قدمت الكاتبة هذا البحث، وناقشته في محاضرة، أمام نخبة من الدبلوماسيين والأكاديميين وطلاب الإعلام في المعهد العالي للإعلام والاتصال بالرباط – المملكة المغربية، في مارس 2018.
سنحاول من خلال هذه المحاضرة تحليل ومناقشة الأهمية الكبرى لدور سلاح الإعلام في بناء وتركيز النظام العالمي الجديد والعمل على التغيير الجيوسياسي في المنطقة العربية، كما نحاول التطرق إلى نتائج استخدامات هذا السلاح وتأثيراته على العلاقات الدولية والإقليمية. ونركّز بالأساس على دور الإعلام باعتباره مؤسسة جديدة غير تقليدية تضاهي الجيش النظامي في مفهومه التقليدي، وتتفوق عليه، كقوة ناعمة، من ناحية التأثير الفعّال والهيمنة اللامادية شبه المطلقة وتحقيق الأهداف الاستراتيجية المرجوة. ولكن قبل ذلك، وجب علينا تحديد بعض المفاهيم.

يُقال إن العرب يقرأون السياسة بقلوبهم وليس بعقولهم.. ولأن السياسة لا عاطفة فيها، تكون الهزيمة دائمًا من نصيب أمتنا.. وآخر هذه القراءات السياسية العاطفية وغير العقلانية نجدها في ردود الأفعال المُعلنة لدولنا الخليجية حول نتائج الجولة الأولى من المفاوضات بين طرفي الأزمة اليمنية، والتي انعقدت في ستوكهولم منتصف ديسمبر 2018. و«بتحفظ» وإيجاز شديدين، أضع هنا قراءة أولية لهذه المفاوضات كمدخل لموضوع هذا المقال:

في بحث علمي قصير في صفحاته، كبير في محتواه، تحدثت الباحثة السعودية الدكتورة نوف عبدالعزيز الغامدي حول مفاهيم «إدارة الفهم، وهندسة التجهيل»، لتفتح لنا آفاقًا بحثية ومعرفية حول حقيقة هذين المفهومين وعلاقتهما بالواقع العربي المتدهور الذي نعيشه منذ الربع الأخير من القرن الماضي حتى اليوم، والذي يدفع بالعرب نزولاً نحو القاع الذي سيكون الارتطام به مدويًا، مدمرًا، وغير قابل للعلاج (جوزيف جوبلز- وزير الدعاية الهتلرية).

لهذا المقال جزء سابق نشرته في صحيفة أخبار الخليج البحرينية بعنوان: «الحرب القادمة» (4/6/2017)، أشرت فيه نصًا إلى أن المراقبين الاستراتيجيين، والمتخصصين في الدراسات المستقبلية، يؤكدون على «أن المؤشرات التي بدأت تتراكم خلال الفترة الماضية تشبه كثيرًا ما مر به العالم قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية، ورغم سيادة الاعتقاد أن الدول النووية لا يمكن أن تدخل في مواجهة عسكرية جديدة، خوفًا من استخدام القوة المدمرة التي لم تكن متوافرة في الحربين العالميتين السابقتين، فإن هناك ارتفاعًا ملحوظًا في مؤشرات قيام حرب عسكرية، مباشرة و/أو بالوكالة، بين أقطاب كبرى....».