قريباً منهم، بعيداً عنهم... المقاومة في العراق (2)- كيف بدأت المقاومة
"لقد استبيح العراق بشعارات كاذبة لتخليصه من النظام الديكتاتوري وإقامة الديمقراطية، بعد أن عجزت أمريكا عن إقناع العالم بامتلاكه لأسلحة الدمار الشامل"؛
"لقد استبيح العراق بشعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان، فيما استُخدم ويُستخدم كل يوم أقسى أنواع العنف، والعين على نفطه، وموقعه، والقيمة الاستراتيجية لذلك"؛
"لقد أُعلن العراق بلداً محتلاً، وهو الاحتلال الثاني في منطقتنا، نحن نعرف جيداً المحتل الأول، ونعرف أيضاً أنه طالما قُتلنا بأسلحة المحتل الثاني"؛
"السؤال اليوم، هل سينتهي زمن تقديمنا، و تقديم أنفسنا كأضحية؟، الجواب يتوقف على أمور كثيرة، ليست المقاومة إلا واحد منها. وإن كانت المقاومة نفسها تحتاج إلى نقاش، إلا إنها على رأس الأولويات".
هذه الفقرات وضعت على الغلاف الداخلي لآخر مؤلفات الأديب الكبير عبدالرحمن منيف "العراق... هوامش من التاريخ والمقاومة"، الذي أصدره بُعَيْدَ احتلال العراق، وقُبَيْلَ رحيله إلى العالم الآخر بأشهر معدودة، والذي اعتبره محاولة لاستحضار محطات من تاريخ العراق "متأملاً هذا البلد العربي، الشديد الأهمية بموقعه وثرواته، وهو يتعرّض ربما لأقسى محنة في تاريخه"، محاولاً ترتيب بعض الأوراق خوفاً من أن "تخلط الأوراق، تمهيداً لكتابة تاريخ من نمط جديد، هو تاريخ المنتصر، وبالتالي تغييب وقائع واستحضار غيرها أو بدل عنها". لذلك وضع في كتابه هذا سرداً وثائقياً للتاريخ العراقي ومقاومته لكل أنواع الاستعمار والاحتلال والهيمنة في تاريخه الحديث، مستشهداً بوقائع تستحث الأجيال العربية للوقوف في وجه المحتل الغازي، ومستحضراً "القيم والمفاهيم التي قامت عليها المراحل السابقة" لتاريخ العراق والأمة العربية، بدءاً بالوطنية وانتهاء بالمقاومة المسلحة كأعلى مراتب إنكار الذات والتضحية بالنفس دفاعاً عن الوطن وكل المقدسات.