شرم الشيخ، والتفاوض الأمريكي الإيراني حول العراق.. لمصلحة مَن؟؟

"في شرم الشيخ لا حقائق سوى التلفيق, تلفيق الخضرة في قلب الصحراء, تلفيق السلام على تخوم الحرب وانعدام الأمان, تلفيق المصالحة في مهب الخلافات... لأنه «مافيش حاجة هنا ما بتنباعش» حسب تعبير بائع نوبي في سوق الشرم العتيق".
سعاد جروس (كاتبة/صحفية)

لم يخرج مؤتمر شرم الشيخ الأخير حول العراق بأية نتيجة إيجابية لصالح الشعب العراقي الواقع تحت أرذل أنواع الاحتلالات.. وكل ما قيل وأعلن عن مؤتمر الشرم لم يتعدى حدود الشعارات والأكاذيب والدجل، إلا أمر واحد وهو اللقاء الإيراني الأمريكي، والموعد الذي حدده الطرفان للإلتقاء والتفاوض حول مصالحهما بمقايضة العراق...

وقد تم ذلك اللقاء في موعده، يوم الأثنين 28 مايو 2007، بينما لم يتحقق أي وعد آخر، من ذلك السخاء الذي عرضه المؤتمرون، فيما يخص المنح والمساعدات لإعمار العراق وإنقاذ العراقيين من الجحيم الذي يعيشونه..
لا يهمنا هنا مناقشة حيثيات هذا التفاوض الذي نعرف مسبقاً إنه سيصب في ترسيخ المزيد من التعاون وتحديث أوراق التحالف والوعود التي قطعها الطرفان لبعضهما على الحرب وغزو العراق واحتلاله، وتنظيم المزيد من العمل الميداني والمستقبلي ضد العراق وشعبه والمنطقة العربية بمجملها.. ولكن ما يهمنا هنا هو حدث اللقاء ذاته، الذي يجب أن يؤكد لكل المتشككين في الدور الإيراني بالمنطقة، قوة العلاقة التي تربط جارتنا المسلمة مع قوى الغرب (الشيطان الأكبر) ضد مصالحنا العربية عموماً..
من المثير للحيرة كيف ينسى البعض إن المنطقة كلها كانت تتحدث قبل شهرين من موعد هذا اللقاء، الإيراني الأمريكي، عن احتمال ضربة عسكرية أمريكية لإيران، حيث حل الجزع والخوف في القلوب من ردة الفعل الإيرانية ضد منطقة الخليج العربي، فانشغل النظام الرسمي والشعبي العربي بهموم هذه الضربة "المحتملة"، بينما القوات الأمريكية وعملائها من الميليشيات المنخرطة في الجيش كانت، ولاتزال، تدير مؤامرة تقسيم بغداد على أرض الواقع، تحت مسمى الخطة الأمنية (التي نسينا ترتيبها العددي لكثرتها)، وتبخّر كل ما له علاقة بتلك الضربة العسكرية "المحتملة" حتى وصل الطرفان (العدوان الحميمان)، بسهولة ويسر ومن خلال طاولات ووفود المفاوضات العربية، إلى طاولة المفاوضات السرية في بغداد، دون أن يكون لأي جار عربي أي دور فيها، حتى إن الطرف العراقي (الحكومة العراقية المعينة) الذي حصل على مجرد فرصة لحضور الاجتماع الافتتاحي اعتبر حصيلته نصراً دبلوماسياً، بينما يتم كل ذلك على أرض العراق وحوله..
ونحن إذ تنبأنا مبكراً بأن إيران لن تكون قط هدفاً عسكرياً للغرب، الأوروبي والأمريكي، فإننا نثبت ذلك كل مرة من خلال أحداث المنطقة المتسارعة في حركتها لنؤكد تحليلاتنا المستندة على حصيلة التاريخ المستمرة في تأكيد دور إيران التاريخي ضد مصالح المنطقة العربية، وخصوصاً خلال القرون الخمسة الماضية (منذ القرن السادس عشر الميلادي).. وبعملية جرد للأحداث، ذكرناها في مقالات سابقة، نؤكد إن الجارة المسلمة إيران، كانت ولا تزال عموداً اساسياً في السياسات الغربية الاستعمارية ضد المنطقة العربية.. فياترى بأي وعي وأية ثقافة يجب علينا التعامل مع هذه الحالة التي هي اليوم جزء رئيسي في قضايا الأمة المتراكمة، لا تقل خطورتها وأهميتها عن القضية الفلسطينية والإحتلالات الغربية لأهم وأكثر المناطق العربية ثراءاً وحيوية؟!!؟.