مساء الجمعة 19 ديسمبر وصلنا إلى الكويت بعد أن تأخرت بنا الطائرة لمدة تزيد على الساعة والنصف، وفي قاعة التشريفات في مطار الكويت جلسنا ننتظر وصول السيارة التي ستقلنا إلى الفندق، ليشرح لنا الأخوة الكويتيون، المرافقون لنا، أسباب هذا التأخير بأنه يرجع إلى الإجراءات الأمنية التي استدعت إصدار أوامر مشددة لقيادة جميع السيارات المستخدمة لأغراض هذا المؤتمر بواسطة أفراد من الأمن العام ووزارة الداخلية الكويتية حرصاً على سلامة الحضور.
عند وصولنا إلى مداخل المنطقة التي بها فندق الماريوت في وسط مدينة الكويت، حيث مركز الوفود الإعلامية لهذا المؤتمر، بدأنا نرى ماذا يعنون بالإجراءات الأمنية المشددة.

فيما يخص أهمية الإعلام في نشر واكتساب المعرفة يؤكد التقرير إن الإمكانات المتاحة للإعلاميين العرب ولوسائط الإعلام العربية تعاني من الشحة الشديدة في المعلومات وتدفقها ومن صعوبة الوصول إلى هذه المعلومات ومصادرها، تحججاً بقائمة طويلة من المحظورات التي يأتي الحفاظ على الأمن القومي والوطني على قمتها. إضافة إلى ذلك فإن جميع وكالات الأنباء العربية تعاني من عدم الاستقلالية وعدم العلمية في عملها كما تعاني من ضعف إمكاناتها البشرية والتقنية، لكونها مملوكة من قبل الأنظمة الحاكمة التي تسخر هذه الوسائل للدعاية لسياساتها فقط، مما يدفع جميع وسائل الإعلام العربية إلى الاعتماد على وكالات الأنباء الأجنبية ، وترديد ما تبثه هذه الوكالات في وسائلنا العربية بشكل آلي دون التمعن فيما وراء هذه المعلومات والأنباء من مؤثرات سلبية أو إيجابية على المجتمع.

ماذا يمكن أن يقال في أسر الرئيس العراقي صدام حسين على أيدي أجهزة الإستخبارات وقوات الإحتلال الأمريكية، بعد أن ألغى الإحتلال سيادة العراق ووجوده من على الكرة الأرضية؟... أي عصر هذا الذي نعيشه... ما هذا الخوف والذل والخنوع الذي يعصف بالعرب... برقيات التهنئة بمناسبة أسر قوات الإحتلال والاستخبارات الأمريكية للرئيس العراقي تتتالى من الزعماء العرب أو ممثليهم للحصول على رضا الرب في البيت الأبيض... ويكررون ما يُتلى عليهم كالببغاء، وبدون أي خجل، يكررون في ديباجة واحدة أنه كان العائق الوحيد أمام أمن واستقرار وبناء الوطن العراقي الصغير والوطن العربي الكبير... وهم عالمون خير علم إن سيادة العراق وقيادته استبيحا أمريكيا لما حققته هذه القيادة من بناء حضاري في العراق وليس لتلك الأكاذيب الملفقة والتي أصبحت مكشوفة لجميع شعوب العالم ... كما هم (الزعماء العرب) عالمون خير علم إن وجودهم مهدد في كل لحظة بنفس تلك الممارسات الأمريكية التي تمت في حق العراق وفي حق رئيس العراق الشرعي...

في شرح معمق لحال المعرفة في البلدان العربية، يسرد تقرير التنمية الإنسانية العربية تحليلاً مفصلاً لعملية نشر المعرفة في البلدان العربية، كعملية مجتمعية أساسية، من خلال التنشئة والتعليم والإعلام والترجمة. وسوف نحاول ، هنا ، أن نتتبع حال نشر المعرفة في الوطن العربي من خلال وسائط الإعلام حسب ما جاء في هذا التقرير، لما للإعلام من أهمية متعددة الجوانب والأوجه بجانب أهميته المعرفية.
يؤكد التقرير على أهمية العلاقة بين حرية الإعلام وتحديثه وبين زيادة الطلب والعرض على المعرفة في عملية التنمية الإنسانية، أي إنه للتحول نحو مجتمع المعرفة من المطلوب توسيع حدود الحرية الإعلامية "وتعزيز عمقه في قضايا التنمية الإنسانية من حكم صالح ومعرفة وتمكين النساء". ومن جانب آخر يؤكد التقرير إن العالم في تحول متسارع نحو "الاقتصاد المبني على المعرفة" وتداول وصناعة المعلومات والسيطرة والتحكم على شبكة الاتصالات والقنوات الفضائية "لكونها مصدراً جديداً لإنتاج القيم والرموز والذوق".