إن أكرمت الكريم.. من أسود الرافدين

شفتوا لاعب في الملاعب يلعب وإيده على جرحَه
هـذا لاعبنـا العـراقي من المآسي جاب فرحَه
(كريم العراقي)

نسي العراقيون فرحتهم بفوز فريقهم بكأس آسيا في كرة القدم، الذي أنساهم أحزانهم، وتوجهوا من كل صوب بالتحية والإجلال والإكبار لسمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء وحاكم دبي، على مبادرته المُزدانة بكل معاني العروبة عندما أكرم أعضاء الفريق العراقي وأمر بنقلهم من إندونيسيا إلى دولة الإمارات على متن طائرة الخطوط الجوية الإماراتيه، ليحتفل بهم مع الجالية العراقية والشعب الإماراتي، وبالفوز الذي استحقوه بجدارة رغم ما يعيشونه من محن تئن من حملها الجبال..
ولأنهم، بفعل الاحتلال، باتوا في الشتاب لا يملكون ما يردوا به على كرم هذا الأمير العربي، وهم الكرامُ، أبى العراقيون الأُباة إلا أن يقدّموا له أخلص تعابير الإمتنان وأعذب الألفاظ العراقية الشجية من خلال كل ما توفر لهم من وسائل الاتصال والتواصل الحديثة.. فكتب العراقيون من كل صوب معبّرين عن اعتزازهم وفرحتهم بالمبادرة العربية القادمة من الخليج العربي لتلملم بعضاً من جروح العراق.. فما كان الكرم العراقي أقل من كرم أميرهم العربي حتى توجه له الكاتب العراقي الدكتور عبدالكريم الجبوري قائلاً "عملاق عربي أنت يا صقر الصقور وفارس النخوة والذخيرة عند الشدائد.."..


أما أجمل ما كتبوه فقد جاء في رسالة من الأديب الدكتور عبدالستار الراوي إلى الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ونشرتها المواقع العراقية تحت عنوان "المواطن العربي الأول".. وهو نص تكريم يحمل أخلص كلمات العرفان العراقية، ننقله كما جاء:
"الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الموقر
أصافحك بحرارة وألقي السلام الجميل إلى قلبك النبيل، الذي ضم بين حناياه, أبناءنا أسود الرافدين, الذين أنزلتهم خير منزل، مُعَزّزين مُكَرّمين بعد أن ضاقت عليهم أقطار الدنيا وسُدّت في وجوههم بوابات الوطن الجريح.. إن مبادرتكم الأبوية في استضافة أبنائنا العائدين من بطولة آسيا، وتمكين الجالية العراقية من الاحتفاء بمنتخبهم الوطني، ليست إلا واحدة من مبادرات متصلة تنبع من عين جارية, بمآثر شعبنا العربي الأصيل في هذا الجزء العزيز من وطننا الكبير، الذي عوّدنا طوال تاريخه بقيادة الشيخ المرحوم زايد على مكارم أخلاقه الفياضة مؤكدا سجاياه الأصيلة: شيمة, ونخوة, ومعاونة, وهو يسعى بكل مسؤولية والتزام إلى لملمة جراح العرب في هذا الجزء أو ذاك تخفيفا لمعاناة أبنائنا في الملمات والمحن والارزاء..
واذ تجيء لمستكم الحانية اليوم, وفي هذا الزمن العراقي البالغ الأسى والإيلام, والمفعم بالحزن والغربة والفجيعة فإن لها في نفس ووجدان كل عراقي وعراقية معان تفوق دلالاتها حدود المآثر الكريمة, وتتخطى اللفتات السخية, إلى أفق وضيء بسجايا المواطن العربي الأول وفضائله الرفيعة التي تعبّرعن شجاعة الرجال وأصالة الفرسان: شيمة, ونخوة, وبساطاً سخياً على امتداد افئدة وعقول أبناء الرافدين.
لقد ملأت أيها المواطن العربي نفوس أشقائك العراقيين النازفة بأوجاع الوطن والمتناثرين في أصقاع الأرض.. ملأتها بكل هذه المحبة بعد أن أضفيت بمبادرتك الحميمة تلك اللمسة الحانية على جرحنا الوطني الغائر..
هاهم العراقيون صوتا واحدا هنا في مصر العروبة كما في بلاد الشام كما في أقطار العرب الاخرى وبلدان العالم يقفون في الداخل والخارج صفا واحدا تحت علم الوطن الواحد.. هاهم كما كانوا دائما يتحدثون بلغة الجسد الواحد إذ اشتكى منه عضو تداعى له سائرالجسد بالسهر والحمى..
هؤلاء أبناء الرافدين الذين خَبَروا معادن االرجال من طراز فارس يعتلي صهوة الجياد العتاق يدركون تماما بأن لقب المواطن العربي الاول يليق بصاحبه وهو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم...
ها هم أهلي وأبناء بلدي يقرؤونك السلام العذب محبة وعرفانا من البصرة والنخيل البرحي، من بساتين بعقوبة, وقباب الإمام الحسين, ومحراب الشيخ الكرخي, من عذوبة الفرات وأنين النواعير, من الحدباء, والفيحاء, من القائم وكربلاء، من المنصور وباب الشيخ.. من عذوبة رائحة الليل في خضر الياس, ودعاء الأمهات الطاهرات
تحيات كل عراقي يثق بالغد ويؤمن بوحدة بلاد الرافدين, الوطن الواحد الأحد, الوطن الأسد, الذي عاجلا أم آجلا سيلحق الهزيمة الأبدية بالغزاة والقتله والطغاة..
إنني أكاد أسمع الآن أبا نؤاس والمتنبي والسيّاب وهم يقرضون معا قصيدة واحدة.. عنوانها الأمل..
أيها المواطن العربي الأول, الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم..
سلام لك حتى مطلع الفجر.."
أما نحن فلا يسعنا أن نعلق على هذا العرفان العراقي الوارف بمكرمة دولة الإمارات العربية المتحدة إلا بالمثل العربي المعروف "إن أكرمت الكريم ملكته.." يا سمو الأمير، ويا أيها الزعماء العرب... ونكرر ما قاله شاعرنا كريم العراقي في قصيدته لهذا المنتخب..
يـا أسـود الرافـدين ياسـلام الله عليـكم
غِيْرة واخـلاص وحميّة الكـاس هو يبوس إيديكم