الوطن فوق كل اعتبار،، شعارنا وإيماننا

لا يمكن لأي متابع ومراقب للقاءات سمو الشيخ خليفة بن سلمان، رئيس الوزراء، مع الصحافة، ومع المواطنين، ومع مريديه، ومع معارضيه، ومع من يناصبه العداء لصالح سياسات خارجية ليست بخافية، إلا وأن يقر بأن في كل تلك اللقاءات كانت كارزماتية سموه هي الغالبة.. فكما يقتبس منه الصحافيون، ويتأثر به مريدوه، وينحني أمامه المواطنون، فإن أولئك المعادون والمعارضون له يهرولون في حضرته للحصول على تحية منه أو وقفة معه.. ومن المعروف في علوم الإدارة والقيادة إن هذه السمة هي أولى علامات الكاريزما القيادية التي إن لم تلد مع الإنسان ولم تكن من صفاته الجينية الأولى، فإنها تُخلق بالتعامل المباشر مع الجماهير من مواقع إدارية عليا، وتنمو مع الخبرة المستمرة، وتنضج مع الزمن، وتكتسب الحكمة من التاريخ والأحداث التي تعترك القيادات بأهوالها وكوارثها وتعلو ببصيرتهم وتزيد من إيمانهم بالسمو الإنساني..
ذلك هو رئيس وزراء البحرين، الشيخ خليفة بن سلمان آلخليفة، الذي التقيناه (عائلة أخبار الخليج)، في مجلسه حول أحاديث استمرت على مدار ثلاث ساعات دون تعب أو كلل.. وتلك هي مميزات هذا الإنسان البحريني الوفي الذي لا يستطيع كل من عاصره وواكب تاريخ البحرين المعاصر إلا وأن يعترف بدوره الأول في بناء هذه الجزيرة الجميلة وتطورها ونموها المشهود خلال أكثر الظروف التاريخية صعوبة، بعد تخلص المنطقة بأسرها من الهيمنة الاستعمارية المباشرة..


إن كان نحت الصخر والحجر، وبناء المدن والشوارع، وتطوير القرى والصحارى، تعد من الأمور العلمية المضمونة النجاح في الاستراتيجيات الهندسية، فإن بناء الإنسان وتطوير الشعوب والمجتمعات تعد من الأمور التي يصعب التنبؤ والتأكد من نجاحها إن لم تكن قائمة على أسس ومعادلات موزونة بإتقان وجودة تدخل فيها عناصر الإخلاص والوفاء والإرادة الإنسانية والقيادة المخلصة والحكيمة.. وهذا ما نجحت البحرين في تحقيقه خلال ما يزيد على ثلاثة عقود من مرحلة بناء الأرض والإنسان، كان خليفة بن سلمان مهندسها.. فكانت عملية بناء جماعية إشترك فيها البحرينيون قيادة وشعباً.. نعم، اشترك فيها كل بحريني عاش على هذه الأرض، خلال عقود البناء تلك.. لذلك يثمّن هذا الشعب كل منجزاته ومكتسباته التي بناها بتراكم تاريخي فذ، بينما لا يلقى هذا الإنجاز وهذه المكتسبات تقديراً من لدن بعض من ترك الوطن من أبنائه ولم يعاصر تلك الفترة الهامة من تاريخه، أو ممن لا يملك الولاء لهذا الوطن بمقوماته التاريخية العروبية.. فناصب بعضهم العداء لكل تلك المرحلة بما فيها من إيجابيات وسلبيات، حتى بات سهلاً على ذلك البعض تقزيم هذا الإنجاز البحريني، وتدمير صرح الوطن، وتبديد مكتسبات شعبه.
في لقاء استمر ثلاث ساعات جسّد مضيفنا كل معاني الأبوة الحريصة على لم الشمل العائلي، في وحدة وطنية لا يمكن تفتيتها أو شحذ همتها.. فشذّ سموه عن سلوك النظام العربي الرسمي ليبعث إلى أبنائه رسائل واضحة حول حجم وهول الضغوط السياسية الخارجية المفروضة على بلداننا.. ويحذّرهم من التهاون في حق الوطن "فمن يُشرّد من وطنه لا يرجع لها، هذا ما أثبتته أحداث منطقتنا العربية التي نشاهدها منذ عقود ولازالت ماثلة أمامنا.. فهل عاد أولئك الذين تم تهجيرهم إلى أوطانهم".. فالوطن هو الملاذ الأول والأخير للإنسان "حافظوا عليه"..
مصداقية عالية في الدعوة للحفاظ على أمن ومصالح الوطن... محاولة مخلصة في نقل أقصى ما يمكن لرجل الدولة البوح به إلى زائريه... الإعلان عن تقدير شخصي لصحيفة أخبار الخليج... الحث الأبوي للصحافة والصحافيين في لعب أدوار وطنية واعية وإيجابية من خلال عملهم الإعلامي... فهم ووعي عالي لدور الإعلام في رفع وتصحيح الوعي... الدعوة لتوجيه النقد البنّاء والتذكير بمواطن المخالفات القانونية والأخطاء... التمسك بالهوية والمواطنية..
هذه كانت محاور حديث خليفة بن سلمان مع أخبار الخليج يوم الثلاثاء 21 أغسطس 2007، فكان صادقاً ومخلصاً في دعواه مما جعل هذا الطاقم الإعلامي في نهاية اللقاء أكثر قرباً لفكره، وأكثر انفتاحاً على حديثه، وأكثر معرفة بتفانيه وإخلاصه وحرصه على الوطن، وأكثر إيماناً برسالته "الوطن فوق كل اعتبار"..
وأخيراً كان لنا فسحة لإبداء الرأي المباشر فيما جاء في كلمة سموه بذلك اللقاء.. سيكون موضوع مقالنا القادم..


كلمات دالة: