تخطيط المدن سمة حضارية -2

بالرغم من أننا يمكن أن نقول الكثير حول فقدان جميع مدن البحرين لأي طابع معيّن، سواء تراثي أو حداثي يمكن أن يعطي البحرين تمييزاً ظاهراً، كأي دولة أخرى في العالم، وذلك بسبب وجود كل الأنماط السكنية العالمية في كل مناطق البحرين بدون أي رصد للذوق العام أو للمستلزمات الضرورية للبيئة والمناخ، إلا أننا سوف نتغاضى عن ذلك للحديث عن المشاكل الأكثر تأثيراً على الحياة المعيشية للبحرينيين. ونأخذ مثالاً على ذلك مشاكل تخطيط مدينة المنامة ، العاصمة ، حيث أن التخطيط البائس لهذه المدينة حرمها من وجود حي سكني واحد لا تتخلله المحلات التجارية أو السياحية أو الخدمية، بل لا توجد منطقة في العاصمة لا يحتمل أن تتحول سوقاً في أي وقت وبذلك أختلطت الأحياء السكنية بالاسواق التجارية في تداخل مزعج ومعيق للحركة والنشاط اليومي الطبيعي للإنسان أو للتجارة.

بالإضافة لذلك، لا يمكن أن نجد في جميع مناطق المنامة حياً سكنياً واحداً يمكن أن يُدعى حياً راقياً، أي يأخذ طابع الحي السكني ذو المعايير السكنية البحتة بالمنازل والحدائق والطرقات المظللة بالأشجار والشوارع الواسعة والمريحة، والأرصفة المبلطة، علماً بأن أغلب عواصم العالم المتحضر يتميز بهذه الأحياء والتي يشار إليها سياحياً واقتصادياً والتي في بعضها تتحول إلى مزارات سياحية عندما يسكنها المشاهير، إضافة إلى إعطائها سمة تاريخية لا يمكن تغييرها بسهولة، حيث هناك خصائص معينة لبعض الأحياء السكنية الراقية لا يمكن أن يتم تجاوزها أو التلاعب بها، ضمن أي ظرف من الظروف.
بجانب تلك السلبيات، هناك تلك الظاهرة المزعجة لكل ساكني المنازل في البحرين، حيث أصبح المواطن لا يضمن أن يبني له منزلاً في أية منطقة سكنية من مناطق البحرين، دون أن يتم تغيير معالم هذه المنطقة والترخيص لبناء عمارات سكنية متعددة الأدوار لصيقة بجدران منزله الصغير، مما يكشف أعماق ذلك المنزل والحياة اليومية لساكنيه أمام قاطني تلك العمارات.
ويا ترى من هي الجهة التي تخطط لبناء المدن والأحياء في البحرين، وكيف يتم وضع القوانين الخاصة بها، وكيف يتم محاسبة التجاوزات المستمرة لهذه القوانين.