الشيعة والتصحيح

يعد أحد الكتب التصحيحية والإصلاحية الهامة في شئون المسلمين، ويُعَد كاتبه أحد المصُلحين الذين أبدوا خوفهم العميق على الإسلام والأمة الإسلامية عموماً من مخاطر رجال الدين المسترسلين في حماية مصالحهم الأنانية تحت غطاء الإيمان، ومنهم أولئك الفاعلين بالسياسة تحت جُبة الإسلام ليحققوا مبتغى الاستعمار ضد أمتنا..

كما يُعد (الكاتب) أحد كبار الفقهاء في تخصصه الديني والفلسفي، فكان أن مات بظروف غامضة، فيها شبهة القتل المتعمّد، وتم طمر مؤلفاته لكي لا تتقدّم وتأخذ دورها من الاهتمام المطلوب، فواجه إنتاجه الفكري هجوماً شرساً من الطائفيين والشعوبيين، المتسلحين بفتاوى سرية، وضمنية، بمنع انتشاره، فخططوا حثيثاً لإخفاء كتابه هذا من المكتبات ومعارض الكتب.

إنه كتاب "الشيعة والتصحيح.. الصراع بين الشيعة والتشيع" (من إصدارات الزهراء للإعلام العربي، ط 2، 1989) لكاتبه الدكتور موسی الموسوي، الحاصل على الشهادة العليا في الفقة الإسلامي (الإجتهاد) من المرجع الديني الأعلى، زعيم الحوزة العلمية في النجف الأشرف، الشيخ محمد حسین آل كاشف الغطاء (رحمه الله)، في ستينيات القرن الماضي.. 
وكاتبنا هو، حفيد الأمام الأكبر السيد أبوالحسن الموسوي والأصفهاني مؤسس الحوزة النجفية وزعيم الشيعة في عهده، من مواليد النجف عام 1930، أكمل الدراسات التقليدية في جامعاتها الكبرى وحصل على الشهادة العليا في الفقه الإسلامي والاجتهاد.. وحصل على شهادة الدكتوراه في التشريع الإسلامي من جامعة طهران في عام 1955، والدكتوراه في الفلسفة من جامعة السوربون الباريسية في عام 1959، واشتغل بتدريس الإقتصاد الإسلامي في جامعة طهران (1962-1961) وتدريس الفلسفة الإسلامية في جامعة بغداد (1978-1968)، وتبوأ مناصب أكاديمية في الجامعات الأمريكية والأوروبية.. كما له العديد من المؤلفات منها: "من الكندي إلى ابن رشد"، و"إيران في ربع قرن" و"قواعد فلسفية" و"الجديد في فلسفة صدر الدين"، و"من السهروردي إلى صدر الدين" و"فلاسفة أوروبیون"، و"الثورة البائسة"، و"الجمهورية الثانية"، وغيرها.. 
وضع الدكتور موسى الموسوي بين دفتي كتابه "الشيعة والتصحيح..." مجمل فكره التصحيحي الذي قال عنه في صفحة الإهداء بأنه "يدافع عن الإسلام والإنسان والعقل" مبتغياً به "وجه الله ورضاه وعونه وغفرانه" متوجهاً به إلى "الشيعة في كل زمان ومكان" ومن ثم أهدى كتابه القيّم هذا إلى "كل من يتبع نداء التصحيح ويسعي لأجل مبادئه وأهدافه".. 
وقبل كل هذا يُحسب لهذا الرجل، أنه وُلِدَ وتربى في بيت الزعامة الكبرى الطائفة الشيعية، ودرس وتأدب على يد أكبر زعيم وقائد ديني عرفه تاریخ التشيع منذ الغيبة الكبرى، أي منذ سنة 329ه وحتى هذا اليوم، وهو جده السيد أبو الحسن الموسوي، الذي قال فيه الشيخ الراحل محمد حسین آل كاشف الغطاء إنه "أنسي من قبله، وأتعب من بعده".. 
إلا أن كل ذلك التاريخ العلمي والديني والفقهي، وما حصل عليه كاتبنا من علوم في حياته ونشأته التاريخية والدينية، وكل ما حمله من شهادات علمية واجتهادية وفقهية، كل ذلك لم يشفع له لدى "الزعامات المذهبية" التي جلبت للشيعة "التخلف الكبير في الحياة الدينية والفكرية والاجتماعية" حسب وصف كاتبنا الكبير.. وخصوصاً إنه كان قد أعلن رفضه التام لفكرة "ولاية الفقيه"، التي أعلنتها الثورة الإيرانية نصاً دستورياً إسلامياً، وبديلاً للخلافة الإسلامية، وأعطت ولي الفقيه صلاحيات الحكم الإلهي المطلق، أي قيام الفقية، في المذهب الشيعي، بصلاحيات الله المطلقة على الأرض.. لذلك أصدر، أصحاب هذه الثورة الفتاوی (غير المعلنة) لاجتثاثه واجتثاث ذكراه، والطعن بتاريخه، وتشويه فكره.. فاختفت مؤلفاته من أرفف المكتبات ومعارض الكتب، وأُحكِمَ التعتيم على كل أفكاره في صفوف الشيعة خوفاً من أن تفتح تلك الأفكار آفاقاً في الوعي الشيعي تكون باباً للتمرد على كل المزاعم الشعوبية وبدّعها الطائفية. 
الصراع بين الشيعة والتشيع
يقول الدكتور العلامة موسى الموسوي إن التشيع لم يكن مذهباً، ولكن فكرة التشيع هذه تحولت فيما بعد إلى مذهب فقهي، هو مذهب أهل البيت، وذلك في أوائل القرن الثاني للهجرة، "وتجلت مدرسة أهل البيت في مدرسة الإمام جعفر الصادق، الإمام السادس للشيعة الإمامية"، وتُعرف الفكرة التي ساندت مذهب أهل البيت بأنها قامت على قاعدة تقول: "إذا كان الإمام علي أولى بالخلافة من غيره، فأولاده ومن ثم حفيده الإمام جعفر بن محمد الصادق، الذي كان يُعتبر من أفقه فقهاء عصره، أجدر بأن يتبع في مسائل الدين وشئونه من غيره من الفقهاء".. ومن هنا "ظهرت المدرسة الفقهية الجعفرية إلى الوجود في عهد الإمام جعفر الصادق، الذي كان يلقي محاضراته ودروسه في الفقه وفي علوم أخرى على تلاميذه في المدينة المنورة أنذاك"...
ويسرد الكاتب تفصیلات عديدة عن الخلاف بين الشيعة وباقي الفرق الإسلامية، الذي وصفه بأنه خلاف فكري اتخذ شكلاً خطيراً كلما مرت السنوات "وبَعُدَ العهد عن عصر الرسالة"، حتى تجاوز هذا الخلاف حدود البحث العلمي والاختلاف في الرأي، واتخذ طابع العنف في مراحل أخرى.. إلا إنه يبدي حيرة شديدة في الطريقة التي اتبعتها الشيعة في أمر هام وهو أمر الخلافة، ويصف حیرته هذه بقوله إن "شعار الشيعة هو حب الإمام علي وأولاده ولكنهم يضربون عرض الحائط بسيرة علي والأئمة من ولده".. لذلك يتحدث في كتابه هذا إلى الشيعة بلغتهم، وفي نطاق معتقداتهم، "كي تكون حجة عليهم".. وفي هذا يقول الكاتب أنه "يواجه أمرين متناقضين أحدهما التشيع والأخر الشيعة".. فيصف الصراع بين الشيعة والتشيع بأنه مر بثلاثة مراحل، الأولى: هي التي بدأت بعد الغيبة الكبرى مباشرة (غيبة الإمام المهدي في عام 329هـ) وهو الصراع الذي كان السبب الأساسي لكل الإنحرافات التي حدثت في الفكر الشيعي والتي كانت سبباً في الشقاق بين الشيعة وسائر الفرق الإسلامية حتى يومنا هذا.. وفي هذه المرحلة ظهرت بعض الآراء الغريبة وتم "غرسها في عقول الساذجين من أبناء الشيعة" مثل "فكرة التقية" التي "كانت تأمر الشيعة بأن تعلن شيئاً وتضمر شيئاً آخر وذلك لحماية الأراء الحديثة التي كانت بحاجة إلى الكتمان سواء لنشرها أو لحمايتها من السلطة الحاكمة، ولكي يكون لهذه الآراء الغريبة رصيد ديني ولا يجوز التشكيك فيها نسب رواة الشيعة تلك الروايات الغريبة إلى أئمة الشيعة ولا سيما الإمامین الباقر والصادق لإثبات صحة الروايات وعدم الخوض في مضامينها وقبولها".. ومن تلك الأراء الغريبة أيضا فكرة "عصمة أئمة الشيعة"، دون غيرهم، التي يستنكرها الكاتب ووضع في كتابه حججاً كاملة في إثبات عدم صحتها وأسباب سنها في المعتقد الشيعي. أما المرحلة الثانية من الصراع بين الشيعة والتشيع فيرى الكاتب بأنها بدأت مع الحكم الصفوي في بلاد فارس (1501م)، والمرحلة الثالثة مع ثورة الخميني في إيران (1979م).. 
ما يهمنا هنا هو الإفادة مما جاء به کاتبنا، وهو من كبار علماء الشيعة، في أمر هام ومصيري يسري في الشارع العربي، ويؤسس لتفتيت العرب والمسلمين حوله، وبذلك يخدم أغراض المشاريع الاستعمارية الكبرى المرسومة لتقسيم بلداننا ما بين الطوائف والمذاهب.. وهو ما يُدعي بولاية الفقية الذي بدأ بعض علماء الشيعة على أرضنا العربية يدعون له من منابرهم ويعلنون تكفيرهم لكل من لا يتبع دعوتهم هذه.. 
ولاية الفقية.. الطموحات الإيرانية، والمشاريع الاستعمارية 
أفرد الكاتب، في كتابه (الشيعة والتصحيح .. الصراع بين الشيعة والتشيع) فصلاً خاصاً لولاية الفقية، بدأه بالقول بأنها "هي الجناح أو البدعة الثانية التي أضيفت إلى سلطة الذين يدعون أنهم نواب الإمام المهدي في عصر الغيبة الكبرى، وهذه الفكرة بالمعنى الدقيق فكرة حلولية دخلت الفكر الإسلامي من الفكر المسيحي القائل أن الله تجسّد في المسيح، والمسيح تجسّد في الحبر الأعظم، وفي عصر محاكم التفتيش في أسبانيا وإيطاليا وقسم من فرنسا كان البابا يحكم المسيحيين وغيرهم باسم السلطة الإلهية المطلقة حيث كان يأمر بالإعدام والحرق والسجن.. وكان حراسه يدخلون البيوت الآمنة ليل نهار ليعبثوا بأهلها فساداً ونكراً".. أما عن بداياته فيسرد كاتبنا الظروف التاريخية التي رافقت هذه الفكرة ويؤكد أبعادها السياسية بقوله "إن هذه البدعة دخلت إلى الفكر الشيعي بعد الغيبة الكبرى"، ويؤكد بأنه رغم توسع انتشار فكرة ولاية الفقية في أفكار فقهاء الشيعة إلا "أن كثيراً منهم أنكروا الولاية بالمعنى الذي تقدّم ذكره وقالوا ان الولاية خاصة بالرسول صلى الله عليه وسلّم والأئمة الاثني عشر من بعد، ولا تنتقل إلى نواب الإمام، وأن ولاية الفقيه لا تعني أكثر من ولاية القاضي الذي يستطيع تعیین أمین علی وقف لا متولي له أو نصب قیّم علی مجنون أو قاصر، لذلك لم تأخذ هذه الفكرة حيزاً في التطبيق خلال قرون طويلة بعد الغيبة الكبری...
أما عن خروج "ولاية الفقيه" من حيز الفكر إلى حيز العمل، فيشير الكاتب إلى أنه بعد تسليم الشاه إسماعيل الصفوي السلطة في بلاد فارس، أي في المرحلة الثانية من الصراع بين الشيعة والتشيّع.. حينها بدأ القول بأن "ولاية الفقيه" منصبٌ إلهي أنيط بالإمام كخليفة لرسول الله صلى الله عليه وسلّم، "وبما أن الإمام حي ولكنه غائب عن الأنظار ولم يفقد سلطته الإلهية بسبب غيبته فإن هذه السلطة تنتقل منه إلى نوابه لأن النائب يقوم مقام المنوب عنه في كل شيء".. والتاريخ يذكر بأن الشاه اسماعيل الصفوي هو من حوّل المذهب الرسمي في بلاد فارس من المذهب السني عندما أعلن المذهب الشيعي مذهباً رسمياً لبلاده لأسباب سياسية بحتة تخص فتوحات الدولة الصفوية وصراعها ضد الدولة العثمانية، فتحركت جحافل جيوشه في المدن الفارسية تحث أهلها على الدخول في المذهب الشيعي، وأعمل السيف في رقاب الذين لم يعلنوا تشيعهم.. ولكي يخضع الحكم في بلاده إلى ولاية الفقيه "طلب من علي بن عبدالعال الكركي العاملي، کبیر علماء الشيعة بجبل عامل بلبنان، أن يحكم له دعائم السياسة والملك ويجيزه الجلوس على كرسي الملك والحكم باسم الولاية العامة التي هي من صلاحيات الفقيه"، فأصدر له الكركي إجازة بذلك، مازالت كتب التاريخ تحتفظ بنصها، وأصبح هذا العالم العاملي بعد ذلك مرجعاً رسمياً لبلاد فارس بعد أن استقدمه الشاه عباس الصفوي (حفيد الشاه إسماعيل) إلى مقر حكمه في أصفهان، عاصمة دولته، ولقَبه بشيخ الإسلام.. 
ويقول العلامة الدكتور موسى الموسوي في كتابه "ومنذ أن أدخل الشاه إسماعيل الصفوي الإيرانيين في المذهب الشيعي وحتى كتابة هذه السطور فإن للزعامة المذهبية الشيعية نفوذاً واسعاً وكبيراً في إيران ويحظى باحترام عظيم من قبل الملوك والحكام، ومع أن العلاقات بين الزعامة المذهبية والزعامة السياسية المتمثلة في الملوك والحكام كانت على خير ما يرام عبر التاريخ إلا أنه كان يحدث في بعض الأحيان صراع بينهما ينتهي بانتصار أحدهما على الآخر.. ومنذ أن استطاع الشاه إسماعيل الصفوي أن يجعل من ولاية الفقية منصباً يعلو على مقام الشاه وكل المناصب الأخرى لم يحدث قط أن فقيهاً من فقهاء الشيعة رشح نفسه للحكم مباشرة" (انتهى الاقتباس).. 
ومن نموذج نظام الحكم الصفوي (1501م) هذا يمكننا أن نستشف خريطة نظام الحكم في الجمهورية الإسلامية في إيران والتي جاءت مع الثورة الخمينية (1979م).. إذ أن النظامين أخذا بولاية الفقيه، في بناء الدولة الشيعية التي تحكمها سلطتان حاكمتان حكماً مطلقاً، وهما سلطة الحاكم المدني وسلطة الحاكم الديني، وإخضاع السلطتين، بكل تناقضاتهما، لمتطلبات مصالح البلاد السياسية، على المستوى الرسمي والشعبي، وعلى مستوى السياسة الداخلية والخارجية، وعلى مستوى المنطلقات العقائدية والعلمية.. 
باختصار شديد يمكن القول أن الجمهورية الإسلامية في إيران أخذت بنموذج الدولة الصفوية في بناء مؤسسات الحكم والدستور ومنظومتهما الفكرية.. وفي هذا النموذج تم تجنيد فكرة "ولاية الفقيه" في بناء سلطتين متوازيتين في حكم البلاد، بدءاً بالقمة التي تمثلها السلطة الدينية في منصب المرشد الديني الأعلى (ويشغله حالياً السيد علي خامنئي) والسلطة المدنية في منصب رئيس الجمهورية (أحمدي نجاد حالياً)... ويسري هذا النظام على جميع مؤسسات الدولة السيادية، مثال: سلطة البرلمان مقابل سلطة مجلس إصلاح الدستور، وسلطة الجيش بمقابل سلطة الحرس الثوري.. وهكذا.. وكأننا أمام الدولة الصفوية الثانية.
وعلى هذه القاعدة يعمل قادة إيران اليوم بازدواجية في الحكم وصناعة القرار باحتراف تام، ويجيدون الإنتقال السريع ما بين الديني والسياسي بأسلوب لا يجيده غيرهم، حيث تُراعي مصالح بلادهم القومية والعنصرية فوق أي اعتبار أخر، فيعملون في الموقعَين حسب متطلبات مصالحهم القومية، موقع الثورة (الفقيه) وموقع الدولة (الرئيس)، حيث يتم تبادل الأدوار والمسؤوليات في كل القضايا السياسية والدينية بشكل يصعب معرفة من يأتي قبل الآخر، أو أيهما يعلو على الآخر.. وباتت هذه الازدواجية في المناصب والقرارات منفذاً يخرج منه اللاعبون في نظام الحكم الإيراني عند أزماتهم السياسية والتفاوضية على المستوى المحلي والدولي.. وهي في النهاية ازدواجية في المسك بزمام الحكم الإلهي المطلق والحكم السياسي المطلق في كل ما يخص الشعب الإيراني والجماهير الشيعية التابعة لهذا النظام في مختلف بلدان العالم، وأولها في بلداننا العربية التي للجمهوية الإسلامية أطماع وطموحات تاريخية فيها (يمكن تجسيدها في الطموحات الصفوية المذكورة في التاريخ القريب). 
