للخلاص من تهمة الدعوة لولاية الفقيه، التي هي في قمة عقيدة أولئك الدعاة على منابرنا العربية، تدارك البعض منهم وأطلق تصريحات بإنكار دعوته تلك، وفي مزايدة علنية حولوا دفة دعوتهم نحو المطالبة بدولة المؤسسات والقانون ونظام الملكية الدستورية أسوة بالديمقراطية الغربية و"ما في هذه الديمقراطيات من عدل ومساواة"..
بين المُعلَن والمخفي في هذه الدعوات المموهة، سنفصّل معنى مطالباتهم الجديدة هذه، التي ستوقِعَهم في شر أعمالهم، ونوجز ماهية الديمقراطية الغربية كمنظومة متكاملة من القيم والمعايير التي لا يمكن تجزئتها، أي بالتعبير الغربي (Package) لا يمكن تفتيته وأخذ جزء منه وترك أجزاء أخرى.. لربما نصل بذلك لتحرير العقول من تأثير هذه المنابر التي تُطلِق دعاوى بعيدة عن معتقداتها الحقيقية في محاولة منها لاستغفال المجتمع واستلاب العقول البسيطة والصغيرة!!...
الديمقراطية الغربية، والغربية بالذات، هي نتاج مسيرة فكرية وثورية وممارسات وتجارب وخبرات استغرقت ما يزيد على القرنين من الزمان، وارتكزت على مجموعة من المبادئ الأولية في مفهوم الحريات، تطورت عبر مراحل تاريخية ومجتمعية متناسقة مع منظومة القيم الأخلاقية الغربية وتبلورت منها مجموعة المعايير الليبرالية الخاصة بالنظام الرأسمالي الحاكم في تلك البلاد.. وما يهمنا هنا هو أهم ثلاثة مبادئ اعتمدت عليها هذه الديمقراطيات في تحقيق نهضتها ونجاحها، وهي:
أولاً: مبدأ دولة القانون والمؤسسات: يعد أهم وأول مبدأ في الديمقراطية الغربية، وهو مطلب كل الشعب العربي، وله الحق الكامل في هذا المطلب،..

مارس 2008 هو الموعد الذي حدده الاتحاد البرلماني العربي لاجتماعه القادم الذي سيعقد في مدينة أربيل.. هذه المدينة العراقية التي اتخذته السلطة الكردية الانفصالية عاصمة لما يُدعى بإقليم كردستان في شمال العراق، ومع اقتراب هذا الموعد اشتد الجدال والصراع في الأوساط الرسمية العراقية حول تغيير العَلَم العراقي الذي أصر رئيس الإقليم المذكور، مسعود البرزاني، أن يتم تغييره وإلا فإنه سيرفع علمه الخاص (علم كردستان) في اجتماع ممثلي البرلمانات العربية.. والمهزلة الكبرى إن الاتحاد البرلماني هذا الذي يتكون من ممثلي الشعب العربي في منظماتهم البرلمانية، سيشارك في هذا الحدث الذي يعد ترسيخاً لخطة تقسيم العراق إلى دويلات طائفية.. وإذ يكفي في هذا مجرد انعقاد مؤتمرهم في أربيل (عاصمة كردستان) دون بغداد العاصمة، فياترى كيف يقبل هؤلاء بالجلوس تحت العلم العراقي المزيّف في مؤتمر عربي!، أو تحت العلم الكردي على أرض عربية؟!، وكيف يقبل هؤلاء بالمساهمة في تقسيم العراق، بسذاجة منهم أو بسبق الإصرار والتعمد.. وفي هذا إليكم بعض الحقائق:
1- أعلن مسعود البرزاني مدينة أربيل عاصمة لدولته الكردية، ومن مطار أربيل تنطلق رحلات دولية من وإلى مختلف انحاء العالم بما فيهم "إسرائيل" بدون أي تحفظ؛
2- يحتاج العراقيون (العرب) تأشيرة زيارة وكفيل كردي لدخول أربيل ومنطقة كردستان في الشمال ولا يُسمح لهم بالبقاء لأكثر من أيام، بينما كل العراق مفتوحة يدخلها رؤساء الدول والدبلوماسيون والعسكر والعصابات المسلحة والمخابرات الأجنبية وغيرهم بدون أي تأشيرة أو حتى أية ضوابط رسمية؛
3- يقول الكاتب والصحفي الفرنسي، روي أوليفير، إنه في زيارته الأخيرة لكردستان العراق التي دخلها براً من الحدود التركية حتى أربيل لم يجد علماً عراقياً واحداً، والعلم المرفوع في هذه المنطقة بأكملها هو علم كردستان الذي جاء به مسعود البرزاني؛

بات أكيداً إن الجرائم المستمرة في تدمير البشر والحجر بالعراق على مدار ما يقارب خمس سنوات من احتلاله بواسطة القوات الأنجلوأمريكية الصهيوصفوية في مارس 2003 وحتی اليوم، آنها جرائم منظمة ومخطط لها مسبقاً، وما هي بأعمال عفوية.. كما لا يمكن أن يصدق عاقل بأن هذه الكارثة غير الأخلاقية وغير الإنسانية، التي حلت العراقيين، بفعل الاحتلال والمحتلين، خارجة عن السيطرة، وأن ما من قوة أو سلطة قادرة علی إيقاف كل هذه الجرائم.. بل ان الأحداث اليومية التي تتداولها وسائل الإعلام تثبت بشكل قاطع أن عمليات قتل العراقيين وتدمير العراق كانت ضمن الاستراتيجية الأمريكية لاحتلال العراق، وندار بأدواتهم وتحت إشرافهم بمنهجية دقيقة لتحقيق أهداف بعيدة المدى، لم تعد خافية... أهمها إنهاء الدولة العراقية بكل بُناها ومؤسساتها وتغيير الديمغرافية العراقية بكل طوائفها وأثنياتها استعداداً لإعلان تقسيم العراق إلى دويلات طائفية ضعيفة ذات سيادة وعضوية في الأمم المتحدة.. وبعدها سيتغير نمط الصراع بكل تاكيد، كما هو البوم وفي الصراع الإسرائيلي الفلسطيني...
ماذا يحدث في العراق؟.. سؤال نوجهه للضمير العالمي...
هذه البلاد الأغنى بثرواتها النفطية والزراعية ومصادرها المائية والأقوى بكوادرها العلمية وأبنائها المتعلمين وثقافاتها المتنوعة وتاريخها الحضاري الممتد في عمق تاريخ الخليقة.. هذه البلاد وهذا الشعب يعيش اليوم، ومنذ خمس سنوات، في حال أدني من حال أفقر دول العالم، بينما أنعش النفط العراقي الاقتصاد البريطاني، وحفظ الاقتصاد الأمريكي المتردي من الانهيار.. هذا الشعب يعيش بدون كهرباء وبدون ماء صالح للشرب، بدون مستشفيات، بدون دواء، بدون أمن واستقرار.. وهذه كلها من أهم ضروریات ومستلزمات الحياة..

يعد أحد الكتب التصحيحية والإصلاحية الهامة في شئون المسلمين، ويُعَد كاتبه أحد المصُلحين الذين أبدوا خوفهم العميق على الإسلام والأمة الإسلامية عموماً من مخاطر رجال الدين المسترسلين في حماية مصالحهم الأنانية تحت غطاء الإيمان، ومنهم أولئك الفاعلين بالسياسة تحت جُبة الإسلام ليحققوا مبتغى الاستعمار ضد أمتنا..