إيران امتلاك السلاح النووي؟ وضد من سيُوجه هذا السلاح؟...
يذكر التاريخ (منذ عام 1501م وحتى يومنا هذا) إن الأطماع والامتدادات التوسعية الإيرانية تركّزت في الأراضي العربية، حتى تحولت بلاد فارس من دولة شبه مغلقة، لا تملك إطلالة على البحر إلى دولة تمتلك أكبر حدود بحرية على الخليج العربي (من الأحواز إلى بلوشستان)، ومن دولة لا تمتلك النفط إلى إحدى أكبر الدول المالكة للنفط بعد احتلالها للأحواز العربية والمدن الحدودية العراقية الغنية بالنفط.
وإذا كان الشارع العربي يعاني من التعتيم الإعلامي حول الدور الاحتلالي الاستيطاني الذي تلعبه إيران في العراق اليوم، فإن الأنظمة العربية برمتها على علم مباشر بتفاصيل هذا الدور الإيراني الذي فضحه السلوك العدواني غير المسبوق تاريخياً للجماعات والمليشيات والمراكز المخابراتية الإيرانية (إطلاعات) المنتشرة في الأراضي العراقية منذ بدء الاحتلال الانجلوأمريكي وحتى هذا اليوم... فلم تعد الأكاذيب الإيرانية حول عدائها لإسرائيل وأمريكا، والتي تأتي على لسان قادتها من خلف الحاجز الزجاجي المضاد للرصاص في أكبر ساحات طهران، تنطلي على أي فرد أو طرف عربي، في الوقت الذي تقوم إيران باحتلال أراضي عربية في بلوشستان والأحواز والجزر الإماراتية في الخليج العربي، وفي الوقت الذي تمارس دوراً إحتلالياً وعدوانياً مباشراً في العراق، وتقوم جماعاتها هناك بأدوار قذرة لا يمكن أن تنسب إلى بني البشر ولم يسبق لها مثيل في التاريخ البشري. وبكل هذه السياسات الاحتلالية والأدوار العدوانية تحقق إيران أهم الأهداف التاريخية والاستراتيجية الإسرائيلية في المنطقة، لتلتقي الأهداف الإيرانية في حربها ضد العروبة والإسلام مع الأهداف الإسرائيلية، كما كانت على مدار التاريخ.
وهنا نؤكد بأن العرب والأرض العربية سيكونان الهدف المباشر والوحيد للسلاح النووي الإيراني المزعوم، ليمثل مع السلاح النووي الإسرائيلي طرفي الكماشة النووية ضد المنطقة بمجملها، وبذلك تحقق الدول الاستعمارية الكبرى أهدافها بالبقاء في المنطقة بدعوى شبح تهديد تلك الأسلحة تارة، وبدعوى حماية مصالحها تارة أخرى... ناهيك عن الأهداف الإيرانية الخاصة.
ويبقى لنا تساؤل أخير، وهو ما الذي تتوقع الأنظمة العربية أن تحققه من خلال ما تلعبه اليوم من أدوار غير منطقية، سياسياً ووطنياً، في التوسط لصالح إيران ومناوراتها في ذلك الصراع المفتعل حول البرنامج النووي الإيراني؟، وإلى متى ستبقى هذه الأنظمة، سواء بعلمها ورضاها أو بدونهما، أدوات لتمرير السياسات الاستعمارية في المنطقة؟ وضد مصالح شعوبها وبلدانها؟... أليس الأجدى أن يكون لهذه الأنظمة سياساتها الخاصة والضاغطة لحماية مصالحنا ومستقبل أجيالنا القادمة بعيداً عن كل هذه الأخطار المتصاعدة والمتربصة بنا وبمصالحنا الوطنية والقومية؟.
فهل هناك من يستطيع أن يقنعنا بإجابات حكيمة على تساؤلاتنا هذه؟؟؟!


كلمات دالة: