لا ديمقراطية بدون التعددية وبدون حقوق المواطنة الكاملة، والتي من أهم ركائزها المساواة في ممارسة الحقوق السياسية وغيرها من الحقوق مقابل الالتزام بجميع واجبات المواطنة لجميع أبناء الوطن نساءً ورجالا، بما يعني ان الانحياز لطرف دون الطرف الآخر في ممارسة الحق السياسي أو أي حق من حقوق المواطنة لهو بالتأكيد تغييب للديمقراطية وانحياز للتعصب ولتمييز فلا يمكن أن تتحقق الديمقراطية في عدم وجود تمثيل مناسب لجميع أطراف المجتمع، سواء المرأة أو الرجل أو الأحزاب والتنظيمات السياسية المختلفة الممثلة لجميع فئات المجتمع، في مختلف مؤسساتها. من هذا المبدأ نقيُم تجربتنا الديمقراطية الأولى في انتخابات المجالس البلدية على أنها تجربة غير معبرة ديمقراطياً عن المجتمع بجميع فئاته وقطاعاته وإنها تجربة انتقصت من حقوق المرأة كمواطنة لتمثيل

وفي ظل المبدأ القائل بأن تحقيق كل حق أساسي يساهم في تحقيق الحقوق الأخرى ويزداد قوة بهذا التحقيق، نرى أن العلاقة بين حق تنظيم الأسرة وبين النواحي التنموية الأخرى لهي علاقة ذات تأثير عكسي وفي اتجاهين. إن تنظيم الأسرة يسهم مساهمة مباشرة في عملية التنمية المستدامة خاصة في مجال صحة الفرد والأسرة مما يعتبر عامل يؤدي إلى التمتع بالحقوق الأخرى بالإضافة إلى قوة للتغيير الاجتماعي لأنه يعمل على توعية الناس بقدرتهم على اتخاذ القرار الخاص بتخطيط حياتهم.

إن التثقيف الأسري ورفع الوعي حول الصحة الإنجابية أصبحا من الضروريات الملحة لسلامة حياة الفرد ورفاه الأسرة وبالتالي المجتمع. حسب تعريف المؤتمر الدولي للسكان والتنمية (القاهرة 1995) للصحة الإنجابية هي "حالة الرفاه البدني والعقلي والمجتمعي في جميع الأمور المتعلقة بصحة المرأة والطفل في جميع مراحلها العمرية منذ ما قبل الحمل وحتى نهاية فترة الخصوبة"، أي إنها ليست مجرد السلامة من الأمراض والإعاقات فقط ، حيث ورد في المبادئ العامة للمؤتمر الدولي للسكان والتنمية بعض المبادئ التي تعتبر مرجعية تستند إليها القرارات والأعمال الخاصة ببرامج الصحة الإنجابية على سبيل المثال: "يولد الناس جميعاً أحراراً ومتساوين في الكرامة وفي الحقوق وللجميع الحق بالتمتع بالحقوق والحريات التي نص عليها الميثاق العالمي لحقوق الإنسان دون أية تفرقة ومن أي نوع كانت … الخ".

بدأ الانتباه لأهمية دور المرأة كعنصر أساسي في عملية التنمية مع بداية السبعينات ومع ظهور التغير في برامج التنمية عند صانعي القرار وواضعي خطط التنمية ومع ظهور حركات تحرير المرأة المطالبة بالمساواة في الحقوق والواجبات والمشاركة بين الجنسين . في هذا العقد كان هناك تراكم نسبي للتجارب التنموية للكثير من بلدان العالم الثالث لتحليل عوامل النجاح والفشل فيها مما دعا إلى ظهور النظريات التنموية الجديدة وإعادة النظر في النظريات التي كانت موجودة في الفترة السابقة وكان من نتائجها تحليل الأدوار المجتمعية للجنسين والتركيز على دراسة المواضيع المتعلقة بمساهمة المرأة في العمل الاقتصادي في البلدان النامية ودرجة إدماج احتياجاتها في الخطط التنموية.