من المستفيد من حرب أهلية طائفية في العراق؟...

لم يمر في تاريخ العرب عصر كان فيه الدين عامل فِرقَة وتفتيت وتقسيم كما هو حال هذه الأمة في عصرنا الحاضر، وهو عصر زرع فيه الاستعمار البريطاني بذور أسوأ أنواع التفتيت الطائفي وجاء الاحتلال الأنجلوأمريكي راجياً حصد ثمارها.


خلال ما يقارب نصف قرن استخدم أعداء الأمة العربية كل وسائل التقسيم والتفتيت والتفرقة ضدها، فلم يفلحوا في إنهاء أواصرها كأمة، فلجأوا إلى ورقة الدين، التي اكتشفوا من خلال تجربتهم في القرون الأروبية المظلمة، إنها أسوأ وأقسى وسائل تفتيت وحدة الشعوب والأمم، فارتأى الخيار الاستعماري استخدامها لإنهاء عوامل ترابط هذه الأمة، وقصم وحدة كيانها، وتشتيتها بين الولاء لطائفة وأخرى، وجعل الطوائف فوق الأديان، والأديان فوق الأوطان، والأوطان فوق الأمة... وهكذا!?.. فهل يا ترى يحمي هذه الأمة وعي أبنائها بهذه الحقيقة التي ما فتئ الأعداء يلعبون على أكثر أوتارها شداً منذ العام 1979 وحتى اليوم؟... وهو اليوم الذي يمثل تفجير مرقد الإمام الهادي رضي الله عنه في سامراء العراق، أوضح المؤشرات الدالة على حقيقة استهداف وحدة الأمة بالطائفية الجاهلية؟... هذا ما أثبته شعبنا العربي المسلم في العراق حتى يومنا هذا في وأدهم لكل فتنة طائفية يشعلها أعداء الامة، من شعوبيين ومحتلين، منذ ثلاث سنوات في العراق، ولا زالوا مستمرين في إطفائها كلما تم إشعالها، رغم كل التعتيم الإعلامي على المجازر والمذابح التي تمارس ضد العراقيين بدلاً من السجون التي انكشف أمرها.
يذكرنا الواقع العراقي اليوم بذلك التاريخ عندما تمكّن الشاه عباس الصفوي من احتلال بغداد بعد مقاومة ضارية (1623م/1033هـ-1638م/1048هـ)، والذي يروي المؤرخون المعاصرون أحداثه كالتالي (مرتضى نظمي زاده) "إن القوات الفارسية فتكت بالكثير من السكان وإن من سلم من القتل لم يسلم من التعذيب، وأن العديد منهم أرغموا على ترك بيوتهم ومغادرتها، وإن الأمان الذي نودِيَ به كان أماناً خادعاً، إذ تلا ذلك اضطهاد منظّم" (الحدود الشرقية للوطن العربي، دراسة تاريخية - ص 47، الدكتور علاء موسى كاظم نورس/ دار الحرية للنشر، بغداد)
ولإن كنا اليوم بأمس الحاجة لهذا الوعي، فإننا نجد لزاماً علينا أن نستمر في نشره وتوضيح الحقائق بهدف إفشال تلك الاستراتيجيات المعادية، وبانتظار نصر من الله وفتح قريب... وإليكم الحقائق التي تتوارد من العراق منذ تفجير المرقد الشريف حتى الآن:
أولاً: لأن كان القتل المتعمد لطاقم فضائية "العربية" (الشهداء: المراسلة أطوار بهجت، والمصور عدنان عبدالله ومهندس الصوت خالد محسن) مثيراً للتساؤل فإننا نورد هنا ما جاء على لسان شهود العيان بخصوص تلك المجزرة: "قام بعض افراد الشرطة في سامراء بالقاء القبض على ايرانيين اثناء التفجير لتورطهما فيه، ولكن حال وصول صولاغ (وزير داخلية العراق، الإيراني الأصل) أمر بإطلاق سراحهما، وكانت هذة الحالة مصوره من قبل كادر العربية، الذي أحس بالخطر وهرب إلى الدُوْر ولحقوهم إلى هناك وقد قتلوهم وأخذو الاشرطة، وفلَت واحد منهم وهو مختفي حتى الآن، وإن الدُوْر محاصرة حتى الآن بحثا عن الناجي من مجزرة المراسلين لقتله لتجنب كشفه لحقيقة ما جرى ودور الايرانيين في تفجير المرقد".
