خريطة البرلمان البحريني القادم (2006)..

ونحن على بُعد سويعات معدودة من انتهاء الإقتراع السري وإعلان نتائج الانتخابات، باتت صورة الخريطة السياسية للبرلمان القادم واضحة المعالم.. ولم يعد من يشكك في تلك الصورة، إلا في مجال الدعاية الانتخابية أو المزايدة السياسية لبعض المراوغين المتخفين خلف قناع البراءة من الأمراض السياسية الخطيرة المهيمنة على المجتمع، وهم منغمسين في أعمق بقاعها..
لم يعد خافياً إن الخريطة السياسية للبرلمان البحريني القادم (2006) ستتكون بغالبيتها، من عناصر الإسلام السياسي، وسيكون من نصيب المستقلين في هذا البرلمان أقل من 20%، حيث لا يمكن إلا وضع الفائزين (إن وجد) من أصحاب الهويات السياسية الأخرى، المتحالفة مع التيارات الإسلامية، في خانة حلفائهم من ذلك التيار الإسلامي أو الآخر اللذين أوصولوهم إلى قبة البرلمان في الدورة الأولى أو الثانية.. وهذه هي الحقيقة الأولى التي لا ينكرها قادة هذه التيارات الإسلامية المدافعين بشراسة لإيصال أكبر عدد من قوائمهم الانتخابية، والمتحالفين معهم، لتكوين الاصطفاف المرسوم له في أجنداتهم داخل البرلمان..


والمستقلون المتوقع فوزهم، فيبدو واضحاً بأن العدد الأكبر منهم سيكون من الطائفة السنية لبُعدها من ثقافة الولاء للمرجعيات الدينية وما يتعلق بهم من فتاوى سياسية. أما المستقلون المتوقع فوزهم في مناطق الشيعة (إن وجد)، وخصوصاً في القرى التي لازالت تؤمن بولاءاتها المحلية، فيرجع سبب هذا الفوز لإصرار أبناء هذه المناطق بترشيح وانتخاب أبناء مناطقهم الذين لم تضمهم قوائم التيار الإسلامي الشيعي، التي فرضت على هذه القرى شخصيات بعيدة عنها..
أما الحقيقة الثانية، فهي حول الأجندات السياسية القادمة للبرلمان، كما جاءت في تصريحات المترشحين، التي هي في الواقع معدة منذ ما قبل الانتخابات السابقة، التي قاطعوها لإسباب سياسية، كان المخفي منها أكثر من المعلن.. فتأجلت تلك الأجندات ليبدأ تفعيلها في ظروف شعبية وسياسية أكثر قبولاً، بعد فترة طويلة من التصعيد والتشنج والاحتقان السياسي الذي كان أخف وطئاً في مرحلة الإنتخابات السابقة، من جهة.. بينما كانت ظروف المنطقة، في انتخابات 2002، تدعو للتريث في طرح تلك الأجندات بانتظار نشوء أرضية سياسية داعمة لها على المستوى الإقليمي، يمكن استثمارها وتوظيفها على الساحة المحلية، من جهة أخرى.
وبإيجاز شديد، وبعد كل ما تم طرحه خلال شهر من الحملات الانتخابية، وضمن الحقيقتين اللتين ذكرناهما، سيكون البرلمان البحريني القادم مشحوناً بالبعد الطائفي، الذي ستُستخدم فيه الملفات التي جيّرتها المعارضة طائفياً في الفترة الماضية، لتخلق أزمات متكررة، داخل البرلمان وخارجه، سيتم استثمارها في الضغط النفسي نحو التشريع الطائفي الذي من شأنه أن يقسّم المجتمع بنصوص قانونية.. حيث التقسيم، بشكل أو بآخر، هو الهدف الحقيقي والخفي خلف كل تلك الملفات التي لو تم إبعادها عن الحس الطائفي لتم تقييمها بشكل عقلاني لإيجاد الحلول المناسبة لها، سواء على المستوى السياسي أو التنموي.
وفي النهاية، يجب أن يعرف الناخب بإنه هو من يرسم خريطة البرلمان الذي سيمثله، وإن خياره الانتخابي يعتمد على ما يملكه من بعد ثقافي وسياسي يحمي به وطنه ومدينته وقريته وعائلته ومكتسباته.. وبالجانب الآخر، ستكون خريطة البرلمان القادم بسلبياتها وإيجابياتها مؤشراً آخر حول خريطة الثقافة السياسية ووعي المجتمع البحريني..


كلمات دالة: