المرأة من إشراقات الإنتخابات البحرينية..

المرأة في كل انحاء العالم تتقدم بخطى واسعة نحو القيادة.. ودول العالم المتقدم والمواكب لمتطلبات العصر تسير باتجاه المشاركة والشراكة الكاملة لكل فئات المجتمع في السياسة والتشريع والقيادة، تدفع النساء إلى الأمام لتساهم بدورها في اتخاذ القرار في كل هذه المواقع.. وأثبتت المرأة بأنها لا تقل عن الرجل في أي من ملكاتها، العقلية والبدنية، إن لم تكن أقوى منه نسبياً في الدفاع عن الوطن بذات القوة التي تدافع اللبؤة عن أبنائها وفلذات أكبادها، وأكثر ما يتجلى هذا الدفاع في كل الأوجه الوطنية بدءاً من تسخير كل إمكانياتها المادية والمعنوية والروحية في تربية أبنائها، وانتهاءاً بنظافة يديها عن الفساد المالي، ومروراً بالبحث عن الأفضل وتقصي الدقة ومراعاة التفصيليات والتحلي بالصبر وسعة الصدر للاستماع للصغير والكبير، والتي عادة ما لا تتوفر لدى الغالبية العظمى من الرجال، نظراً لنمط التفكير الذكوري المستمد من التربية والمحيط الاجتماعي..


وفي البحرين فتحت كل الأبواب والمنافذ أمام المرأة البحرينية للتقدم والمنافسة للوصول إلى أعلى المناصب.. وأهم هذه المنافذ، على الإطلاق، هو القرار السياسي البحريني الذي لايزال يدفع المرأة لاستلام مكانها في كل المواقع.. ولا يمكن أن يكون هذا القرار ناتج من فراغ بقدر ما هو قائم على القناعة الكاملة أولاً: بما حققته المرأة في البحرين من إنجازات على جميع المستويات المهنية والعلمية، ما لا يقل عما يقدّمه الرجل عندما تُعطى الفرصة كاملة.. ثانياً: بضرورة وأهمية وجود المرأة في مواقع القيادة للمشاركة في الرأي والقرار الذي لا يأتي كاملاً من طرف واحد في المجتمع.. ثالثاً: لمواكبة العصر المتسارع في تقدمه لما يمثله تهميش المرأة من تخلف وإعاقة في سبيل مواكبة الحضارة العالمية.
من أهم سمات المرأة البحرينية، على مدار تاريخها، هو القوة، لأسباب أنثروبولوجية كثيرة (ليس هنا مجال سردها)، ولكن يمكن إثباتها، في كل مظاهر الحياة التي عاشتها الجدات والأمهات اللاتي كن، رغم العزلة والتهميش، يتحكّمن في إدارة الأسرة والبيت، بكل معاني هذه الكلمة، من التخطيط وحتى التنفيذ وجني ثمارها المتمثل في اتخاذ القرار بكل ما يتعلق بحياة العائلة والأسرة والإبناء اقتصادياً واجتماعياً وعلمياً.. ولربما كان هذا أحد أهم المقومات التي خلقت البنية التحتية القوية لمجتمع بحريني من أهم صفاته الاستقرار وعدم التشظي مع دخوله عصر النفط وتبعاته..
هذه المرأة البحرينية، تعيش اليوم حالة من عدم التوازن، في أول انتخابات مفتوحة على جميع الفصائل والفئات المجتمعية في البحرين... لربما هي حالة نادراً ما تعاني منها المرأة في المجتمعات المتحركة والنشيطة مثل المجتمع البحريني.. حالة فيها تدفع الدولة، بكل قياداتها الرسمية، المرأة للأمام، بينما تدفعها القيادة الشعبية للخلف.. لتبقى مهمشة، معزولة، لا قرار لها في الشأن العام، ليمتلك الرجل زمام الأمر والنهي..
والأمر الآخر، إنه بعملية مقارنة بسيطة في كفاءات ومؤهلات المترشحين تتضح حقيقة أخرى، حيث ما بين عدد المترشحات الصغير، الذي لم يتجاوز العشرين مترشحة، هناك من المؤهلات والكفاءات التي تساوي كفاءات ومؤهلات ثلاثة أضعاف عددهن من الرجال المترشحين، الذي تجاوز المائتين.. وبقدر ما يشرح هذا الأمر صدورنا، فإنه من المحزن أن لا تفوز هؤلاء السيدات في الانتخابات ويفوز منافسيهن الأقل كفاءة وتأهيلاً..
هؤلاء النساء اليوم يخضن معركة ضارية في سبيل الوصول إلى قبة البرلمان، للمشاركة في تشريع القوانين بنمط فكري وسلوكي جديد، وبرؤى أقل تأثراً بمفاسد المال والإدارة والمجتمع.. هؤلاء النساء المترشحات تقدمن صفوف المرأة البحرينية، بمبادرات لفتح الأبواب لمن تأتي بعدهن، مهما كانت النتائج التي ستحصلن عليه.. ويُكتب لهن الشجاعة والجرأة والقوة التي دفعت بهن لهذا المعترك الذي يتحد فيه الرجال (عدا أقلية الأقلية) صفاً واحداً ضدهن، ليرفعن أصواتهن ويقولن "لا" كبيرة لكل من يرفض وصولهن للبرلمان.. هؤلاء من تستحقن الفوز بكراسي البرلمان..
فمن أجل البحرين الحضارة، ومن أجل أجيالنا القادمة، ومن أجل شراكة أكثر قوة، صوتوا للنساء الكفؤات، لنقدّم بهن الشكر والعرفان لأمهاتنا وجداتنا اللاتي كافحن ودفعن بنا جميعاً، رجالاً ونساءاً على حد السواء، للأمام من أجل نصرة الوطن وتقدمه..