إقرأوا هذه الحقائق عن أرض الأحلام الأمريكية

في مقال طويل بعنوان "الحلم الأوروبي مقابل الحلم الأمريكي"، للكاتب الغربي توني جوت (ترجمة بثينة الناصري، موقع دورية العراق)، يناقش الكاتب ثلاث كتب متأملاً الفوارق بين نمط الحياة الأوروبية والأمريكية، (الولايات الأوربية المتحدة: القوى الكبرى الجديدة ونهاية التفوق الأمريكي، بقلم ت .ر. رايد / الحلم الأوربي: كيف تعتم الرؤية الأوربية للمستقبل، الحلم الأمريكي، بقلم: جيرمي رفكن / العالم الحر: أمريكا وأوربا ومستقبل الغرب المدهش، بقلم: تيموثي جارتون آش - راندوم هاوس)...
يبدأ الكاتب مقاله بمقارنة بين القهوة الأمريكية التي تتمثل في حجم الكوب والكمية، التي يقول عنها إنها الوسيلة "الأكثر ديمقراطية لضخ الكافيين في عروق البشر"، وبين قدح صغير من قهوة الاسبريسو الإيطالية التي يتم صنعها بآلة غالية الثمن فيصفها بأنها "الإحساس بالمتعة الجمالية للمشروب يتجاوز كثيراً تأثيرها الكيمياوي على الجسم، أنها ليست مشروباً بل تحفة فنية".

ومن هنا ينطلق الكاتب ليصف طرفي المقارنة على "أنهما كائنان مختلفان تماما وربما يتحركان في اتجاهين متضادين"، شارحاً بشيء من التفصيل بعض أهم الاختلافات بين أوروبا وأمريكا نوجزها في نقاط متسلسلة...:
1- تعد البهرجة والسوقية من السمات الأساسية في الثقافة الجماهيرية بالولايات المتحدة، وهي السمات التي تتضمن المفاهيم التي ولدتها الرأسمالية الأمريكية حول "منطق معدلات السوق والكفاءة والربح التي تحاول خرطها في نظام العولمة"، لذلك يحاول الأمريكيون الحصول على السلوى بالتوجه للكنيسة، ويحدد الكاتب معالم هذه الثقافة بأنها معروفة بالتدين الواضح، والولع الانتقائي، وشغفها بالمسدسات والعنف والسجون (في الاتحاد الأوربي 87 سجين لكل 100 ألف شخص ولدى أمريكا 685 سجين لكل 100 ألف شخص)، وتأييدها لعقوبة الإعدام. فيصفها حسب أحد مؤلفي الكتب الثلاثة قائلاً "نعم، الأمريكيون يضعون لافتات عملاقة تقول – احب جارك – ولكنهم يقتلون ويغتصبون جيرانهم بمعدلات تصدم أي شعب أوربي).
2- يعمل الأمريكي بمعدل 1,877 ساعة أسبوعيا، بينما يعمل الفرنسي بمعدل 1,562 ساعة (إحصائية منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD للعام 2000).
3- يحصل السويدي على 30 يوم إجازة مدفوعة الأجر سنوياً، والبريطاني متوسط 23 يوماً، بينما الأمريكي يرجو حصوله على 4-10 أيام أجازه في السنة.
4- وبينما البطالة في الولايات المتحدة اقل من دول أوربية كثيرة (حسب سجلات وإحصائيات غير دقيقة)، لأن الأمريكيين لربما يجيدون خلق الوظائف، إلا أنهم يعملون لساعات أطول من ساعات عمل الأوروبيين، إضافة إلى أن ما يحصل عليه الأمريكي بالمقابل أقل بكثير من نظيره الأوروبي، عدا الأغنياء منهم.
