اذا كانت الطائفية متعلقة بمبادئ الاديان والطوائف فمن البديهي ان لا يستطيع انسان من طائفة ما ان يعيش مع إنسان من طائفة اخرى ولا أن يصادقه او يزوره، وهذا ما لم يحصل في أي مجتمع متعدد الأديان. اما اذا كانت الطائفية حجة ومبررا لاقتسام الحصص والمغانم وإضعاف الوطن، فهذا يعني إنها جريمة يجب ان يوجد قانون يعاقب فاعلها والمحرض عليها... لا أكثر ولا أقل.
واذا كانت مبادئ الاديان والمذاهب المختلفة مكتوبة ومعروفة، وكلها تحث على المحبة والتسامح والفضيلة... فكيف يمكن ان يوجد داخل الدين الواحد والمذهب الواحد اشخاص طائفيون وآخرون غير طائفيين؟... افلا يعني هذا ايضا ان الطائفية جريمة يطالها القانون الذي يفترض بالدولة القوية القادرة تطبيقه، قبل ان تستفحل وتصبح وباء يصعب حجره والتخلص منه؟؟...

هل الطائفي يقدم ولائه وانتمائه للوطن؟... وبالنتيجة هل يمكن أن يدافع الطائفي عن حدود وطن لا تربطه به صلة الولاء أو الإنتماء لأسباب الإختلاف الطائفي؟... وهل يمكن المحافظة على أمن وسلامة واسـتقرار الوطن من ممارسات الطائفيين؟... وتبعاً لكل ذلك، هل يستحق الطائفي حقوق المواطنة؟
للإجابة على هذه التساؤلات يجب التعرف على حقائق وثوابت حول الطائفية والطائفيين...
في الاصل إن الطائفية هي نقيض التساوي والمساواة في الحقوق والواجبات، لذلك أعتبرت الطائفية نقيضاً للوطنية . واي تحديد او تعريف آخر للطائفية يعد نوعاً من أنواع تجاهل العارف لما هو معروف، حيث أن كل المتحدثين عن الطائفية والممارسين لها على علم ومعرفة تامة بهذا التعريف.

هل يا ترى نحن، أبناء هذه المنطقة العربية المنكوبة برموز ومعايير حاكمية تدين بولائها للأجنبي وليس للشعب العربي، هل يا ترى نحن جديرون بمواجهة الثورة التي فرضت علينا من الخارج ؟، وهل نحن قادرون على توجيه هذه الثورة بما يخدم تغيير الواقع العربي الراهن، وبما يخدم خلق فرص لحياة أفضل للأجيال القادمة من خلال تغيير تلك الرموز والمعايير الحاكمية غير الرشيدة إلى أسس رشيدة ترفض الركوع لإرادة الأجنبي ، ولا تراهن على مصالح الشعوب؟ ... هذا هو السؤال الذي يجب أن يطرحه اليوم كل عربي قادر على قراءة ما بين السطور في كل تلك التقارير الأمريكية والغربية حول الديمقراطية في هذه المنطقة... وكل عربي قادر على قراءة النظام الرسمي العربي السائر باندفاع نحو كسب كلمة إشادة واحدة في تلك التقارير... وكأن تلك الإشادات هي الحل السحري والنهائي لكل ما ابتلت به هذه الأمة من بلاء سياسي واجتماعي واقتصادي وعلمي يمتد جذوره من أحقاب الاستعمار القديم لتصل بنا إلى الاستعمار الجديد الذي نعيش كل مظاهره ومضامينه ... فأصبحت تلك الإشادات في تلك التقارير تشكل، للبعض، قشة النجاة والهدف الأسمى المطلوب تحقيقه للحصول على صك البراءة من البطش الغربي... والخوف كل الخوف من هذا البطش...