هجمات 11 سبتمبر والخديعة الكبرى

نشرت أخبار الخليج في عددها ليوم الأحد 8 يونيو 2007 بالمانشيت العريض تصريحات الوزيرة الفرنسية كريستين بوتان حول إحتمال أن يكون الرئيس جورج بوش وراء هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي التجارة العالمية في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، وهجمات أخرى قيل إنها لم تُنَفّذ كان مبنى البيت الأبيض أحد أهدافها.. ولأن الوزيرة المذكورة ليست أول شخصية تتحدث عن هذا الإحتمال التآمري حول تلك الأحداث، حيث سبقها الكثيرون ونشر عدداً من الكتب في هذا الشأن، فإن ما يثير الإنتباه والمزيد من الريبة هو هذا الجهد الأمريكي الكبير في التعتيم الشديد، بالسكوت، على تفصيليات تلك الأحداث، وبالتالي في إسكات كل الأصوات المتحدّثة في هذا الشأن، حتى وصل الأمر إلى حد التهديد والتعتيم والإقصاء والتهميش لأي دور أو فرد أو مؤسسة تتجرأ الخوض في هذا الإحتمال التآمري الأمريكي في أحداث 11 سبتمبر، رغم إن العديد مما نُشر استند إلى الدراسات العلمية والهندسية والميدانية والبحثية والسياسية.. وأكبر مثال على ذلك هو الحجم الكبير من التهديدات والمضايقات التي تعرّض له الباحث الفرنسي تيري ميسان (حسب تصريحاته)، وهو مؤلف كتاب "الخديعة الكبرى" الذي وضع فيه الأدلة العلمية والميدانية حول كذب الإدعاءات الأمريكية في أحداث 11 سبتمبر، فكان كتابه الصادر عام 2002 في مقدمة أفضل الكتب الفرنسية مبيعاً (ملاحظة: لم يقابل هذا الكتاب بأي إهتمام على المستوى العربي، حتى جاءت ترجمة وطباعة ونشر وتوزيع النسخة العربية في مستوى متدني جداً)..

وهنا نلفت الانتباه إلى ما يمكن أن تكون قد تعرضت له الوزيرة المذكورة من إرهاب فكري دفعها للتهرب من تصريحها فيما بعد، ودفع المتحدث الرسمي بإسمها لإنكار حجم ذلك التصريح، رغم إنه قد نُشِرَ على مواقع الانترنت وعلى صحيفة اللوموند الفرنسية.. وهذا ما يدعونا للحديث عن هذه الأحداث التي كانت السبب الرئيسي في إعلان الرئيس جورج بوش عن بدء الحرب الصليبية على الأمة العربية في 20 مارس 2003، عشية بدء الغزو الأمريكي على العراق، دون أن يجرؤ باحث أو كاتب عربي حتى الآن على تفنيد تلك الإدعاءات التي ألصقت تهمة الإرهاب بالأمة العربية دون باقي أمة الإسلام، بل باتت وسائل الإعلام العربية، ونجوم فضائياتها، هم الأكثر ترويجاً للتهمة وللحروب التي قامت بإسمها.
في مقدمة كتاب "الوجه الخفي لأحداث 11 سبتمبر" (ترجمة د. عصام المياس، من دار الخيال للطباعة والنشر، 2005) يقول مؤلفه الكاتب والصحفي والدبلوماسي الفرنسي المحنك إريك لورو "إن السكوت هو السبيل الأكيد لقتل الحقيقة"، وفي هذا يشير إلى ما واجهه من تسلّط السكوت والتهرّب من الإجابة على ما طرحه من أسئلة في بحثه عن الحقيقة حول تلك الأحداث والذي قاده للتنقل إلى كل من أفغانستان وباكستان والعراق ودبي وقطر والولايات المتحدة وإسرائيل وبريطانيا على مدار عشرة أشهر متواصلة ليقول بعد ذلك "إن المعلومات التي استقيتها وضمّنتها في كتابي هذا، والتي أردت إيرادها من دون مجاملة، تدحض الحقائق المقبولة وترسم لوحة مقلقة ومزعجة" ويواصل تساؤلاته قائلاً "هل يوجد ما هو قبل وما هو بعد 11 سبتمبر؟، هل حدد هذا الحدث ولادة عالم جديد كما يعتقد العديد من المراقبين؟، إذا كان الأمر كذلك، فإن هذا المنعطف الجذري قد بُنِيَ على سلسلة من الأكاذيب ذات خطورة لا سابق لها".
ورغم إن الكتابين المشار إليهما يحملان الكثير من الأدلة والإثباتات على صحة تصريحات الوزيرة الفرنسية، إلا إننا نضيف لهما هنا رؤيتنا من واقع ما نعيشه من أحداث منطقتنا منذ ذلك التاريخ المشؤوم..
