السفير هو، جوزيف إيرلي، أحد الدبلوماسيين الأمريكيين الشبان الذين فرّختهم آلة دبلوماسية الغزو وإحتلال العراق، يتحدث العربية، وسبق له أن ظهر على الفضائيات بمظهره ومنطقه الدالان على إنه بضاعة مصنوعة لهذه المرحلة تحديداً.. هذه المرحلة التي فُرضت فرضاً على منطقتنا بما تحمله من إقتتال وفتن طائفية ومذهبية متصاعدة في وتيرتها، متجهة بنا نحو المزيد من الفوضى التي خطّط لها وجلبها اليمين المحافظ في طور بناء مشروعهم الإمبراطوري الأمريكي.
جوزيف إيرلي أعلن (صحيفة الأيام البحرينية 25/6/2007) في جلسة استماع عقدتها لجنة الشئون الخارجية بمجلس الشيوخ الأمريكي، حول تعيين مجموعة من السفراء، إنه سيعمل على تعزيز وتطوير قدرات البحرين الدفاعية والتعاون في مجال مكافحة الإرهاب، وإن سفارته ستعمل على تقوية دعم الديمقراطية ومؤسسات المجتمع المدني وحكم القانون في البحرين، مشيراً بشكل سافر عن تدخل سفارة بلاده في الشأن الداخلي البحريني بإسلوب يتسم بالكثير من الغطرسة التي تغطي بها الولايات المتحدة فشلها في احتلال العراق..

أنقل هذه الرسالة القادمة من بغداد إلى أمين عام الأمم المتحدة، سعادة السيد بان كي مون، وأملي أن تصل إليه عبر مدير مركز الأمم المتحدة الإعلامي في البحرين، رغم اليأس الذي يلف العالم حول أي دور للأمم المتحدة في العراق، بعد أن تحولت كل أجهزة الأمم المتحدة، بدءاً بالجمعية العمومية، إلى مؤسسات تعمل لرعاية شئون ومصالح الغرب الأوروبي الأمريكي.. إلا إن الضمير الإنساني يُحتّم علينا ويلزمنا بنقل هذه الرسالة إلى العالم لربما تلقى صدى وتمنع كارثة جديدة ستحل على الشعب العراقي..

الرسالة عبارة عن نداء عاجل من المقاومة العراقية يحذر من خطورة المسيرة المليونية إلى مدينة سامراء.. يقول النداء إن المعلومات الدقيقة والمهمة حول خفايا وغايات خطيرة مرسومة لهذه المسيرة تؤكد إنها تهدف لإشعال نار الفتنة الطائفية الكبرى في العراق، من بعد أن فشلت جميع المخططات السابقة سواء كانت في تدمير مراقد الأئمة الأطهار، عليهم السلام، في بغداد وسامراء والزبير وبعقوبة، أو في حرق وتدمير المساجد والحسينيات ودور العبادة، لأجل نقل هذه الفتنة من مناطق الوسط والجنوب إلى المناطق الشمالية والغربية من العراق المحتل، كتكتيك جديد لتدمير وحرق البلاد وقتل العباد.. والمعلومات الدقيقة تتلخص بما يلي:
1- تم تحديد موعد المسيرة المليونية للفترة من 5 لغاية 15 من تموز/يوليو 2007م؛
2- إطلاق التسمية على هذه المسيرة بإسم (أيام كسر الذل) المفروضة على (الشيعة)؛
3- المسيرة أعدت بموافقة وإسناد جواد المالكي، وبإسم الديمقراطية الجديدة كواجهة (للتعبير عن الحرية في ممارسة الشعائر الدينية)؛

لربما يعد ما كتبه المفكر الإسلامي الدكتور محمد عمارة في "معنى القومية العربية" يعد من أجمل ما كُتِبَ حديثاً في هذا الموضوع الهام والحيوي في حياة هذه الأمة وبظروفها المرحلية الراهنة.. ففي مقال طويل تحت ذات العنوان ذكر مفكرنا إنه رغم إن مصطلح القومية يعد من المصطلحات الحديثة في الأدب السياسي العربي، إلا إن "نشأة الروابط والقسمات التي جعلت الجماعة البشرية العربية قومية واحدة هو عهد بعيد يعود الى ما قبل عصرنا الحديث، وإلى ما قبل استخدام مصطلح "القومية" للتعبير عن هذا الواقع، بعدة قرون". فيؤكد بأن الواقع العربي شهد الصراع بين ثلاثة تيارات فكرية في عصر ازدهار الحضارة العربية، في القرن الثاني الهجري، وكان لهذه الصراعات انعكاساً في الدراسات والأعمال الفكرية التي يمكن أن تعد من تراث العرب في الفكر القومي.
أما هذه التيارات فقد حصرها الدكتور عمارة في، أولاً: التيار الشعوبي: الذي "انطلق من العداء للعروبة والعرب والتعريب" بهدف تفكيك روابط الدولة العربية التي نشأت نتيجة للفتوحات الإسلامية..

في عدد يوم الأثنين 22 مايو 2007 نشرت صحيفة الشرق الأوسط نص حوار مع النائب البرلماني علي سلمان، رئيس جمعية الوفاق الإسلامية (التي أعطت لنفسها صفة المتحدث والراعي الشرعي للطائفة "الشيعية" في البحرين، ولربما في منطقة الخليج العربي كلها).. وتَضَمّن هذا الحوار بعض المنعطفات الموصدة التي فات رئيس الوفاق استدراكها، أو اعتبر إنه يمكن أن يخترق هذه المصدات معتبراً إن المجتمع البحريني الطيب كعادته يسمع الأحاديث، حتى التي لا تعجبه، ويلوذ بالصمت احتراماً وخجلاً هما سمة الحوار في مجتمعنا.. إلا إننا نرى إن الوضع السياسي العام المحلي والإقليمي لم يعد يسمح بالمزيد من السكوت بقدر ما يتطلّب التصدي لهذا البث الأيديولوجي المركزي الذي يُرسل إلينا عبر الإعلام دون أن يعكس حقيقة الواقع على الأرض..