5- أن الولايات المتحدة افضل مكان للثراء، وعلى سبيل المثال "في عام 1980 كان المدير التنفيذي الاعتيادي يحصل على 40 ضعف ما يحصل عليه العامل في الإنتاج"، أما المعدلات الأخيرة تقول بأن الطبقة العليا من رؤساء مجالس الإدارات للعمال المنتجين فهو 475/1 "بينما هذه النسبة في بريطانيا هي 24/1 وفرنسا 15/1 وفي السويد 13/1، وهذه الأقلية المتميزة تحصل على افضل علاج طبي في العالم" في الوقت الذي لا يملك حوالي 45 مليون أمريكي أي تأمين صحي على الإطلاق، إذ تنفرد الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا بعدم وجود تغطية طبية عامة على سكانها. وطبقا لمنظمة الصحة العالمية فأنها تتبوأ المركز الأول في النفقات الصحية لكل فرد، والمركز 37 في نوعية الخدمات الصحية. والنتيجة أن متوسط عمر الأمريكي أقصر من الأوروبي، وترتيب الولايات المتحدة 26 بين الدول الصناعية في وفيات الأطفال (بمعدل ضعف وفيات الأطفال في السويد، وأعلى من سلوفينيا ولتوانيا)، على الرغم من أن الولايات المتحدة تصرف 15% من الناتج المحلي الأمريكي الكلي على العناية الصحية (السويد 8% تصرف من دخلها القومي)، "يستنزف معظمه في النفقات الإدارية للشبكات الخاصة التجارية".
6- ورغم أن الولايات المتحدة تصرف اكثر من أوروبا الغربية على التعليم ولديها حتى الآن افضل جامعات البحوث في العالم، ولكنها تحصل على أسوأ النتائج من أي دولة صناعية أخرى، حيث تعليم الأطفال الأمريكيون وأعدادهم اقل أداء من نظرائهم الأوروبيين.
7- يجيد الأمريكيون التوليد الديناميكي للثروة.. ويجيد الأوربيون توليد الأعمال الصغيرة ومتوسطة الحجم، إذ الشركات الصغيرة أكثر في الاتحاد الأوربي من الولايات المتحدة وهذه الشركات توفر وظائف.
8- يعمل الأوربيون اقل، وبأقصى طاقاتهم، وبمعدل أجر أقل من الأمريكيين (معدلات 1970). إلا أن هذا التفوق الأمريكي في الأجر والإنتاجية يسير في تراجع "مما يؤثر على الهيمنة الأمريكية على المشهد التجاري الدولي. فالاقتصاد الأمريكي الحديث ليس فقط مرهونا للصيارفة الدوليين مع دين خارجي يصل إلى 3,3 تريليون (28% الدخل القومي) بل أن الاقتصاد الأمريكي يصبح يوما بعد آخر ملكا للأجانب".
9- ينص ميثاق الاتحاد الأوربي للحقوق الأساسية على حق إجازة الأمومة بعد الولادة أو التبني، مع دعم مادي خلال هذه الإجازة (السويد تحصل النساء على 64 أسبوع إجازة بثلثي الأجور.. والبرتغال تضمن ثلاثة اشهر بكامل الأجر)... أما في الولايات المتحدة فإن الحكومة الفدرالية لا تضمن شيئا، إذ يقول الأوروبيون عن تلك المفارقة إن "الأمريكيون يحبون الحديث عن القيم العائلية ولكننا قررنا أن نتجاوز الحديث إلى الفعل... إننا نستخدم عوائد ضرائبنا لندعم القيم العائلية".
10- في أمريكا تتركز 38% من الثروة في أيدي أغنى 1% من السكان، وهم يعيدون توزيعها طبقا لأولويات مصالحهم... ويعيش أمريكي من كل خمسة في فقر مدقع ( في إيطاليا واحد من كل 15) ولذلك فقد أسلوب الحياة الأمريكية بريقه بالنسبة للغربيين..
وأخيراً يقول الكاتب بأن الولايات المتحدة نموذج اقتصادي غير ممكن التكرار... ونموذج اجتماعي لم يعد يملك مؤهلات منقذة، حيث "الجشع الخاص واللامبالاة العامة :البلاد في تردّ والكارثة القادمة فريسة.. حيث تتراكم الثروة ويتهالك الإنسان ليصل إلى نتيجة أن أمريكا الانفرادية هي التي وقعت في مصيدة الزمن وان أوربا المتعاونة هي التي تمثل المستقبل"...
وهذه المعلومات كلها تعبر عن فترة ما قبل السطو الأمريكي المسلح على العراق، فيا ترى كم زادت هذه الأرقام، وكم من القيم الثقافية الأمريكية المتدنية زادت تدنياً... والعراق يعتبر مقبرة الإمبراطوريات على مر العصور.