يعيش عرب المشرق والمغرب العربي اليوم حالة غليان في العلاقات مع الجارة الشرقية المسلمة إيران، ورغم أن العلاقات العربية الإيرانية لم تكن دائماً جيدة على مدار التاريخ، فإن إيران منذ عام 1979 لم تحاول قط أن تغيّر مواقفها العدائية المعلنة والمبطنة ضد العرب عموماً، بل هي تعيش منذ ذلك الحين في حالة استنفار مستمرة، من دون هوادة، للانقضاض على كل بقعة أرض عربية تصاب بحالة ضعف ووهن أو انهيار، بذريعة تصدير ثورتها البائسة «لتحرير رقاب المسلمين من حكوماتهم الظالمة والمغتصِبَة لخلافة آل البيت».

لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق، ونستون تشرشل، وصفٌ دبلوماسيٌّ للكذب في العرف الغربي بقوله إن «خلال الحرب تتطلب الحقيقة بعض الأكاذيب المساندة»، وفي موقع آخر يفسِّر ذلك بقوله إن «في وقت الحرب تكون الحقيقة ثمينة جدًا، الأمر الذي يتطلب حمايتها بحرسٍ شخصيٍّ من الأكاذيب»... ومن المؤسف قوله «إنه لطالما نجحت سياسات الكذب الغربية في إقناع العرب بأكاذيب تصيبهم بالعمى الذي شلَّ ويشلُّ قدراتِهم على صناعة القرار السليم...

هـــل نحـــن عــلى مـــوعــدٍ مــع حــــربٍ قــادمــــة فـي نهـايـة العقـد الثـانـي مـن القــرن الجـديـد؟؟

يقوم الإعلام «العالمي» بدور ذكي وناجح في تعطيل قدرات دولٍ محددة على التنبؤ بما هو متوقع، رغم أنه، نظرًا إلى المتغيرات الدولية الكثيرة والمتسارعة، صارت الأمم المتقدمة تولي اهتماما بالغًا بالتنبؤ بما هو غير متوقع، فما بالك بما هو متوقع... لذلك كثيرًا ما يُوصف العرب بالسذاجة، والرومانسية، في تحليلهم للقضايا السياسية على جميع المستويات، حيث بات شائعًا تحليل قضايانا بحسٍ عاطفي ساذج أكثر مما هو فكرٌ واقعي يملك الأدوات العلمية السليمة.

لقد أثبتت أحداث المنطقة منذ عام 2010 جميع التوقعات التي قمنا برصدها وتحليلها ونشرها في مقالات متتالية في صحيفتنا هذه (أخبار الخليج البحرينية) بدءًا من تاريخ احتلال العراق... هذا الاحتلال الذي أثبت بكل وضوح تفاصيل «مشروع الشرق الأوسط الجديد» القائم على مرتكزات الفوضى الدموية وسلاح الإرهاب والطائفية والحرب بالوكالة... وبناء عليه ارتأينا إعادة نشر بعض المقالات البحثية التحليلية التي سبق نشرها في ذلك الوقت، والتي تستحق التذكير بها لأهميتها وتطابقها مع الأحداث الراهنة.