إعدام الجيوش العربية

في منطقتنا العربية لم، ولا، ولن، تُحِلْ الحروب أية أزمة قائمة، بل بعد كل حرب تنشأ أزمة أخطر من سابقاتها وتلد حرب أخرى، منذ الحرب العالمية الأولى التي دخلها العرب منقسمين، دون وعي بما هو الهدف من تلك الحرب، التي شكلت نتائجها نظاماً دولياً جديداً أرسى دعائم الغرب الاستعماري في المنطقة والعالم.
وقبل أن ينتهي ذلك القرن دخلت المنطقة في الحرب الأهلية اللبنانية (1975-1990) التي استمرت مدافعها لمدة 15 سنة، كأحد نتائج حرب تشرين 1973، ورافقتها الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988) التي استمرت لثمانِ سنوات... حربان لم تنتهيا إلا بإعلان انتهاء الحرب الباردة (سقوط الاتحاد السوفييتي)، وبداية تشكل نظام دولي جديد.


حروب نعتقد، نعم نعتقد، إننا ندخلها بإرادتنا، ولكن الواقع يثبت إن نهاياتها ليست بإرادتنا... أكرر، نحن لسنا من يقرر إنهاء الحروب التي نخوضها، مهما ألحقت هذه الحروب بنا من دمار وخسائر... بل وحتى لو حققنا فيها انتصارات.
سكتت مدافع تلك الحروب لتنطلق بعد كل منها أزمات خطيرة... مسلسل من الأزمات والحروب المتتالية... حروب تلد حروب... فلم تسكت المدافع المحسوبة على الحرب الباردة القديمة حتى بدأت فوضى الحرب على العراق (2003) واحتلاله واعدام جيشه، الأقوى في المنطقة، وليتبعها مسلسل عمليات اعدام الجيوش العربية لقلع أنياب العرب، كي لا يفكروا يوماً في تهديد إسرائيل، أو يملكوا القوة في مواجهة أي تحد دولي أو إقليمي أو داخلي... وليتحول العرب إلى أمة بلا قوة، فلا يحسب لها حساب بين دول العالم، بينما يجري العمل على سلب السيادة والأرض العربية وتفتيتها، كما هو جاري في العراق وسوريا وليبيا... وفي فلسطين العزيزة.
حروب لم يدرسها العرب لفهم أسبابها وأهدافها ومَنْ المنتصر والمنهزم فيها، أدت بالنتيجة إلى انطلاق الفوضى والطائفية والإرهاب والصراعات وتشظي الخلافات العربية، وهم مقبلين على نظام دولي جديد، وحرب أكثر سخونة من الحرب الباردة.
لذلك نتمنى ألا يزج بالجيش المصري في حرب أخرى، رُسِمَ لها أن تكون فرصة لإعدام هذا الجيش، كما أعدموا الجيش العراقي والليبي والسوري، ومازال الحبل على الجرّار.