بدا أكيداً وصول الرئيس المنتخب جو بايدن للبيت الأبيض... وخاب أمل من كان يعتقد بأن دونالد ترامب سوف يفوز بولاية ثانية، أو إنه واتباعه سيشعلون حرباً أهلية أمريكية إن خسر هذه الولاية. وما يهمنا في كل هذا هو أنه بعد سنوات طويلة من تناوب الادارات الأمريكية في البيت الأبيض، ما بين الجمهوريين والديموقراطيين، بات في حكم الأكيد بأن تاريخ العلاقات الأمريكية العربية يُثبت أنها مبنية أساسا على المصالح، بالرغم من بعض الاختلافات الطفيفة في الاستراتيجيات المتبعة في إدارة العلاقات بين الطرفين، طبقا لنوع الإدارة التي تحكم في واشنطن.

خلالَ آخرِ عقدين من القرنِ العشرين، خططتْ الولاياتُ المتحدةُ الأمريكيَّةُ ليكونَ القرنُ الواحدُ والعشرون قرنًا أمريكيًّا بامتياز، هو قرنُ الإمبراطوريَّةِ الأمريكيَّةِ التي «لا تغيبُ عنها الشمسُ»، فكرَّستْ من أجلِ حلمِها كلَّ إمكانياتِها السياسيَّةِ والاستراتيجيَّةِ والتكنولوجيَّةِ والعلميَّةِ والعسكريَّةِ والاستخباراتيَّةِ، لتكونَ القطبَ الأقوى والأوحد، بلا منازعٍ ولا منافس، في نظامٍ دوليٍّ جديد، وأن تكونَ لها الكلمةُ الأولى والأخيرةُ في قيادةِ هذا العالمِ الذي نعيشُ فيه.

لربما لم يعد يختلف اثنان اليوم على أن منطقتنا العربية إجمالاً، وفي مقدمتها الشأن الفلسطيني، تتجه نحو المزيد من الانهيار السياسي والتشظي العسكري، وارتهان في الإرادة، وتهديد في السيادة والأرض والديموغرافية... وباختصار تنبئ أحداث عالمنا العربي عمومًا بتراجع شامل وخطير في قوة الدولة الوطنية والقومية، وتراجع أخطر في وعي وإرادة الشعوب... وهذا أقل ما يوصف به حال الأمة اليوم.

يذكر المؤرخون العرب أن إيران «اتخذت في زحفها وتقدمها نحو الحدود الشرقية للوطن العربي ثلاثة مسارات:

الأول- التقدم إلى وسط العراق وإحداث حالة من امتداد في الأراضي العراقية وضم أجزاء منها بحيث يكون ذلك الامتداد قريبًا من بغداد فيسهل الانقضاض عليها وضربها، ويمنح الفرس قدرة في توجيه قواهم شمالاً أو جنوبًا وممارسة الضغط المستمر على العراق والتدخل في شؤونه.