أولاً: إن الكذب والتآمر وجرائم الحرب باتت سمة الإدارتين الأمريكية والبريطانية في عهد جورج بوش وتوني بلير، وقد تم تأكيد كذب كل الإدعاءات التي روّجت لها هاتين الإدارتين لغزو واحتلال إفغانستان والعراق، فكيف يمكن تصديق تهمة الإرهاب في أحداث 11 سبتمبر، والتي باتت تُدعى بـ"الخديعة الكبرى"؟!..
ثانياً: بمسحٍ سريع حول حجم الدمار والمذابح والعنف المتوحش الذي مارسته هاتين الإدارتين في العراق وأفغانستان بذريعة 11 سبتمبر، يمكن إثبات أن هاتين الإدارتين (الأمريكية والبريطانية) تعملان خارج إطار جميع القوانين الوضعية والسماوية، وكل الأعراف الإنسانية والمواثيق والمعاهدات الدولية التي تم وضعها خلال نصف قرن تلت حربين عالميتين مدمرتين للبشرية في القرن العشرين.. فهل من يقوم بذلك الإحتلال الهمجي والمذابح والجرائم اليومية وقتل مئات الألوف من البشر كل يوم في العراق وأفغانستان يصعب عليه أن يقوم بجريمة تفجير برجين في نيويورك أو بذلك الهجوم على البنتاجون الذي لم يُقتل فيه أحد؟.. وهل يُستبعد على من يمارس جرائم التعذيب الوحشي في سجن ابوغريب وسجن بوكا وجرائم اختطاف البشر وسجنهم في سجون سرية في أقاصي الأرض بدون محاكمة، وخلق الرعب في العالم لتفادي أية معارضة لسياساتها، هل يُستبعد عنه القيام بجريمة 11 سبتمبر في حق شعبه؟! لإقناعه بأن أمنه في خطر فيجب تحمّل كل تبعات الحفاظ على هذا الأمن، حتى لو كان ذلك يستدعي إرسال أبنائهم لجحيم الحرب في أفغانستان والعراق وعودتهم جثثاً ملفوفة بالعلم الأمريكي أو مقطّعي الأطراف يتنقلون بالكراسي المتحركة؟!.. أليست تلك الجريمة في 11 سبتمبر هي التي أطلقت يد البطش الأمريكي بشعوب العالم من غزو واحتلال للوصول إلى منابع النفط؟.. ألا تؤكد كل تلك الحروب التي لم يكن لها أي سبب حقيقي، الا تؤكد نظرية التآمر الأمريكي في الهجوم على برجي التجارة العالمية والبنتاجون؟.
ثالثاً: أما الإدارة البريطانية فإنها أذكى من أن تقوم بعملية تفجير واحدة قد ينساها شعبها على مر الزمن، ففضلت أن تستهدف أمن شعبها بين الفترة والأخرى بحوادث متفرقة، فجاءت بحادثة القطارات في صيف العام 2005، و حادثة مطار جلاسكو في صيف 2007، لنشر الرعب بين الشعب البريطاني، مع إبقاء كل نتائج البحث والتحري في هذه الحوادث طي الكتمان رغم إن ما يتم نشره يقتصر لمعايير الإقناع والمنطق.. فمَن يقتنع بأن من يُدعى بالـ"أرهابيين"، الذين قاموا بأدق عمليات الهجوم تعقيداً على برجين في نيويورك ومعقل الدفاع الأمريكي، هم من الغباء كي يرسلوا أحدهم على إحدى الطائرات البريطانية مع سوائل يصنع منها متفجرات أثناء الرحلة ليفجر بها الطائرة، حسب الإدعاءات البريطانية في صيف 2006؟!..
بهذه الأحداث، منذ 11 سبتمبر 2001، تمت السيطرة على شعبي هذين البلدين تحت هاجس الخوف المستمر، فأصبح الأمن مطلباً يبرر كل القوانين التي جاءت منذ ذلك التاريخ لتقيّد حرياتهم وتفرض عليهم إلتزام السكوت على ما يُدعى بالحرب على الإرهاب، وفي هذا يقول الكاتب السوري د. ثائر الدوري "يبدو أن هذا هو حقا الفرق بين الديكتاتورية والديمقراطية: الأولى تقمعك رغما عنك، والثانية تجعلك تتوسل إليها أن تقمعك برضاك".. حتى بات الغزو والإحتلال وذبح الشعوب وخيانة الأوطان من الممارسات الديمقراطية في هذا العصر..
أما الشيء الحقيقي والأكيد في مسلسل هذه الأحداث الملفوفة بالأكاذيب الأنجلوأمريكية هو إن هذا الإحتلال في العراق لن يدوم طويلاً، وإن العراقيين الذين قالوا عنهم كذباً بأنهم سيستقبلون الغزاة الفاتحين بالورد والرياحين قد أخذوا بثأرهم حتى باتت إمبراطورية الاحتلال تترنح تحت أشعة شمس بغداد الملتهبة.. فياترى ما هي الأكاذيب الجديدة التي ستديرها الإدارتين الأمريكية والبريطانية لتبرير الإنسحاب القادم لا محالة؟..