المتتبع لشئون منطقة الشرق الأوسط ، خلال جيل كامل منذ حرب 1973، يستطيع أن يعطي مؤشرات وأدلة كثيرة على إن الأحداث التي تمر بها منطقة الشرق الأوسط اليوم ، ليست وليدة عهد جورج بوش (الإبن)، وإن المؤسسات السياسية الأمريكية لم تبدأ في وضع وتنفيذ مخططاتها للشرق الأوسط ، فقط منذ بداية إدارة بوش (الإبن)، أي منذ ما يقل عن عامين ، إذ إن هذه المخططات والاستراتيجيات التي تم وضعها في وقت سابق بدأت خيوطها العملية تتضح في أزمة الخليج في عام 1990، وبالحرب البشعة التي شنتها الولايات المتحدة الأمريكية ضد العراق في عام 1991.

فور الانتهاء من الاستعمار القديم في العالم بشكل عام وفي الوطن العربي بشكل خاص ، بدأت تتشكل معالم الاستعمار الجديد ، في ظل الحرب الباردة بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي (سابقاً) في الفترة منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية حتى عام 1990 . بدأ تشكل الاستعمار الجديد في ظل الإنتشار الاستراتيجي العسكري للولايات المتحدة الأمريكية في مختلف بقاع العالم من خلال تمركز قواعدها العسكرية ونشر خبرائها ومنظزمة اسلحتها واساطيلها في مناطق نفوذها والأمتداد لمناطق نفوذ استراتيجية جديدة

هناك مؤشرات كبيرة من خلال مختلف وسائل الإعلام الغربية والعربية بأن هناك مقاومة شديدة ضد العدوان الأمريكي الغازي للاراضي العراقية، وإنه بعد مرور أكثر من أسبوعين على الحرب لا زالت هذه القوات الغازية تعاني من خسائر كبيرة بشرية وآلية في المناطق والمدن الحدودية التي لم تتمكن حتى هذا اليوم من فرض سيطرتها عليها، كما في أي موقع يصلون إليه في تقدمهم السريع على الشوارع الرئيسية خارج المدن العراقية.

هل كل ما نشاهده على الفضائيات من قصف يومي ولا إنساني للأبرياء ولعراق حمورابي ولبغداد أبو جعفر المنصور ولعاصمة الرشيد ولحاضرة العرب والمسلمين ولتاريخ وحضارة الرافدين العريقة بكل أسلحة الدمار هذه للتخلص من اسلحة الدمار؟ وهل حقاً تهدف الولايات المتحدة وبريطانيا بهذه الحرب البشعة، والتي يرفضها أكثر من 85% من سكان كوكب الأرض، لحماية الديمقراطية في العالم؟