رد على علي سلمان.. محاولاتكم بنفي الولاء لإيران جاءت متأخرة جداً..

في عدد يوم الأثنين 22 مايو 2007 نشرت صحيفة الشرق الأوسط نص حوار مع النائب البرلماني علي سلمان، رئيس جمعية الوفاق الإسلامية (التي أعطت لنفسها صفة المتحدث والراعي الشرعي للطائفة "الشيعية" في البحرين، ولربما في منطقة الخليج العربي كلها).. وتَضَمّن هذا الحوار بعض المنعطفات الموصدة التي فات رئيس الوفاق استدراكها، أو اعتبر إنه يمكن أن يخترق هذه المصدات معتبراً إن المجتمع البحريني الطيب كعادته يسمع الأحاديث، حتى التي لا تعجبه، ويلوذ بالصمت احتراماً وخجلاً هما سمة الحوار في مجتمعنا.. إلا إننا نرى إن الوضع السياسي العام المحلي والإقليمي لم يعد يسمح بالمزيد من السكوت بقدر ما يتطلّب التصدي لهذا البث الأيديولوجي المركزي الذي يُرسل إلينا عبر الإعلام دون أن يعكس حقيقة الواقع على الأرض..


ثلاثة أمور رئيسية ركّز عليها سعادة النائب علي سلمان في ذلك الحوار الصحفي وهي، أولاً: إصراره بأن "ليس لإيران موطئ قدم في البحرين"، سواء بالولاءات القومية والسياسية والعقائدية أو بالمساعدات المالية والمادية، وسواء من خلال الطائفة الشيعية أو من خلال جمعيات الطائفة.. ثانياً: استياءه من أداء البرلمان البحريني في دور الانعقاد الأول.. وثالثاً: تحذيره من الطائفية التي قال بأنها باتت سمة البحرين واتهم بها "غالبية اصحاب القرار السياسي والشعبي.."... وسنأخذ كل أمر من هذه الأمور على حدة في ردنا هذا..
أولاً: تأتي محاولات علي سلمان المتكررة من خلال الفضائيات والصحافة بنفي أية علاقة ولائية لجمعيته أو التابعين لخطه السياسي بإيران، وكأنها تأكيد على العلاقة ذاتها، وهذا النفي وصل لدرجة أن يقسم على كتاب الله "أنه منذ عمله في المعارضة عام 1992 لم تتلق المعارضة ديناراً واحداً من إيران".. ومن المفيد أن نتذكر بأن هذا النفي المتكرر الذي يلح رئيس جمعية الوفاق الإسلامية على الإعلان عنه، في كل فرصة إعلامية، قد جاء متلازماً مع نفس الدور الذي تقوم به الجماعات الموالية لخطه في دول الخليج الأخرى، وذلك منذ بدء أبواق الإعلام الأمريكي بفضح الدور الإيراني في المنطقة العربية، والذي بات حديث الصحافة والفضائيات.. ولأن علي سلمان يعلم بأن أقواله تلك لا تحمل مصداقية لدى مستمعيه فهو يحاول جهده أن يبعث فيها روح الثقة بالقَسَم الذي بات معروفاً بأنه يُستعمل تحت باب التقية التي لم تترك له ولا لخطِهِ وتابعيه أية مصداقية في الفعل والقول، فبات البُعد عن الصدق والقَسَم سلوكاً سياسياً لهذا الخط من الاسلام السياسي لتفادي الخسائر السياسية... أما بخصوص المساعدات المادية من جهات خارجية فإن سبل التورية والتحايل باتت متعددة، ولم تعد بخافية على أحد.. وبلغة السياسة يمكن القول بأن العطايا تصل لأي فرد أو طرف تحت بنود وأسماء مختلفة، فتتعدد الأطراف والمصدر واحد، والمهم أن تصب هذه المساعدات في بوتقة الجهة المطلوبة، وليس بخاف على أحد إن الجمعية تدير نشاطات باهظة التكلفة ولا يمكن العمل بها واستمرارها دون دعم مالي سخي ومستمر، لذا نتساءل بحسن نية، من أين لها هذا؟.. وقد