من مطالعات البريد الإلكتروني المفيدة لهذا الأسبوع، هو ذلك التعريف المختصر لمحتويات كتاب المفكر المغربي الدكتور المهدي المنجرة، والذي جاء في حوار نشرته صحيفة الخليج الإماراتية. وأهمية ذلك الكتاب يأتي لكونه أولا نتاج علمي للدكتور المنجرة وهو عالم متخصص في المستقبليات، وثانياً لأن الكثير مما ذكر في هذا الكتاب قد تحقق حتى الآن.
يقول الدكتور المنجرة إننا كعرب ومسلمون "نعاني من هوة ساحقة بين توقعاتنا والوقائع التي تحصل" وإن هذه الهوة تعني التخلف قبل كل شيئ، فإذا كنا نستغرب من حدوث الوقائع فإن ذلك يعني إننا لا نملك رؤية مستقبلية طويلة المدى ولا حتى متوسطة المدى ولذلك فإننا دائماً نعيش برؤية الآخر واستراتيجيته، وما نعمله هو عبارة عن ردات فعل لتلك الاستراتيجيات، لأننا متخلفون.
نرد أدناه، نصاً، أهم جزء من ذلك الحوار الذي دار حول محتويات الكتاب المذكور، فيما يخص رؤية الكاتب لأسباب الحرب على العراق، التي حددها الدكتور المنجرة في خمسة أسباب:

لتخطي أزمة التنمية الإنسانية في المنطقة العربية توصل تقرير التنمية الإنسانية العربية للعام 2002 إلى أهمية تجاوز المجتمعات العربية نواقصها الراهنة في إطار إعادة تأسيس ذاتها على بنى أساسية يمكنها من أسباب القوة واستدامة التنمية ، وقد أوجز التقرير هذه النواقص في، أولاً: إحترام الحقوق والحريات الإنسانية بإعتبارها أهم مقومات بناء الحكم الصالح المطلوب لتحقيق التنمية الإنسانية ، ثانياً : تمكين المرأة العربية من خلال توفير جميع الفرص الممكنة من بناء القدرات البشرية ، ثالثاً: تكريس اكتساب المعرفة وتوظيفها بفعالية في بناء القدرات البشرية للوصول إلى حالة الرفاه الإنساني في المنطقة.
وعلى هذا الأساس جاء تقرير التنمية الإنسانية العربية الثاني للعام 2003 ليركز على موضوع بناء مجتمع المعرفة ويختار هذا الموضوع محوراً له ، كما قالت الدكتورة ريما خلف (المدير الإقليمي – لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي للدول العربية)، لكونه "واحداً من ثلاثة عناصر تتضافر في استراتيجية التنمية الإنسانية في الوطن العربي ، وتُؤتي أُكُلُها مجتمعة لا فرادى، والتقدم في إنجاز أي منها يساهم، لا ريب، في الإسراع في تحقيق المتطلبات الأخرى. إذ يصعب نهوض المرأة، كما يتعذر استعادة الحرية وإقامة الحكم الصالح (وهو موضوع تقرير التنمية الإنسانية الثالث) في مجتمعات تُحبس فيها المعرفة".

رغم كل التعتيم الإعلامي حول ما يجري اليوم في العراق، إلا إن ضخامة حدث إحتلال العراق، وهو قلب الأمة العربية، يجعلنا متابعون لكل ما يجري هناك يوماً بيوم، بل لحظة بلحظة، ومن مختلف المصادر الداخلية والخارجية، حيث إن كل المعلومات الممنوع تداولها من خلال وسائل الإعلام التي هي اليوم تقع تحت طائلة الإرهاب الإمريكي المباشر، يمكن الحصول عليها من وسائل الإتصالات الأخرى، مما يلغي من فعالية وسائل التعتيم الإعلامي في هذا العصر. وعلى هذا الأساس سوف نجيب على سؤال الدكتور محمد الغتم الذي وجهه ضمن أسئلته التسعة إلى البروفيسور أنتوني كوردزمان، والذي يدور حول: ما الذي يجري حقيقة اليوم في العراق؟ ومن هم اللاعبون الحقيقيون؟ وإلى متى ستستمر حالة عدم الاستقرار؟ وإلى أين يتجه العراق ؟

في ندوة نظمها مركز البحرين للدراسات والبحوث، جلسنا مستمعين، لفترة تقارب الساعة، إلى المحلل السياسي والكاتب الأمريكي البروفيسور كوردزمان، على أمل أن نخرج معه بأهم الدروس المستفادة من الحرب على العراق، حسب عنوان الندوة، وإذ بنا نخرج "بخفي حنين"، لأن الدكتور المحاضر لم يذكر أكثر مما يكرره علينا جورج بوش في جميع خطاباته، عن أهمية هذه الحرب للقضاء على الإرهاب والدكتاتورية، وأهمية حصول قوات الإحتلال في العراق على مساعدات من دول العالم عموماً ودول الخليج خصوصاً، وأهمية النظر إلى المستقبل وعدم التفكير في الماضي، وإن (الإرهاب) في هذه المنطقة لا علاقة له بقضية فلسطين بل سببه تلك المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تعاني منها المجتمعات العربية لأنها بعيدة عن الديمقراطية التي تنادي بها الولايات المتحدة من خلال إصلاح أنظمة الحكم في هذه المجتمعات والتي سوف تساعدنا الإدارة الأمريكية على تحقيقه.