لحظت الشريعة السمحة هذا الجانب من أجل استتباب الأمن واستقرار المجتمع الآمن فأسست نظام (الحقوق الشرعية) نوعا ضريبيا روحه تعني مشاركة (المعوزين) في مال الشخص المؤمن، واعتبرت ذلك (حقا) كما قال تعالى:
 "وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم".
 "وفي أموالهم حق للسائل والمحروم".
 "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم".

ديننا في أعمالنا الفكرية أن نضع لكل مادة مبحوثة تعريفا مستمداً من اللغة العربية والمصطلح العلمي، لكنا وجدنا أنفسنا غير قادرين على وضع تعريف للأمن، على الرغم مما قالوا فيه من شروح تكاد تكون لفظية أكثر منها علمية، تلك بسبب وضوح المعني، فالأمن قائم بالذات، كأنه من الوجدانيات التي يشعر ويحس بها العاقل وإن لم يلتفت لها إلى تعريف.
ولا غرو فالأمن روح الوجود وجوهره، فكما أن الوجود لا يعرف إذ هو الواقع في تعريف الأشياء فكذا روحه - أي الأمن - الذي كان في الأزل ركيزة الحياة للإنسان الأول، منذ البدء، على هذا الكوكب إذ أهبط بالأسرة الأولى للإنسان (أدم وزوجه) من السماء بعد إجراء اختبار تكويني عليهما لإثبات صفة الحرية والاختيار الذاتي فيهما، وإجراء ذلك في السماء دون الأرض لعدم صلاحية الأولى للتكاليف المولوية كما في الأرض، فيكون التكليف فيها إرشاديا، ولو أجري الاختبار على أدم في الأرض التي هي ظرف للتكاليف المولوية لكانت المخالفة منه لسيادة القانون مانعة من خليفة لتحقق المعصية المانعة من الاستخلاف الذي أثبت الحرية للنوع البشري.
في قصة الأكل من الشجرة حيث لا عهدة تكليفية مولوية هناك، لقد أخبر الرب أدم وزوجه بأن الحياة على الأرض ستحاط بالأمن والأمان، أخبروا بأن الحياة على الأرض مكتنفه بالأمن والأمان: "لكم فيها مستقر ومتاع إلى حين".

نشرت صحيفة "أخبار الخليج" في عدد يوم السبت 3 سبتمبر 2009 حديثا دار في المجلس الرمضاني للسفارة السعودية، لدى مملكة البحرين، وكان الأستاذ أنور عبد الرحمن، رئيس تحرير "أخبار الخليج" بناقش في هذا الحوار دور الملالي في اختطاف الثورة الإيرانية التي اشعلها الليبراليون في عام 1977-1978، وكيف تسلم الخميني هذه الثورة على طبق من ذهب ليصبح قائدها ويبدأ بعد ذلك مسلسلاً طويلاً لتصفية واغتيال قادة الثورة الحقيقيين الذين شارك بعضهم في السلطة في البداية، وتمكّن البعض الآخر من الهروب واللجوء إلى المنفي قبل وصول أيادي الغدر إليه.
والجدير بالذكر هنا أن الدكتور أبوالحسن بني صدر، مفكر الثورة كما وصفه الخميني، وأول رئيس للجمهورية الإسلامية، كان من بين أوائل الفارين من جحيم الاغتيالات ... وقد ذكر الإعلام حينها أن بني صدر، رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران، هرب متنكراً في ملابس النساء كي يضمن سلامته، إشارة إلى قسوة الملاحقة التي تعرّض لها بهدف اغتياله.
بعد مضي ما يقرب من عشرين عاماً على تلك الأحداث وهرب رئيس الجمهورية، كتب الدكتور بني صدر مذكراته، باللغة الفرنسية، وسرد فيها الكثير من تفاصيل الثورة وما بعدها، وناقش صاحب الكتاب بعض ما جاء فيه عبر الصحافة والفضائيات . .

 

لربما لو كانت هذه الثورة والجمهورية ملتزمتين بحجمها الطبيعي، ودورهما الدنيوي، ولم تأخذا هذا البعد الإلهي والدور التبشيري الديني السياسي خارج حدودهما لما كان الشأن الإيراني من اهتماماتنا . . ولكن بكل ما تدّعيانه من أبعاد ميتافيزيقية، وما تمارسانه من أدوار ثيوقراطية تبشيرية ( تصديرية ) في مجتمعاتنا العربية والإسلامية، فإن الاهتمام بالشأن الإيراني، وتنوير الرأي العام بالحجم والبعد والدور الحقيقي لهذا النظام الذي يديره رجال دين، يعدان من صميم أدوارنا كإعلام عربي وسياسة إقليمية . . ومن هذا المنطلق نتابع أحداث إيران اليوم و أمس وغداً...