يجيبنا رافسنجاني على هذا التساؤل عندما قال "إن دعم الحركات التحررية دون التدخل في الشؤون الداخلية للدول يبدو مشكلة، ولكن الفاصل بين الأمرين دقيق جداً. إننا نحاول أن لا نتدخل .... إننا لا نقوم بالعمل بأنفسنا، إننا لا نقوم بعمل فيزيقي داخل هذه الدول إلى الحد الذي يحسب تدخلاً، ونقوم بالدعم. وهذه المسألة تنطبق على جميع الدول، وإن كل دولة تدعم نوعاً من الأحداث آخر الأمر، وليس معنى هذا الدعم تدخلاً بالضرورة" (د. نيفين مسعد "صنع القرار في إيران والعلاقات العربية-الإيرانية / 1999).. ونكتفي بهذا الرد على موضوع التدخل الإيراني في الشأن البحريني الذي يحاول علي سلمان نفيه وإنكاره، ويبقى على القارئ قراءة ما بين السطور ليفهم حقيقة هذه السياسات المخادعة والمخاتلة التي يدار بها الشارع البحريني منذ أكثر من ثلاثة عقود.. .. وهنا نؤكد بأن علي سلمان لم يكن بحاجة للقَسَم في حين يمكن قراءة الفعل البائن، بقدر ما هو بحاجة لإثبات القول بالفعل..
ثانياً: أما ما يخص أداء البرلمان البحريني الذي عبّر سعادة النائب عن استياؤه الشديد منه فإننا يمكن أن نحيله للمثل العربي القائل "كل إناء بما فيه ينضح"، ولا يستثنى النائب علي سلمان من هذا الأداء البرلماني السيء.. وعليه نؤكد بأنه يمكن لكفاءة كاريزمية واحدة داخل البرلمان، إن وُجدَت، أن تُعَدّل مسار الأداء.. ونعتقد بأن مشكلة هذا الأداء يتلخص في عدم توفر النوايا الطيبة والمخلصة.. وبمراقبة بسيطة يمكن القول بأن كتلة الوفاق بأدائها المتدني والمتحفّز باستمرار غير مستثناة من ذات المستوى من النوايا ويمكننا أن نتنبأ بالنهاية المرسومة لهذا الأداء.. وما على سعادة النائب إلا أن يثبت عكس ذلك..
ثالثاً: وبخصوص الطائفية التي باتت سمة البحرين، كما جاء على لسان علي سلمان، فإننا واثقون بأنه يعلم بأن الأطراف التي نقلت هذا العنف والنعرة الطائفية البغيضة إلى الشارع والمجتمع البحريني هي الأطراف التي دعمت مشروع تصدير الثورة الإيرانية إلى منطقتنا منذ بداية ثمانينات القرن الماضي.. هذا المشروع الذي مرّ بمراحل مختلفة حتى وصل إلى مرحلة استباحة العراق أمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية والولايات المتحدة الأمريكية (المستضعفون والمستكبرون / محور الشر مع الشيطان الأكبر)، واستباحة تهديد مجتمعاتنا بالعنف الطائفي في كل مفاصل المباحثات الإيرانية الأمريكية، حول مشاريع ومصالح إيران في المنطقة.. فهذه الطائفية البشعة التي أصبحت مادة استهلاكية يلوكها الأطفال في المدارس الإبتدائية وطلاب الجامعات والمنابر الدينية والمجالس الثقافية هي صنيعة إيرانية في المنطقة.. وبينما مجتمعاتنا ودولنا تدفع ثمن هذا الغلو الطائفي نرى إيران اليوم تجلس مع "الشيطان الأكبر" على طاولة المفاوضات للتباحث حول الشأن العراقي والعربي الذي بات ناضجاً لقطف ثماره.. فياترى ما رأي سعادة النائب في هذا الاحتلال الإيراني البشع على الأرض العربية من العراق إلى عربستان إلى الجزر العربية؟.. ونرجو أن يكون الجواب بعيداً عن التقية التي باتت سلعة مستهلكة ومكشوفة في كل الأداء الوفاقي..


كلمات دالة: