رغم كل ما شهدت ساحة العمل السياسي في البحرين، خلال الأعوام الثلاثة المنصرمة، من أجواء الانفتاح التي رافقت المشروع الإصلاحي، ورغم كل ما قدمه طرفا العملية السياسية، السلطة والمعارضة، من مبادرات لتكييف ذلك الإنفتاح نحو إرساء قواعد جديدة في علاقاتهما، إلا إنه كان ملاحظاً، منذ البداية، إن أجواء أزمة الثقة المتبادلة لم تنفك مستمرة بين أوساط طرفي العملية... كلٍ بإتجاه الآخر.
ودون الدخول في سرد طويل لمظاهر أجواء الإنفتاح، ولا في سرد المبادرات التي قدمها كل طرف للآخر، إلا إننا نرى من الضرورة والأهمية مناقشة تلك الأزمة في الثقة المتصاعدة بين الطرفين لما لها من تأثيرات بالغة في الإستقرار السياسي والاقتصادي الذي ننشده، وخصوصاً بعد ذلك التصعيد الذي بلغ مداه على هامش المؤتمر الذي ناقشت فيه المعارضة قضية الدستور...
مما لا شك فيه إن أزمة الثقة لا يمكن أن تنشأ من فراغ، وإنما تنشأ نتيجة لتراكم الأحداث والازمات مع مرور الزمن...

من المفارقات الأليمة في مجتمعاتنا الأبوية أننا جميعاً نعتقد بأننا ديمقراطيون لمجرد اعتناقنا لبعض الأفكار والمبادئ الوطنية والسياسية، كما يعتقد كل فرد نفسه ديمقراطياً لمجرد كونه يحمل مؤهلاً أكاديمياً عالياً، أو يرعى مؤسسة مدنية أو دينية، أو ذو منصب إداري عالي، أو ذو تاريخ في العمل الوطني أو العمل التطوعي يمتد إلى عصور غابرة، أو يجيد الكلام والتحدث في بعض الشعارات الوطنية والمصطلحات السياسية... إنها حالة الإنفصام والتناقض بين الفكر والممارسة التي يعيشها مجتمعنا ونرى تجلياتها واضحة في مواقع مختلفة من العمل السياسي والإداري والأهلي والوطني.
إن هذا اللبس أو الخلط في المفاهيم عادة ما ينتج في مجتمعات مثل مجتمعاتنا التي تشكو من قصور شديد في الوعي الديمقراطي وماهية الديمقراطية، والذي يعد من أهم أسبابه فقر المجتمع بشكل عام في الثقافة السياسية، إذ إن مجرد الإيمان بالديمقراطية لا يعني وعياً ومعرفةً بها أو ممارسة لها، فلكي لا تكون الديمقراطية مجرد شعارات ترفع ولا تمارس، ولكي نتعلمها بعمق تراكمي، يجب أن تطبق في حياتنا اليومية... وهذا ما لا يمكن أن يتحقق دون بناء أسس ودعامات قوية لها ضمن البناء التربوي في المدارس والمؤسسات التعليمية المختلفة من خلال المناهج النظرية، وما لا يمكن أن يتحقق بدون الممارسة العملية الحرة في حق الاختيار والترشيح والانتخاب في العمل الطلابي، وفي كافة مجالات العمل الأخرى، بجانب تعلم الحوار والتفاوض وقبول رأي الأغلبية والقبول بالتعددية والاختلاف.

جيني تونغ، هي عضو في حزب الديمقراطيين الأحرار، البريطانية، ونائبة في البرلمان البريطاني، ولكنها، ولسوء حظها قامت بخطيئة لا تغتفر في هذا الزمن الإمروصهيوني حين عبّرت عن رأيها، في لقاء لها مع أعضاء من حملة التضامن مع الشعب الفلسطيني، فيما يخص واقع الشعب الفلسطيني في ظل الإحتلال الإسرائيلي والعمليات الاستشهادية التي يصفها الغرب بـ (الإرهاب)، وقالت "إن هذا النوع من (الإرهاب) على وجه الخصوص يولد من رحم اليأس الشديد.... وهناك الكثيرون الذين ينتقدون التفجيرات الانتحارية لكني لو عشت في ظل مثل هذه الظروف فلربما فكرت في أن افعل نفس الشيء".
جاء رد الفعل الأول على تصرف هذه السيدة وممارستها لحقها في التعبير عن الرأي أنها فصلت مباشرة من الحزب الذي تنتمي إليه (الديمقراطيون الأحرار)، لأنها تخطت الخطوط الحمراء غير المسموح بإختراقها فيما يخص الشأن الإسرائيلي وما يمارسه الكيان الإسرائيلي من أدوار إرهابية وغير إنسانية على أرض فلسطين... وبذلك قُصِمَ ظهر الديمقراطية البريطانية (العريقة) من أجل إعطاء هذا

أصدر المناضل ليث شبيلات بياناً للرد على حملة إغتيال الشخصية التي يتعرض لها، مع العديد من شخصياتنا العربية الوطنية المحترمة، وهي الحملة التي تتولى القيام بها قوى الإحتلال والاستعمار الجديد والقوى الطائفية السائرة في ركابها في المنطقة العربية. يقول ليث شبيلات في مقدمة بيانه "يذهل المرء من هول حملة أسلحة الدمار الشامل الصوتية الموجهة لاغتيال الشخصية والتي هي أشبه بالقنابل النيوترونية التي تقتل الحياة ولا تصيب جسم العمران إذ تهدف الحملة إلى قتل الشخصية معنوياً مع إبقائها حية. وأمام هكذا حملة لا نملك سوى سلاحنا التقليدي الذي ليس عندنا غيره، وهو إصدار بيان يرد على الهجمة مستعينين بالتنوير والمنطق لدحض الحملة وأهدافها".
بهذه المقدمة البسيطة والعميقة يبدأ المناضل ليث شبيلات بيانه ضد هذه الحلقة الجديدة من المهمات المخابراتية القبيحة لمخابرات إمبراطورية القرن الواحد والعشرين في مسلسل حملات الإرهاب الفكري والسياسي التي تمارسها بهدف إغتيال الشخصية العربية الوطنية والإسلامية والقومية من ذوي المبادئ الراسخة التي عجزت سياسات الإرهاب الفكري والسياسي الإستعماري من كسبها لجانبها على مدى العقود الماضية ، مما إضطرها للجوء إلى أوسخ وأسهل طريقة للإنتقام منها، وهي وسائل لا يمكن إتباعها إلا في مجتمعاتنا التي تَمَكّنَ منها الغزو الإعلامي الإمريكي، وأجيالنا التي تَمَكّنَ منها الغزو الطائفي والفكر المتطرف.