في أسبوع واحد من شهر مارس 2008 أطلت علينا الصحف البحرينية بخبرين مثيرين للجدل حول السياسات والعلاقات البريطانية مع البحرين..
الأول: هو خبر اجتماع سعادة وزير الداخلية البحريني مع السفير البريطاني الذي أعرب به سعادته عن استهجانه لدور المملكة المتحدة في تحدي وكسر قوانينها الراسخة والعريقة بإعطائها اللجوء السياسي لبحرينيين لا تنطبق عليهم قوانين ومعايير اللجوء السياسي البريطانية وغير البريطانية.. وهذا يذكرنا بمبدأ هام في العلاقات الدولية المعاصرة، وهو أن جميع الدول ترفع شعار الدفاع عن القانون الدولي وتتعهد بإحترامه، لكنها في الواقع تدافع عنه وتحترمه بالقدر الذي يخدم مصالحها فقط، وأحياناً تلوي القانون لكي يخدم مصالحها,, وقد أخذت الدول العظمى بهذا المبدأ قبل غيرها، حتى صارت الدول الصغيرة رهينة لسياسات هذه الأقطاب الدولية..
والثاني: هو خبر لقاء سعادة وزير الإعلام البحريني مع السفير البريطاني (ذاته) حول نتائج زيارته الأخيرة (الوزير) إلى المملكة المتحدة التي اجتمع فيها مع "طاقم العمل في الـ بي بي سي" (هيئة الإذاعة البريطانية) الذي ابدى استعداداً كبيراً "لدعم التجربة البحرينية في تطوير أدواتها الإعلامية".. وقد وصفت الصحف سعادة وفرح السفير البريطاني الذي "أكد من جهته اهتمامه البالغ بالتطورات على صعيد الحريات الإعلامية في البحرين..." معرباً "عن رغبته في دعم كل ما من شأنه تطوير العمل الإعلامي في مملكة البحرين، عبر مزيد من تبادل الخبرات والتعاون بين البلدين على الصعيد الإعلامي"..
ونحن إذ نقدّر ونثمّن ونشد على يد سعادة وزير الداخلية لحرصه على مصلحة وأمن البحرين، في صراحته مع الإعلام بعد الصراحة التي واجه بها السفير البريطاني الذي ما فتئت سياسات بلاده الملتوية تثير القلق الأمني والسياسي في المنطقة العربية عموماً ومنطقة النفط العربي خصوصاً، ففي ذات الوقت تلبسنا الدهشة من مبادرة سعادة وزير الإعلام البحريني في توجهه إلى الخبرات الإعلامية البريطانية ودعوته لها لرسم وتطوير الإعلام البحريني، في مجال بحثه عن سياسات إعلامية جاهزة ومعلّبة ومعدة للتصدير كأية سلعة تجارية في سوق الصناعات الغربية.. فسعادته سيشتري لنا سياسة إعلامية بريطانية كما يشتري حذاء بريطاني الصنع..
ولأن السياسة الإعلامية هي مجموعة من المبادئ والقواعد والتوجهات التي تنبع من العقيدة السياسية والظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع ومن القيم والأعراف الشائعة فيه.. ولأنها أيضاً مجموعة من الممارسات والسلوكيات الاتصالية الواعية والمدروسة الملبية للاحتياجات الاتصالية الفعلية للمجتمع من خلال الاستخدام الأمثل لإمكاناته وخبراته الإعلامية الوطنية..