ثانياً: في أول بيان للقيادة الموحدة للمجاهدين في العراق (رافدان) بعد عملية التفجير وتصعيد الفتنة الطائفية جاء التالي:
"منذ اكثر من ألف سنة، يرقد الأئمة عليهم السلام، آمنين برعاية سامراء وأهلها، ولكن عصابات الفرس الفاشية وشرطة الشيطان وزير الداخلية، وبحماية المحتلين واليهود، دبروا بليلٍ جريمة لا تغتفر، بحق الأئمة والإسلام والعراق، ففجروا القبة، وحرقوا المساجد، والمصاحف، ومراقد الأولياء الصالحين، وقتلوا المسلمين والمصلين كما قتلوا الصحفيين لمحو الجريمة".
ويقول البيان "هل يعقل أن يكون مسلماً، من يحرق المصحف وبيت الله، إنه مجرم بدم فارسي، وهل نصدق أن من يقتل المؤذن والمصلي مسلماً، إنه جزار بدم يهودي أو إنكليزي وهل يعقل أن يقوم المسلم بقتل المسلم على الهوية في بيته وأمام أهله في بغداد والبصرة وغيرها؟.
إن كل عراقي ومجاهد ومقاوم يعرف المجرمين بوضوح، إنهم المحتلين لزرع القتال الطائفي، لكي تنهار المقاومة الوطنية، إنهم حكام إيران الفرس الذين دمروا مراقدنا المقدسة أيام الحكم العثماني فهم لا دين لهم وفعلوا ذلك احتفالا بعيد نوروز القادم.
إنهم زمر القتلة من الفاشية الطائفية الجديدة الذين ساعدوا المحتلين بدخول بغداد وسرقوا متاحفها ومصارفها بإمرة زعيم يدعي الوطنية ويخطط في دهاليز (قم)".
وبناءاً عليه تعلن القيادة الموحدة للمجاهدين لشعبها العراقي التالي:
"1- ستقوم فصائلنا المجاهدة بحماية أهلنا في كل منطقة من هجوم عصابات الغدر الإيرانية ومن معها، ومن يعتدي لن يخرج سالما .
2- ندعو إلى الحفاظ على روح التعايش العراقية بين الأديان والطوائف، التي زرعت منذ قرون بفضل الله تعالى، وندعو إلى تصفية كل من يسعى إلى تدميرها.
3- سيتم كشف العملاء في كافة المناطق، ومعرفة من حرق المساجد والمصاحف والمراقد ومن قتل المسلمين، وسنقوم بمحاكمتهم وإنزال العقاب اللازم .
4 - إن المجاهدين الذين وهبهم الله تعالى القدرة على محاربة جيوش المحتلين لن تقبل بزرع الفتن بين الشعب ولن تسكت عن جرائم المندسين بين رجال الدين الأفاضل لتشويه ديننا وتدمير الوطن، لحساب حكومة الفرس.
5- كل من يحكم العراق سواء المحتلين أو حكومتهم، متفقين على القيام بالمذابح اليومية والمجازر الطائفية، بدلا من السجون، كما أوضحنا مراراً في بياناتنا السابقة، فهل يصدق عاقل أن مجرم الحرب بوش وجيشه لا يستطيع إزاحة حكومة الطوائف بدقائق، ويطرد عصابات بدر والدعوة إلى إيران، بدلا من أن يشتكي سفيره من الطائفية؟؟
يكفينا القول أن المحتلين يدربون جيش العصابات وشرطة الشيطان منذ سنوات بأموال نفطنا لينفذوا كل مخططاتهم لتدمير العراق بيد محلية!
6- إن القيادة الموحدة للمجاهدين تؤكد أن المحتلين فضحوا عجزهم عن البقاء في وطننا ويحاولون تدمير ديننا ومساجدنا، كجزء من الحملة الصهيونية الأمريكية ضد الإسلام في العالم، بعد أن جربوا كل أسلحة الدمار الشامل ضد شعبنا، وسيستمرون في الأشهر القادمة، بإشعال الحرب الطائفية والذبح على الهوية، أما الإنكليز والأمريكيون، فهم صامتون كما حدث عندما دبروا جريمة جسر الكاظمية!".
ولم تقتصر جرائم المحتلين في العراق على حرق بيوت الله والمصاحف وعلى تفجير المراقد وترويع الآمنين، لأن ما يدور في الأقبية السرية من تعذيب يشيب له الطفل الرضيع... ومن هذه الأقبية سننقل اعتراف أسير عراقي تمكّنت عشيرته من إخراجه من تلك السراديب بعد تعذيب طال أشهر طويلة وصل فيها إلى حد الموت والجنون...
في المقال القادم إقرأوا ماذا يجري في سجون العراق الجديد والديمقراطي...