العنوان أعلاه هو لمقال بقلم الصحفي الأمريكي "تشارلز كلوفر" نشر في صحيفة الفاينانشيال تايمز نيوز "News.ft.com"... يصف فيه تجربته كصحفي مرافق للقوات الأمريكية في حربها على العراق، بفلسفة قد تكون خافية على الغالبية العربية التي ترى في المجتمع الأمريكي مناراً للديمقراطية، وتردد كالببغاوات إن الإرهاب مصدره عالمنا الإسلامي العربي اللاديمقراطي... يقول كاتبنا:
"احدى ذكرياتي المريرة عن تجربتي في تغطية الحرب على العراق، كصحفي مرافق للقوات الامريكية، كان لجندي أمريكي صغير السن بعد معركة في شوارع النجف، خلال تبادل إطلاق الرصاص مع قناص، أسرعت سيارة فيات زرقاء في الشارع محاولة الهرب، أطلق الجندي 15 صلية من سلاحه الآلي وقتل السائق الذي تبين أنه أستاذ جامعة وغير مسلح، بعد ساعة سمعت الجندي يشكو من أن سلاحه محشور مما يمنعه من إطلاق المزيد من الصليات. وفي هذه الأثناء تجمع زملاؤه الجنود حوله يهنؤونه على أول عملية قتل يقوم بها، ولم يكن من الواضح حينئذ إذا كان يعرف من قتل أو إذا كان لذلك أية أهمية .وقد كنت دائما أجد صعوبة في فهم كيف يمكن لمراهق أمريكي، قد يكون نشأ في الضواحي مثلي، أن يكون له هذه النظرة إلى القتل... لقد رأيت الكثير مثله.

مع بداية فترة الصيف والإجازات السنوية، يبدأ الكلام عن السفر للترفية والسياحة، للخروج من نمط وروتين العمل اليومي... ويكثر الحديث عن إرتفاع أسعار تذاكر السفر والطيران، وإرتفاع أسعار الشقق والفنادق في كل أنحاء العالم، وإرتفاع أسعار الأكل والمطاعم والأسواق في هذا البلد أو ذاك... إلخ، مما يعطي مؤشرات واضحة عما تمثله تلك الأسفار والرحلات من عبء كبير على ميزانيات الغالبية العظمى من المواطنين، سواء من ذوي الدخل المحدود أو الأعلى... ولكن، ورغم ذلك، لا تمنعهم كل تلك الأسباب عن السفر إلى مختلف بقاع العالم، وعن تحمّل كل تلك الأعباء المالية التي يمكن توفيرها لأغراض أكثر أهمية ونفعاً...

يكثر الكلام هذه الأيام عن ظاهرة الليبراليين العرب... لأسباب مختلفة، أهمها إنها ظاهرة باتت تعلن عن نفسها من خلال كم من الآراء المتطرفة وغير المألوفة للأذن العربية... كتحقير الهوية القومية والعروبة، ورفض كل الأنظمة العربية وتعريفها بالدكتاتورية، عدا تلك الأنظمة العربية الحاصلة على صكوك "الحليف الإستراتيجي" التي توزعها إدارة بوش على الأطراف التي تهيئ لها سبل تحقيق مشروع القرن الأمريكي الجديد... والأكثر تطرفاً في تلك الآراء هو إعلانهم الصريح والمبطن بوقوفهم مع الدولة الإسرائيلية، كونها الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط، ومناصرتهم الإحتلال، سواء في فلسطين أو العراق، وعدم ممانعتهم لإحتلال باقي الدول العربية الدكتاتورية لتحقيق "الديمقراطية"... هذا هو المنطق الليبرالي العربي، الذي لا علاقة له بكل مفاهيم الليبرالية الغربية وقيمها التي عملت على بناء تلك الصروح الصناعية والسياسية والإقتصادية في العالم الغربي... فمن هم هؤلاء الليبراليون العرب؟.. وكيف أصبحوا ممثلين للفكر الحر على شاشات الفضائيات منذ تهيئة العالم لإحتلال العراق؟

نشرت صحيفة الفايننشيال تايمز البريطانية مقالا بتاريخ 21 يونيو/حزيران الجاري، للكاتبين جاريث سميث، من بغداد، وتوماس ساتان، من واشنطن، بعنوان "الامم المتحدة تصفع أمريكا بشأن إنفاق الأموال العراقية"، يصف بالأرقام عملية نهب عائدات ثروة العراق النفطية على يد سلطة الاحتلال الأمريكية... فيما يلي نص المقال (مترجماً):
"إنتقدت وكالة الرقابة المالية، التابعة للأمم المتحدة، بشدة سلطة الإحتلال بسبب الطريقة التي أنفقت بها أكثر من 11 مليار دولار من عائدات النفط العراقي... وذكرت الوكالة أنها واجهت (مقاومة) من موظفي الإحتلال وفي تقرير حصلت عليه الفايننشيال تايمز، قالت وكالة الرقابة المالية التابعة للأمم الامتحدة أن صندوق تنمية العراق الذي تديره سلطة التحالف المؤقتة وتقوده أمريكا، والذي يحوّل عائدات النفط إلى "مشاريع إعادة الإعمار" كان عرضة لأعمال النصب والإحتيال.