مما يجب أن يذكر لمجلس الشورى البحريني في دورته الحالية، هو ذلك الإنجاز الكبير الذي قام به برفع مشروع قانون جديد بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر إلى الحكومة للمداولة والتمرير إلى مجلس النواب، حيث نال هذا المشروع بقانون موافقة أعضاء المجلس لما تضمنه من مواد تمثل روح الدستور البحريني الذي ينص على أن "حرية الرأي والبحث العلمي مكفولة ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما وذلك وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون" (مادة 23).
وقد جاء هذا المشروع بقانون، ليكون بديلاً عن القانون السابق، الذي تم رفضه من قبل القطاع الأكبر من الكتاب والصحفيين، لما يحويه من نصوص لا تواكب المتغيرات الدستورية والديمقراطية في البلاد. كما جاء هذا المشروع ليؤكد على "حرية الصحافة والتعبير عن الرأي وللتأكيد بإن الصحافة لا تخضع لرقابة مسبقة"، وليؤكد على إلغاء "العقوبة المقيدة للحرية" وإلغاء تعطيل الصحيفة إلا بحكم قضائي.
وحيث إن الإعلام الحر وحرية التعبير عن الرأي هما عنصران متلازمان معاً لخلق مجتمع سليم آمن ومستقر، خالي من الأمراض السياسية المؤدية لممارسة العنف والتدمير وعدم الاستقرار، فعلى من يبني مجتمعاً ديمقراطياً ومقدراً لجميع مواثيق حقوق الإنسان بشكل واقعي، أن يضع نصب عينيه أهمية هذين العنصرين في المجتمعات الحرة.

المراقب لمناقشات مجلس النواب لملف التحقيق في قضية هيئتي التأمينات والتقاعد خلال الأسابيع الماضية، وما حدث قبل تلك المناقشات من تسرب لتقرير لجنة التحقيق إلى الإعلام، والطريقة التي أدارت وسائل الإعلام هذه المناقشات، والأسلوب المشحون الذي يتداول به الشارع هذه القضية، يكتشف إن كل العملية أو أغلبها تدار تحت ضغوط نفسية سلبية (سواء في داخل أو خارج البرلمان)، أولها وأهمها تلك الضغوط النفسية المشحونة بشحنات إنفعالية من الكراهية والغضب التي لا يمكن التعويل عليها أو تحقيق نتائج إيجابية منها، وأخرى ضغوط نفسية تهدف إلى تحقيق انتصارات وهمية لأصحابها والتي في النهاية لن تحقق مصالح المواطنين، وأخرى ضغوط نفسية تهدف إلى إخراج مجلس النواب من ركوده بمناقشات ساخنة توحي بقدرات النواب العالية، رغم ضعف هذه القدرات، مما في النهاية لن تحقق لهم حتى الخبرة المطلوبة في هذا المجال الحيوي والهام.

ضمن سلسلة الدعوات واللقاءات التي تبحث عنها السفارة الأمريكية في البحرين، كان ذلك اللقاء الأخير للسيد روبرت فورد، نائب السفير الأمريكي، في منزله، مع مجموعة صغيرة من الكتاب والصحفيين البحرينيين، الذين توزعت هوياتهم ما بين اليمين واليسار ومن أعطى نفسه، أثناء الحوار، نصف هوية عربية ونصف غربية، حسبما إدعوا تمثيلهم "للجيل الجديد الذي يحمل نصف عقلية عربية ونصف غربية"، حيث كنت بين المدعوين.
إن أشد ما يُحزن في تلك اللقاءات، أن تسمع حضوراً من مثقفينا يقدّم التنازلات الوطنية كما يطالب بالإحتلال أو التواجد الإمريكي على كامل الأرض العربية بدعوى ديكتاتورية الأنظمة في منطقتنا، لأن هذا الإحتلال والتواجد سوف يكون بمثابة الحارس الأمين على تحقيق الديمقراطية وحل الأزمات السياسية في المنطقة... هكذا بكل بساطة، وبكل سذاجة سياسية... يمحوا، (مثقفينا؟!) من الجيل الجديد واليسار القديم، أكثر من نصف قرن من الممارسات الأمريكية في ضرب الديمقراطية في منطقتنا وفي العالم أجمع... تلك الممارسات التي لا زالت مستمرة في صناعة هذه الأنظمة الدكتاتورية، ودعمها، ما دامت لا تقول كلمة رفض واحدة لهذا التواجد (الإحتلال) الذي يسلب الأمة ثرواتها وتنمياتها وتراثها وكرامتها الوطنية.

ضمن سلسلة جهود ونشاطات مركز البحرين للدراسات والبحوث، جاء بالأمس إفتتاح اللقاء البحريني الياباني 2004، الذي ينظمه المركز بالتعاون مع السفارة اليابانية في مملكة البحرين ومركز اليابان للطاقة، لمناقشة "الآفاق الجديدة للتحديات التي تواجه إدارة البيئة العالمية ومصادر المياه". ولأهمية وضرورة هذه الفعاليات والشراكات العلمية والبحثية لمجتمعاتنا العربية التي لا تزال تعاني من تخلف شديد في مجال البحث العلمي وجدوى البحث في العلوم الأساسية، ولما يضطلع به مركز البحرين للدراسات والبحوث، في الفترة الأخيرة، من دور جاد وحثيث في نقل هذه الثقافة والمعرفة حول مفاهيم أهمية البحوث العلمية والدراسات البحثية، إلى المجتمع، نرى ضرورة قيام الإعلام بدوره في دعم ومساندة مركزنا البحثي هذا في توجهاته الجديدة التي بدأت مع استلام الدكتور محمد جاسم الغتم لمهمة قيادته.