"أكو آثار ضرب، ماكو قطع رؤوس"، هذا ما قاله بيان جبر {وإسمه الحقيقي بيان صولاغ} (تلفزيون الجزيرة، 18 نوفمبر 2005/الأخبار) أو المدعو بوزير داخلية العراق معلقاً على ما تسرب من أخبار حول تعذيب عصابات وزارة الداخلية للمعتقلين العراقيين في أقبية الوزارة للتبرير بإن التعذيب لم يتجاوز الضرب ولم يصل إلى القتل وقطع الرؤوس، وهذا يذكرنا بتصريح موفق الربيعي {وإسمه الحقيقي كريم شاهبور} عندما نشر الإعلام الأمريكي عن تعذيب الأمريكان للمعتقلين العراقيين في سجون أبوغريب، التي تضم أعداد كبيرة من العراقيات أيضاً، والتي تم أغتصاب أعداد منهن، ذلك التصريح الخالي من أدنى درجات الكرامة، بقوله "لا يتجاوز عدد المعتقلات عن 125 إمرأة فلماذا هذا التضخيم في الأخبار!!"...

مع التركيز الإعلامي على أخبار "قمة المعلومات" التي احتضنتها الجمهورية التونسية في الفترة 16-19 نوفمبر 2005، نُشر خبر اجتماع الوزير الإسرائيلي، موشيه شالوم، مع وزيري الخارجية والسياحة التونسية على هامش المؤتمر، فجالت بخاطري تساؤلات لابد أن استذكرها الكثيرون في حينها... تساؤلات تقول، هل هذا المؤتمر هو لمناقشة صناعة تكنولوجيا المعلومات أم للتطبيع مع الكيان الصهيوني؟... وثانياً لماذا الاهتمام بالسياحة بينما المؤتمر يحمل عنوان "قمة تكنولوجيا المعلومات"؟... ألا يدل ذلك على إن الصناعة الوحيدة المسموح بها للعرب هي صناعة السياحة؟... أما تكنولوجيا المعلومات وغيرها من العلوم التكنولوجية فلتترك لأصحابها.
نعم، إن أهم ما يهتم به الغرب لمنطقتنا هو إبقائها بعيداً عن جميع أنواع العلوم التكنولوجية لتظل هذه الأمة رازحة تحت عبء الحاجة القصوى للغرب وما يملكه هذا الغرب من تكنولوجيا تتحكّم في كل وسائل الحياة اليومية، ولتظل في ضعفها الدائم والمستمر بعدم تمكينها من الوصول إلى صناعة السلاح التي صنعت هيبة الدول العظمى... وبات هذا الأمر واضاحاً وضوح الشمس، فلسنا بحاجة لمناقشته، إلا إن ما يجري حولنا كل يوم يرجعنا للتذكير بهذه السياسات التي لم تعد القوى الخارجية تعمل جهداً كبيراً على تكريسها في المنطقة بقدر ما يتم الترويج لها من قبل أبناء المنطقة من خلال تلك الدعوات القاصرة والمستميتة للاهتمام المبالغ به بالسياحة حسب الشروط الغربية "المتحضرة"، كونها المصدر "الأكثر أهمية" لإقتصادياتنا، ولأننا نحن العرب المسلمون (قوم من المتخلفين عن العصر) لا نفهم إن من إصول السياحة الحضارية والمتمدنة "توفر الخمور والدعارة في كل زقاق"، فإذا تقرر منع تناول الكحول في الأماكن العامة لمدة يوم واحد أو في شهرٍ مقدّس قامت القيامة وما قعدت،

خلال الخمس سنوات الأخيرة تم استخدام العرب والإسلام إعلامياً أبشع استغلال لفرض اقصى قوانين قمع الحريات في الغرب الأوروبي والأمريكي، بدءاً بما تم تشريعه في الولايات المتحدة الأمريكية مباشرة بعد أحداث 11 سبتمبر 2001، لتتبعها المملكة المتحدة بعد تفجيرات محطات القطار في 7 يوليو 2005، إضافة إلى ما تم تشريعه في ما بين الفترتين من قوانين دولية تحت عنوان الحرب على الإرهاب، التي من أهم مظاهرها هو الربط بين الإرهاب والعرب، والإرهاب والإسلام، في كل أنحاء العالم... وبهذا تتواصل السياسات الاستعمارية التي بدأتها هذه الدول الغربية في المنطقة العربية منذ بدايات القرن العشرين (سايكس بيكو)!!. فبعد استعمار استمر يعمل على مدار قرن كامل على تشكيل هذه المنطقة لتكون مجزأة وخالية من كل أنواع الحريات، ضعيفة ومسلوبة الإرادة والاستقلالية، منزوعة من كل إمكانيات البناء الذاتي، لإبقائها منطقة مشلولة وتابعة للغرب في كل متطلبات ومستلزمات استمرار الحياة، بعد كل ذلك ومع بدء القرن الميلادي الواحد والعشرين انتقلوا إلى المرحلة التالية في مشروعهم الاستعماري، وهي مرحلة إنهاء وجود هذه الأمة العربية والإسلامية ديموغرافياً، أي إنهاء الوجود العربي والإسلامي في هذا الحيّز الجغرافي الغني اقتصادياً وجيوسياسياً على الكرة الأرضية...

"لويس ليبي"، المدير السابق لمكتب نائب الرئيس الامريكي "ديك تشيني"، والمتهم بالادلاء بشهادة كاذبة في قضية تسريب اسم العميلة السرية في وكالة الاستخبارات الأمريكية "فاليري بليم" إلى الصحافة... والعميلة السرية "فاليري" هذه هي زوجة "جوزيف ويلسون" الدبلوماسي الأمريكي السابق ورئيس لجنة التحقيق الذي أكّد كذب المعلومات التي سربتها الإدارة الأمريكية حول حصول العراق على اليورانيوم من نيجيريا... وفي هذه القضية يحاكم "ليبي" بتهمة عرقلة سير العدالة وتهمتين بحنث اليمين وتهمتين بالادلاء بشهادة كاذبة انتقاما من "ويلسون" بعد تصريحاته التي انتقد فيها قرار الادارة الامريكية شن الحرب على العراق (لاحظوا عدد الأكاذيب وتسلسلها في هذه القضية)... وقضية "ليبي" هذه، التي نبدأ بها مقالنا، هي حلقة صغيرة في سلسلة الأكاذيب التي صنعتها وتبنتها الإدارة الأمريكية والبريطانية بهدف الوصول إلى تدمير العراق وإحتلاله لسرقة موارده النفطية.