إن لم تعي وتستدرك الحكومات العربية عامة، والخليجية خاصة حقيقة ما يجري، اليوم، على الأرض العراقية المحتلة من إختراقات خطيرة وبناء لمراكز قوى إقليمية، كتداعيات لفعل الإحتلال وإلغاء السيادة والسلطة العراقية... فإننا بالتأكيد متجهون نحو مستقبل لن يكون لنا فيه أي خيار سوى الإنصياع لفروض الهيمنة بمختلف أشكالها... من هذا المفهوم نرى ضرورة الإهتمام الإعلامي بالبحث عن حقيقة مجريات الأحداث في العراق، وخصوصاً إن هناك تعتيم حديدي، متعمّد، يمنع إظهار الصورة الحقيقية لذلك الواقع.

بمناسبة ذكرى الإحتلال الإمريكي المشئوم لعاصمة الرشيد، بدعوى تحرير العراق من الدكتاتورية، ننشر هنا بعض المعلومات المتسربة من داخل العراق، رغم كل محاولات التعتيم الإعلامي (الديمقراطي) المفروض على كل ما يدور في الداخل.
في تقرير لمنظمة بإسم مركز مراقبة الإحتلال الدولي في بغداد (International Occupation Watch Centre) تذكر السيدة إيمان الخماس، رئيسة المركز، التالي:
1- ترفض قوات الإحتلال الإدلاء بأية معلومات عن عدد السجينات العراقيات داخل المعتقلات الإمريكية التي تزيد على العشرة، وهناك معلومات متضاربة بأن في معتقل الرصافة هناك حوالي 625 معتقلة، وفي معتقل الخزيمة 750 معتقلة حتى ديسمبر 2003، وتتراوح أعمارهن ما بين الثانية عشر إلى ما فوق الستين سنة، في حين إن منظمات حقوق الإنسان الدولية غير قادرة على الحصول على أية معلومات من قوات الإحتلال عن أوضاع هؤلاء المعتقلات.
2- لا تعطي قوات الإحتلال أية أعداد رسمية لإجمالي أعداد المعتقلين في السجون الإمريكية هناك، ويعد ذلك خرقاً للمواثيق الدولية... ولكن الأرقام تتراوح ما بين 80 ألف إلى 150 ألف معتقل عراقي موزعين على أكثر من عشر معتقلات.
3- المعتقلين والمعتقلات السياسيين لا حق لهم في توكيل محامين للدفاع عنهم، كما لا يحق لأي فرد متابعة قضاياهم أو الدفاع عنهم.

مع إحترامي وتقديري للزميل عقيل سوار، أقتبس عنوان مقالي هذا من عنوان مقال له عن حقيقة الحرب غير الآدمية التي يقودها الإحتلال الإمريكي، في الأحياء السـكنية والمستشفيات والبيوت والمساجد العراقية، جيش بكامل عدته العسكرية الباطشة ضد شعب يقاوم ببقايا أسلحة وبأرواح أبنائه.
- إنها الحرب، نعم، وليست النهاية، بل هي البداية ، فما يحصل في العراق، في ذكرى مرور عام على إحتلاله، لم يخرج من دائرة توقعات وتحليلات كل من يعرف تاريخ العراق، فلم يكن من المتوقع أن يستمر العراقيون فترة أطول من ذلك العام في قبول ضيم الإحتلال، وذله وإستفزازاته... فكان متوقعاً، بل مؤكداً، أن يتفاعل هذا الوضع ليصل إلى مرحلة حرب التحرير الشاملة التي بدأت وسوف تستمر بين إرتفاع وهبوط دون توقف، حتى يخرج المحتل من العراق.

بينما لا تزال الإثارة الإعلامية، وخلط الأوراق، مستمران في قضية تحقيقات هيئتي التأمينات والتقاعد، إذ بأحد نوابنا الأفاضل، وهو يلح على إستجواب وزير الصحة، يصرّح للصحافة بإننا على موعد مع التحقيق في قضية "الصحة" الذي سوف يكون أكثر إثارة من تحقيقات التأمينات والتقاعد... وهكذا أصبح الشارع البحريني في سباق مع الإثارة السينمائية في مسلسل جلسات مجلس النواب، دون تقدير حقيقي للآثار والتبعات السلبية لهذه الممارسات، التي لا علاقة لها بالموضوعية والمصلحة العامة بأي شكل من الأشكال... بقدر ما لها من علاقة بالتباري بين النواب للوصول إلى قلب الشارع، حتى لو استدعى الأمر عدم الكشف عن الحقائق كاملة، والإكتفاء بجانب واحد من الحقيقة...