في يوم الاثنين 7 أبريل 2008، وفي القاعة 17 بمبنى الأمم المتحدة القابع على ضفاف بحيرة جنيف الشهيرة كان لي شرف الجلوس مع وفد بلادي، مملكة البحرين، أمام مندوبي وسفراء دول العالم أجمع لعرض ومراجعة تقرير البحرين الوطني حول التزامات وتطبيقات وتعهدات البحرين باتجاه المعايير والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان، في آلية دولية جديدة تُدعى "الاستعراض الدوري الشامل".. في "مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة"..
تأسس مجلس حقوق الإنسان، ومقره جنيف، في 15 مارس 2006 بموافقة 170 عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومعارضة ثلاثة دول فقط هي الولايات المتحدة الأمريكية ومارشال أيلاند وبالاو، وامتناع إيران وفنزويلا وبيلاروسيا.. أما التفكير في إنشاء المجلس فقد بدأ في العام 2005 بعد بروز "الحاجة إلى إصلاح عمل لجنة حقوق الإنسان التي اتبعت نهج تسييس القضايا الحقوقية لتغليب مصالح على أخرى"، وقد تم إنهاء دور اللجنة التي كانت تعتمد في أدائها على تقارير مؤسسات المجتمع المدني الحقوقية، وليس على تقارير وأداء الدول، مما ضاعف من صعوبات التفاهم مع الدول وإحراز التقدم في قضايا العالم الحقوقية..
وفي ذلك اليوم الربيعي الجميل جلس 16 مواطناً بحرينياً، برئاسة وزير الدولة للشئون الخارجية، أمام كل دول العالم، في ذلك المجلس الأممي، وقدّم عرضاً وافياً عن إنجازات البحرين في حقوق الإنسان، وعرضاً متوازناً بالتزام مملكتنا الحبيبة، قيادة وشعباً، بكل التعهدات التي ذكرها التقرير البحريني، طوعاً، من أجل الوصول إلى تحقيق أعلى المعايير الدولية والإنسانية في حقوق الشعب البحريني..

عقدت الجمعيات السياسية البحرينية، في يوم السبت ۲۹ مارس ۲۰۰۸، مؤتمراً للحوار الوطني برعاية مؤسسات وطنية لأغراض فتح الحوار ما بين هذه الجمعيات وبعضها من جهة، وبينها وبين القيادة السياسية من جهة أخرى.. فحاز المؤتمر على تمويل وتنظيم وحضور على مستوى جيد، وطرحت خلاله بعض الجمعيات السياسية أوراقها، للحوار والنقاش، حول ثلاثة محاور رئيسية، اختارت كاتبة هذا المقال المشاركة في محور: "المواطنة والطائفية"..
قدّمت عدة جمعيات أوراقها في هذا المحور، الا إن كل الجدال تركز على الورقة التي طرحتها جمعية الوفاق الإسلامية لما تضمنتها من معلومات مستفزة، وغير موثقة، بل جاءت کادعاءات تحاول الجمعية المذكورة بثها في المجتمع لنوايا لا يمكن أن نصفها بالحسنة..

في أسبوع واحد من شهر مارس 2008 أطلت علينا الصحف البحرينية بخبرين مثيرين للجدل حول السياسات والعلاقات البريطانية مع البحرين..
الأول: هو خبر اجتماع سعادة وزير الداخلية البحريني مع السفير البريطاني الذي أعرب به سعادته عن استهجانه لدور المملكة المتحدة في تحدي وكسر قوانينها الراسخة والعريقة بإعطائها اللجوء السياسي لبحرينيين لا تنطبق عليهم قوانين ومعايير اللجوء السياسي البريطانية وغير البريطانية.. وهذا يذكرنا بمبدأ هام في العلاقات الدولية المعاصرة، وهو أن جميع الدول ترفع شعار الدفاع عن القانون الدولي وتتعهد بإحترامه، لكنها في الواقع تدافع عنه وتحترمه بالقدر الذي يخدم مصالحها فقط، وأحياناً تلوي القانون لكي يخدم مصالحها,, وقد أخذت الدول العظمى بهذا المبدأ قبل غيرها، حتى صارت الدول الصغيرة رهينة لسياسات هذه الأقطاب الدولية..
والثاني: هو خبر لقاء سعادة وزير الإعلام البحريني مع السفير البريطاني (ذاته) حول نتائج زيارته الأخيرة (الوزير) إلى المملكة المتحدة التي اجتمع فيها مع "طاقم العمل في الـ بي بي سي" (هيئة الإذاعة البريطانية) الذي ابدى استعداداً كبيراً "لدعم التجربة البحرينية في تطوير أدواتها الإعلامية".. وقد وصفت الصحف سعادة وفرح السفير البريطاني الذي "أكد من جهته اهتمامه البالغ بالتطورات على صعيد الحريات الإعلامية في البحرين..." معرباً "عن رغبته في دعم كل ما من شأنه تطوير العمل الإعلامي في مملكة البحرين، عبر مزيد من تبادل الخبرات والتعاون بين البلدين على الصعيد الإعلامي"..
ونحن إذ نقدّر ونثمّن ونشد على يد سعادة وزير الداخلية لحرصه على مصلحة وأمن البحرين، في صراحته مع الإعلام بعد الصراحة التي واجه بها السفير البريطاني الذي ما فتئت سياسات بلاده الملتوية تثير القلق الأمني والسياسي في المنطقة العربية عموماً ومنطقة النفط العربي خصوصاً، ففي ذات الوقت تلبسنا الدهشة من مبادرة سعادة وزير الإعلام البحريني في توجهه إلى الخبرات الإعلامية البريطانية ودعوته لها لرسم وتطوير الإعلام البحريني، في مجال بحثه عن سياسات إعلامية جاهزة ومعلّبة ومعدة للتصدير كأية سلعة تجارية في سوق الصناعات الغربية.. فسعادته سيشتري لنا سياسة إعلامية بريطانية كما يشتري حذاء بريطاني الصنع..
ولأن السياسة الإعلامية هي مجموعة من المبادئ والقواعد والتوجهات التي تنبع من العقيدة السياسية والظروف الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع ومن القيم والأعراف الشائعة فيه.. ولأنها أيضاً مجموعة من الممارسات والسلوكيات الاتصالية الواعية والمدروسة الملبية للاحتياجات الاتصالية الفعلية للمجتمع من خلال الاستخدام الأمثل لإمكاناته وخبراته الإعلامية الوطنية..

الزميل على الصراف هو مستشار التحرير لصحيفة العرب الأسبوعي الصادرة في لندن، بعث إلي بالرسالة التالية سيدتي العزيزة. ارفق لك مقالا جديدا لتطلعي عليه، وساكون مسرورا لو انه وجد طريقا للنشر في إحدى صحفكم، ولا سيما أن لديكم من المعاناة الطائفية فيما يبدو بعض الشيء مما لدينا.. وتفضلي بقبول فائق تقديري و عمیق احترامي، علي الصراف. وها أنه أنشر مقاله في مساحة عمودي هذا لما له من معاني ودلائل قيمة فكتب يقول:
ولا تزر وازرة وزر أخرى، فتعال لنحسب..
قدم الكاردينال عمانوئيل دلّي بطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق نمونجا ساميا جديدا للمعنی الجليل الذي يمثله رجل الدين معنى يكاد لا يمكن العثور عليه في عراق المليشيات والأحزاب الطائفية: معنى يكاد يقول للكثير من رجال الدين، الأخرين ما لا يمكن قوله، بل وما لا يمكن حتى إجراء مقارنا فيه، معنى إنسانيا نبيلا ونقبا وطاهرا الي أخر حدود النيل والنقاه والطهر في أحلك الظروف. لا في أحلاها، تختبر القيم والأخلاقيات. وفي أحلك الظروف يعلو الدين ليبدو دينا ورسالة سماوية مقدسة. وفي أحلك الظروف ينكشف المعدن الحسن النقي ويظهر الأصل النبيل، وفي أحلك الظروف قال الكاردينال دلّي، عقب سلسلة تفجيرات طالت العديد من الكنائس في العراق الأسبوع الماضي من كل قلبي أنا أسامح كل من قام بهذا العمل الشائن... إذا كان هؤلاء يتصورون إن المسيحيين أعداء لهم، فان المسيحيين ليسوا كذلك، وانهم يحبون الجميع، وقال: "لا أعرف من قام بهذا الفعل، لكني أعتقد أنهم نائمون عليه لأنه عمل ضد الله وضد الإنسانية وضد نفسه...