في ردنا السابق على الحلقة الأولى من حوار السيد مرتضى بدر مع صحيفة "الوطن"، تجاوزنا الإشارة إلى الإساءة التي توجه بها إلى شخص الزعيم العربي ياسر عرفات، في روايته لأحداث دارت بينهما، وبين أبو عمار وأحمد الخميني، رغم عدم إسناد السيد بدر حديثه بأية وثيقة تدعم مصداقيته، مدعياً بذلك في إنه أحد (أبطال) تلك الروايات، وذلك ما يُدعى بحديث المجالس واستعراض البطولات لإبهار البسطاء من الناس!?

جاء في صحيفة "الوطن" البحرينية (العدد 78/الأحد 26 فبراير 2006)، وضمن حلقات "قصة الإسلام الحركي في البحرين"، اعترافات للسيد مرتضى بدر، رئيس المجلس البلدي لبلدية المنامة، بدوره كأحد المؤسسين والقياديين الأوائل لـ"الجبهة الإسلامية.....!?"، وحيث إننا نرى في تلك الاعترافات بعض الثغرات التي يراد بها تغطية حقائق معينة، فإننا نرجو أن يسمح لنا الأخوة في "الوطن" مناقشة بعضها... وللأهمية نبدأ بمقدمة توضيحية.

لم يمر في تاريخ العرب عصر كان فيه الدين عامل فِرقَة وتفتيت وتقسيم كما هو حال هذه الأمة في عصرنا الحاضر، وهو عصر زرع فيه الاستعمار البريطاني بذور أسوأ أنواع التفتيت الطائفي وجاء الاحتلال الأنجلوأمريكي راجياً حصد ثمارها.

لا تدع السياسات الغربية في شئون وأحداث منطقتنا العربية مجالاً للشك حول حقيقة أن هذا الغرب الاستعماري قد فصّل "ديمقراطية" خاصة على قياس العرب، وإن محاولات وضع قيم "ديمقراطية" من نوع خاص بالعرب ستبقى مرتبطة ومقيدة تماماً بمعايير مصالح الاستعمار الجديد الذي يغزونا اليوم بدعوى "الديمقراطية". وأهم ما في تلك القيم هو إن كل السياسات التي تمارس ضمن الضوابط والسيطرة الغربية تكون "ديمقراطية"، حتى لو كانت ضد سيادة وإرادة الشعوب، وإن كل السياسات التي تدار خارج الضوابط والسيطرة الغربية هي "غير ديمقراطية" بل ديكتاتورية، حتى لو كانت بإرادة شعبية كاملة ونزيهة، وعلى كل شعوبنا العربية أن تقبل بهذا الواقع الجديد مهما تكلّف الأمر (بالعصا أو بالجزرة). والمراد من هذه الديمقراطية "الخاصة" هو سيادة المصالح الاستعمارية التي تروّج نفسها اليوم بمبادئ رومانسية مخدرة للإرادة فيصعب محاربتها، رغم كل أنهار الدم التي جرت في منطقتنا منذ أن جاءنا هذا الدراكولا الاستعماري الجديد في لبوس الناسك الزاهد...