رحل الروائي العربي والفنان العالمي نجيب محفوظ وبرحيله فقدت الأمة العربية أعظم أدباؤها المعاصرين، وأكبرهم شأناً في كتابة الرواية العربية.. محفوظ من الروائيين النوادر الذين أبدعوا في تناول الرواية من كل الجوانب الفنية، فكتب الرواية الواقعية والسياسية والتراثية والتاريخية وحتى الرواية المسرحية والسينمائية والساخرة، فتميّز بالشمولية في التأليف الروائي لم يتميّز بها أي روائي عربي غيره حتى هذا اليوم...
من السهل الحديث عن نجيب محفوظ، الروائي العربي الأكثر إنتاجاً، والأكثر انتشاراً، مبيعاً وترجمة، دون أن ينقطع عن الكتابة حتى مماته.. من السهل الحديث عن هذا المبدع العربي والعالمي العظيم بما قدّمه من إبداعات أدبية طوال عمره المديد الذي ناهز المائة.. ولكن كيف يمكن الحديث عن نجيب محفوظ الإنسان المبدع الذي عاش ومات بعيداً عن الأضواء وإبهاراتها وسطوة سلطتها على النفس؟!..

هدأت عاصفة الحرب في لبنان الدامي، وسكتت المدافع، وجثمت آلات الحرب الإسرائيلية في أماكنها، إلا إن أسباب هذه الحرب الوحشية التي شنتها إسرائيل على لبنان، بإعداد وتخطيط مسبق، لا تزال غامضة.. ولكن يوميات الحرب، وقرار مجلس الأمن رقم 1701، وأسلوب ووسائل تنفيذه بإدارة أطلسية تقودها فرنسا، والصورة العربية غير واضحة المعالم بما يغطيها من غبار حركة الآليات العسكرية المرافقة لعشرات عشرات الألوف من الجيوش الأجنبية التي تتحرك وسط غبار المدن والقرى العربية التي دمرتها، ولازالت تدمر بها منذ بداية القرن الجديد، تعد وسائلنا لمعرفة الغامض من أهداف هذه الحرب.

في كلمات بسيطة، وبدبلوماسية عالية، وروح مترفعة على الخلافات، أوصل ملك البلاد رأيه ورؤيته في الأحداث الجارية من حولنا إلى الإعلام العربي في جمهورية مصر العربية (أخبار الخليج، 26 آب/أغسطس 2006)، في الوقت الذي تمر منطقتنا العربية بأقسى فتراتها السياسية وأسوأها، منذ ما يقارب القرن... في الوقت الذي يتكالب على هذه الأمة مختلف أنواع الطامعين في أرضها وثرواتها، والحاقدين على تاريخها وعراقتها.. وفي الوقت الذي يخطط أعدائها لتقسيم الأرض والمجتمع، ويحاولون تأليب مشاعر العداء في البيت الواحد، وزرع بذور الكراهية والأحقاد في المجتمع الموحد، ووضع أسفين التفرقة والفصل في الدين الجامع...
وفي استعراضه للأحداث والمستجدات العربية مع كبار ضباط القيادة العامة لقوة دفاع البحرين أكد ملك البحرين مساندته "لكل جهد عربي يهدف إلى تعزيز التضامن العربي، وتوحيد الصف العربي في هذه المرحلة التي تمر بها الأمة العربية" (أخبار الخليج 28/8/2006).

في كلمته العاطفية أمام اجتماع وزراء الخارجية العرب في بيروت، يوم الاثنين 7 أغسطس 2006، صمت الرئيس فؤاد السنيورة للحظات، متأثراً من الموقف، ليعبّر عما بداخله، مستنجداً بالعرب، قائلاً بصوت متهدج: "إن عروبتنا غير مشروطة، ليست عروبة إرغام، إنها عروبة اختيار والمسؤولية والالتزام، وإن دعمكم ومساعدتكم لنا واجب ومسؤولية... وإن الأمن العربي أمن واحد، وإن المستقبل العربي مستقبل واحد"، قالها الرئيس السنيورة وهو يبكي على لبنان المدمر..