بقدر حزننا ومعارضتنا لممارسات السيد حسين الخميني الذي يطالب الأجنبي الأمريكي بأن يحتل بلده بهدف تخليص شعبه من حكومته الإسلامية، وبقدر رفضنا لكل هذه الأنواع من الممارسات التي بكل تأكيد تعد أبغض صور التحالف مع العدو ضد الوطن أي إحدى صور الخيانة العظمى، إلا إننا نرى ضرورة مقارنة هذا الموقف بما حصل للعراق في الأمس القريب.
منذ أيام إستقبلت الإدارة الأمريكية حسين الخميني إستقبال الفاتحين، وهو حفيد آية الله الخميني، ذلك الرمز الذي أسس الجمهورية الإسلامية في إيران وأعطى الولايات المتحدة لقب "الشيطان الأكبر" إشارة لرفضه التام لسياساتها تجاه إيران وغيرها من الدول المسحوقة والواقعة تحت هيمنتها وجبروتها الظالم في العالم الثالث. جاء هذا الإستقبال الحافل للسيد الخميني لأنهم وجدوا فيه ضالتهم، أو صنعوا منه ضالتهم، ليكون تلك اللعبة والأداة الجديدة التي سوف تستغل أبشع إستغلال حيثما وحينما تشاء هذه الإدارة الأمريكية اليمينية لتحقيق مآرابها في إيران ، تلك المآرب التي لن تنتهي إلا بسقوط كامل لأي نظام إيراني يمكن أن يرفض تسليم كامل الأرض الإيرانية وثرواتها للخزانة الأمريكية.

في مثل هذا اليوم، الأثنين، من الأسبوع الماضي، كانت لي فرصة لقاء وحوار متعدد الأبعاد، مع صاحب السمو الشيخ خليفة بين سلمان آل خليفة، رئيس الوزراء، حيث شرفني فيه بتقديره لمساهماتي الصحفية، كما عبر سموه عن إهتمامه الخاص بما أطرحه من خلال كتاباتي في الصحافة البحرينية، وأنا إذ أقدم شكري وإمتناني لإهتمام وحرص سموه على دعمه وتشجيعه لي ولجميع المخلصين والحريصين على مصلحة هذا البلد، إلا إنني أرى إنه من واجبي أن أسرد هنا جزء مما دار من حوار في ذلك اللقاء الذي استمر لفترة تزيد على الساعة مع سموه.
أحد الأبعاد الرئيسية الذي طرحه سمو رئيس الوزراء في ذلك الحوار، والذي أبدى إهتماماً خاصاً في الإستماع لوجهة نظري حوله، كان حول الواقع المحلي وذلك النمط من العمل السياسي الذي لا يزال متمسكاً بتلك الأسس القديمة والقائمة على الرؤية الأحادية الجانب ودون الأخذ في الإعتبار مدى أهمية الأدوار التنموية والاقتصادية والسياسية للوطن، وتلك الأسس القديمة القائمة على اللامبالاة أو عدم القدرة على القراءة الواقعية والسليمة لتلك الأدوار والسياسات الدولية والإقليمية الراهنة والمحيطة بنا، وعدم القدرة على قراءة واقعنا المحلي الصغير كجزء مما يحاك لهذه الأمة وما تعيشه من أحداث، والذي يتطلب رص الصفوف وتوحيد الجهود لدرء أخطارها قدر الإمكان.

لكي نعرف كيف نواجه الأعداء والأطماع الخارجية التي تستهدفنا، علينا أن نعرف وسائلهم وأدواتهم وطريقة أدائهم، وإلا فسوف نظل نطحن الهواء وتذهب كل جهودنا هباء، وينتصر علينا العدو ويحقق أهدافه بدون عوائق، لا بل يمكن أن نكون نحن أدواته ووسائله في تحقيق أهدافه دون أن نعلم، نتيجة لعدم الوعي وقلة المعرفة.
إن أهم الأدوات المستعملة حديثاً في تنفيذ مخططات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، ضمن مشروع القرن الأمريكي الجديد، هي تلك الأداة القديمة والسهلة جداً في التنفيذ، إضافة إلى أنها مضمونة النتائج والنجاح خصوصاً في مجتمعاتنا العربية التي تعاني من ذلك الخلل السياسي الذي تم بناؤه بشكل تراكمي خلال عقود من الممارسات الإستعمارية، كما تعاني من التخلف المعرفي والتدني الشديد في الوعي ومن الإنقسامات الفكرية والمنازعات الأيديولوجية والسلوكيات غير الموضوعية بين نخبها ومثقفيها عوضاً عن الإلتقاء على ثوابت تحمي المصالح الجماعية والتاريخية لهذه الشعوب، تلك المصالح التي يجب أن تأتي قبل أي إعتبار. هذه الأداة التي لم تتراجع الإدارة الأمريكية أن تعلن عنها في بعض البرامج التلفزيونية بعد إحتلالها للعراق مباشرة، وبعد أن واجهت هناك مقاومة شعبية ترفض الإحتلال مهما كانت نواياه، هذه الأداة هي المبدأ المعروف لنا جميعاً والذي يتلخص في كلمتين وهما "فرق تسد"، التي تطبق اليوم أبشع تطبيق في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

أنقل هنا بعض المقتطفات من مقال طويل أعددته منذ فترة، ولم أنشره حتى الآن، يتحدث عن وضع الإعلام البحريني في إطار الواقع الإعلامي في منطقتنا بشكل عام، حيث لا يمكن إنكار تراجع الإعلام البحريني بخطى متسارعة، مما يستدعي منا جميعاً وقفة تأمل للتعرف على الأسباب الرئيسية لهذا التراجع الشديد ووضع حلول جذرية لهذه المشكلة، وخصوصاً إن البحرين كانت سباقة في إدخال المنطقة إلى عالم الفضائيات في مرحلة سابقة، وكان من المؤمل دخول الإعلام البحريني إلى مرحلة أكثر تقدماً عوضاً عن هذه الإنتكاسة الإعلامية التي نعيشها جميعاً.