وفي الجانب الآخر، باتت الدعوة الي "ولاية الفقيه"، المنطلقة من الجمهوية الإسلامية في إيران منفذاً عقائدياً لفرض الهيمنة السياسية على كل الشيعة التابعين لها، فصارت تُصدّر دعاتها إلى منابرنا لفرض معتقداتهم على عامة الناس، المؤمنين بمذهبهم وبما تفرضه عليهم مرجعياتهم، لكسب ولائهم للإمام الفقيه القائم على سلطة الحكم في الجمهوية الإسلامية في إيران، من ناحية.. ومن الناحية الثانية لتسيير هؤلاء العامة من الناس المغرر بهم، في مظاهرات وعمليات العنف والحرق والقتل، حسب متطلبات مصالح إيران السياسية التي باتت تشكّل خطراً كبيراً على منطقتنا العربية عموماً وبلداننا الخليجية الأقرب إلى الحدود الإيرانية خصوصاً.. ولربما يعد نموذج حزب الله في لبنان أكبر دليل على صحة هذا الكلام؛ حيث يشغل أمينه العام السيد حسن نصر الله منصب وكيل الفقيه الإيراني، المرشد الأعلى السيد علي خامنئي في لبنان، بجانب ما يقوم به هذا الحزب من أعمال عسكرية وأدوار سياسية لمصلحة إيران على أرض لبنان.. ويمكن أن نورد هنا شاهداً واحداً على هذا الدور وهو الصفقة التي عقدتها إيران مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، خافير بيريز ديكويلار أطلقت بموجبها الرهائن المدنيين الأمريكان الذين اختطفتهم واحتجزتهم تنظیمات تابعة لحزب الله في لبنان خلال الفترة 195-1988 مقابل إصدار الأمين العام للأمم المتحدة في 9/12/1991 بياناً يتهم فيه العراق بشن الحرب على إيران، وتفاصيل هذه الصفقة مذكورة في مذكرات وكيل الأمين العام للأمم المتحدة في حينها، السيد جياندو مينيكو بیكو، التي صدرت في عام 1991 في كتاب بعنوان: "Fight Terrorism, and End a War Man without Gun: One Diplomat's Secret Struggle to Free the Hostages, " (تم نشر تفاصيل هذه الصفقة مترجمة من مذكرات السيد بيكو في مجلة المستقبل العربي رقم 333 بتاريخ نوفمبر 2006). 
وهنا يتلاقی مشروع "الشرق الأوسط الكبير" واستراتيجياته لبناء كنتونات طائفية في الخليج العربي أو ما يُدعى ب"دويلات الشيعة النفطية"، مع المصالح الإيرانية.. ومفتاح هذه المصالح هو الدعوة إلى "ولاية الفقيه" کمنفذ عقائدي، وديني، لتوجيه ولاء شعوبنا إلى الخارج، وتطويع هذه الشعوب لقبول السياسات التفتيتية الجديدة، أو ما يُدعي بسياسات بعد سایكس بیكو.. تفتيت المفتت، وتقسيم المقسّم من هذه الأرض، وإنهاء الأمة.. 
ولهذا بدأت أصوات الموالين للفقيه الإيراني تعلو من على منابر البحرين وتدعو إلى فرض ولاية الفقيه على الأمة وتكفير كل من لا يؤمن بولاية الفقيه هذا.. في الوقت الذي بات واضحاً استهداف البحرين ضمن هذه المشاريع الإقليمية والدولية ضمن المرحلة السياسية الحالية في المنطقة، بعد احتلال العراق وتسليمه أجزاء مجزأة للأحزاب والميليشيات الطائفية الموالية لإيران.. 
وأخيرا نتساءل، خوفاً من أن تنطلق فتاوى قتل الكافر بعد فتوی التكفير، التي انطلقت من على منابر ولاية الفقيه، نتساءل يا ترى ما هو موقف الأجهزة الأمنية بالبحرين في حماية أمن المجتمع من هذه الفتاوى وهذه المنابر التي باتت تشكل تهديداً مباشراً لسلامة المواطن وحرية المعتقدات المكفولة في الدستور للجميع؟..