هناك علاقة وثيقة بين التربية والمجتمع، لأن المجتمع هو "الوسط الذي تقوم فيه العملية التربوية"، بما يحتوي من مؤسسات تتولى دور المربي، وبما أن أفراد المجتمع هم الذين تتوجه التربية إلى تنميتهم، سعى الدين الإسلامي إلى تنشئة أفراد صالحين وكلفهم العناية والرعاية بالتربية، قال الرسول (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في هذا: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته"، فهي أمانة في أعناق أفراد المجتمع، قال تعالى: "قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة"، فالمجتمع الذي لا يعني أهله بالتربية يشتعل بنار الجهل والتخلف قبل نار الآخرة، التي تمس الجاهلين المتخلفين فيكونون وقودا لها مع القيادات الفاشلة الفاسدة التي هي حجارة النار.
لهذا كان لزاما على المجتمع أن يتبنى فلسفة صالحة قويمة ليشتق منها أهداف التربية لتكون استجابة لما يشيع احتياجات المجتمع.
فالمجتمع لا تقوم قواعده ولا يُبني صرحه إلا بالنظام التربوي، لتنعكس ثمرات هذا العمل على المجتمع من خلال تطوير قدرات الأفراد على القيام بأدوارهم الاجتماعية كما صنع النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم) في صناعة رجال المجتمع من خلال تربيته المشرقة من القرآن "يتلو عليهم آياته". فالتربية لا تمارس إلا في وسط اجتماعي، لأن عمليتها لا تتم في فراغ بل في ظروف تقوم على تفاعل اجتماعي.

نقل التراث الثقافي له أثر في تحديد وظيفة التربية من جيل إلى جيل فالتاريخ يعيد نفسه، وهو لا يعني حصر وظيفة التربية بعملية الناقل، كما توهمها البعض وادعى أنها تحجب وظائف التربية في تجديد المجتمع، واستثمار ذكاء الأفراد وتنمية أوجه الكمال عندهم، فإن التراث الثقافي ونقله وظيفة مهمة لا تعني ما توهموا لأنه ثمرة جهود مشتركة عبر حقب تاريخية، وهذا يعني أن هذا التراث يخضع للتجربة والفحص والنقد والتنقية.
وهذا لا يعني مخالفة التجديد فإن التجديد لا يتجاهله أحد فإن الثقافة التي لا تتطور لا وجود لها.

لحظت الشريعة السمحة هذا الجانب من أجل استتباب الأمن واستقرار المجتمع الآمن فأسست نظام (الحقوق الشرعية) نوعا ضريبيا روحه تعني مشاركة (المعوزين) في مال الشخص المؤمن، واعتبرت ذلك (حقا) كما قال تعالى:
 "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".
 "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم".
 "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم".

ديننا في أعمالنا الفكرية أن نضع لكل مادة مبحوثة تعريفا مستمداً من اللغة العربية والمصطلح العلمي، لكنا وجدنا أنفسنا غير قادرين على وضع تعريف للأمن، على الرغم مما قالوا فيه من شروح تكاد تكون لفظية أكثر منها علمية، تلك بسبب وضوح المعني، فالأمن قائم بالذات، كأنه من الوجدانيات التي يشعر ويحس بها العاقل وإن لم يلتفت لها إلى تعريف.
ولا غرو فالأمن روح الوجود وجوهره، فكما أن الوجود لا يعرف إذ هو الواقع في تعريف الأشياء فكذا روحه - أي الأمن - الذي كان في الأزل ركيزة الحياة للإنسان الأول، منذ البدء، على هذا الكوكب إذ أهبط بالأسرة الأولى للإنسان (أدم وزوجه) من السماء بعد إجراء اختبار تكويني عليهما لإثبات صفة الحرية والاختيار الذاتي فيهما، وإجراء ذلك في السماء دون الأرض لعدم صلاحية الأولى للتكاليف المولوية كما في الأرض، فيكون التكليف فيها إرشاديا، ولو أجري الاختبار على أدم في الأرض التي هي ظرف للتكاليف المولوية لكانت المخالفة منه لسيادة القانون مانعة من خليفة لتحقق المعصية المانعة من الاستخلاف الذي أثبت الحرية للنوع البشري.
في قصة الأكل من الشجرة حيث لا عهدة تكليفية مولوية هناك، لقد أخبر الرب أدم وزوجه بأن الحياة على الأرض ستحاط بالأمن والأمان، أخبروا بأن الحياة على الأرض مكتنفه بالأمن والأمان: "لكم فيها مستقر ومتاع إلى حين".