منذ أن وصل نظام الملالي إلى إيران، في العام 1979، وحتى اليوم لم تهنأ منطقة الخليج بالاستقرار والأمن، فعَودَتنا الجمهورية الإسلامية أن تكون المنطقة والخليج العربي هدفها ووسيلتها لتفادي مشاكلها الداخلية المتفاقمة مع الشعب الإيراني المنهك تحت وطأة الفقر والقمع.. فمنذ قيام هذه الجمهورية الإسلامية لم يتوقف العنف الطائفي على أراضينا العربية، هذا العنف الذي بات أداة إيران لإخماد ثورة شارعها الرافض لنظامه السياسي القمعي والظلامي.. فكان تدخلها في الشأن العربي إما بالحروب المباشرة، وإما بالتدخل في سيادة بلداننا بواسطة أحزابها الدينية المتطرفة بدعوى تحريرها من سيطرة المستكبرين، وأكبر مثال على ذلك ما قام به حزب الدعوة العراقي في بغداد في العامين 1979-1980 في تفجير حافلات المدارس التي قتل بها آلاف الأطفال الأبرياء في بغداد.. وإما بالتصريحات النارية ضد سيادة دولنا، وآخر مثال على ذلك هو ما جاء في مقال المدعو حسين شريعتمداري، في صحيفة كيهان الإيرانية، وهو ممثل المرشد الأعلى الإيراني في هذه الصحيفة، والذي إدعى فيه بسيادة إيران على البحرين بموجب ما سطرته أقلامهم في تاريخ بلادهم..

نشرت أخبار الخليج في عددها ليوم الأحد 8 يونيو 2007 بالمانشيت العريض تصريحات الوزيرة الفرنسية كريستين بوتان حول إحتمال أن يكون الرئيس جورج بوش وراء هجمات 11 سبتمبر 2001 على برجي التجارة العالمية في نيويورك ومبنى وزارة الدفاع الأمريكية، البنتاجون، وهجمات أخرى قيل إنها لم تُنَفّذ كان مبنى البيت الأبيض أحد أهدافها.. ولأن الوزيرة المذكورة ليست أول شخصية تتحدث عن هذا الإحتمال التآمري حول تلك الأحداث، حيث سبقها الكثيرون ونشر عدداً من الكتب في هذا الشأن، فإن ما يثير الإنتباه والمزيد من الريبة هو هذا الجهد الأمريكي الكبير في التعتيم الشديد، بالسكوت، على تفصيليات تلك الأحداث، وبالتالي في إسكات كل الأصوات المتحدّثة في هذا الشأن، حتى وصل الأمر إلى حد التهديد والتعتيم والإقصاء والتهميش لأي دور أو فرد أو مؤسسة تتجرأ الخوض في هذا الإحتمال التآمري الأمريكي في أحداث 11 سبتمبر، رغم إن العديد مما نُشر استند إلى الدراسات العلمية والهندسية والميدانية والبحثية والسياسية.. وأكبر مثال على ذلك هو الحجم الكبير من التهديدات والمضايقات التي تعرّض له الباحث الفرنسي تيري ميسان (حسب تصريحاته)، وهو مؤلف كتاب "الخديعة الكبرى" الذي وضع فيه الأدلة العلمية والميدانية حول كذب الإدعاءات الأمريكية في أحداث 11 سبتمبر، فكان كتابه الصادر عام 2002 في مقدمة أفضل الكتب الفرنسية مبيعاً (ملاحظة: لم يقابل هذا الكتاب بأي إهتمام على المستوى العربي، حتى جاءت ترجمة وطباعة ونشر وتوزيع النسخة العربية في مستوى متدني جداً)..

يوم الخميس 30 يونيو 2007، أُنْهِيَت مهمة لجنة الأمم المتحدة المكلّفة بالتفتيش عن أسلحة الدمار الشامل المزعومة في العراق، بعد 16 عاماً (1991-2007) من العمل، ليُسدل الستار على أكبر كذبة وأبشع تضليل قادته الأمم المتحدة ضد العراق لصالح الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، حيث قدّمت هذه اللجنة آخر تقاريرها في 1260 صفحة لمجلس الأمن تذكر فيه إن "ما قاله العراق في العام 1991 بخصوص أسلحته كان صحيحا.. وإن التلهف الامريكي والبريطاني على غزو العراق عرقل عمل اللجنة".. ورغم ذلك بقيت كل الدول العربية في صمتها، والتزمت الفضائيات العربية ونجومها السكوت، وإن خرجوا جميعاً عن الصمت والسكوت فهو لتكرار ذات الأضاليل التي مارسها الغزاة والمحتلون ضد العراق ونظامه..
ستة عشر عاماً عاشه العراق وشعبه في مسلسل دموي لا مثيل له في التاريخ البشري بدعوى امتلاك هذا البلد لأسلحة الدمار الشامل.. بدءاً بثلاثة عشر عاماً من الحصار الاقتصادي الذي تم به تجويع العراقيين، وتجريد العراق من كل عناصر القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسية والعلمية، وموت نصف مليون طفل وما يزيد على مليون عراقي لنقص الغذاء والدواء، وتفشي أبشع انواع الأمراض السرطانية القاتلة والتشوهات الخلقية بسبب انتشار اليورانيوم من الأسلحة والدبابات والذخائر الإمريكية والغربية..

وأخيراً نطقت القيادة المصرية معلنة حقيقة خطر الدور الإيراني في المنطقة، فجاء على لسان وزير خارجيتها "إن إيران تشكّل تهديداً للأمن القومي العربي والمصري" على إثر الدور الإيراني في العراق، ودورها في شق الصف الفلسطيني وإنقلاب حماس على السلطة الفلسطينية وفصل غزة عن القطاع وتصدير السلاح لحماس عن طريق غزة وحدودها مع مصر لتأجيج المواجهة المسلحة ضد منظمة التحرير والسلطة..
وما يهمنا هنا هو تسليط الضوء على طرفين معينين في هذا الحدث، الأول هو القيادة العربية في مصر، التي لازلنا نتمنى أن تحمل دورها القيادي التاريخي للم شمل العرب بإخلاص وتفان.. فنتساءل هل حقاً كانت القيادة المصرية غافلة عن الخطر الإيراني قبل اليوم!.. هذا الخطر الذي بدأت أعراضه الحقيقية بالظهور منذ دخول الأساطيل الأجنبية إلى المنطقة، في العام 1990؟؟!.. أم إنها لم تملك أجهزة مخابرات أو مراكز دراسات استراتيجية تستطيع من خلالها جميعاً أن ترصد وتعرف النشاط الإيراني الدؤوب والحثيث في عملها التبشيري الاستيطاني على أرضنا منذ قيام الجمهورية الإسلامية!.. أو ربما لسبب قصور في الرؤية السياسية لم تتمكّن من قراءة تاريخ الصراع العربي الفارسي البعيد والقريب..