لا يمكن الفصل بين الاستحقاقات الانتخابية القادمة في البحرين وبين تطورات الأحداث الإقليمية التي يتصدرها الشأن العراقي بكل تجلياته الخطيرة...
وباختصار شديد، نوجز أهم هذه التجليات في الحرب الطائفية المستعرة في العراق، والتي كُللت بمطالبة الائتلاف الشيعي في البرلمان بالتقسيم الفيدرالي للوسط والجنوب العراقي بدعوى إيقاف نزيف الدم والاقتتال بين الطائفتين..

لا يمكن لأي محلل سياسي (أو نفسي) أن يعطي تفسيراً منطقياً (أو مقنعاً) لسياسات الأنظمة العربية في قضايانا الوطنية والقومية، سوى إنها عبارة عن ردود أفعال آنية، تأتي في حينها، انعكاساً لموقف أو رغبة خارجية، بمجملها لا تعكس مصلحة وطنية أو قومية عربية، إن لم تكن تضر بهذه المصالح عموماً.. حتى فقدت المنطقة كل خطوط مناعتها الدفاعية ضد الأمراض التي بدأت تنخر في مفاصلها، فبدت آثار ضعفها واضحة جداً في تراجع القضية الفلسطينية، وفي احتلال واستباحة العراق، وفي كل الأزمات التي تعاني منها المنطقة من الخليج إلى المحيط.. والتي تجلّت بأبشع صورها في كارثة حرب لبنان!، تلك الحرب التي فاجأتنا جميعاً بجرائمها وانتهاكاتها وتفاعلاتها المتسارعة، وأدخلت دولنا في مرحلة جديدة هي مؤشر للدور المرسوم للمنطقة في النظام الدولي الجديد.. اصبح لزاماً على الأنظمة استيعابها ومواجهتها بصدق وبدون مواربة.

سجِلوا هذا الحدث في أوراقكم، وليس فقط في ذاكراتكم.. اليوم، هو الثلاثاء، التاريخ، هو 5 سبتمبر 2006، والمكان، هو مدينة واشنطن في الولايات المتحدة الأمريكية، والمصدر هو صحيفة يو إس أي تودي (USA Today) اليومية، التي نشرت حواراً مع الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي لينطق بالحقيقة، ويخلع ثوب الرهبنة المقدّس الذي ألبسوه إيران وقادتها..
الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي قال "إن على القوات الأمريكية البقاء في العراق إلى أن تتمكن الحكومة العراقية من السيطرة على الأمور في البلاد"، ليؤكد رجاء إيران ببقاء "الشيطان الأكبر"، المحتل الأمريكي، على أرض العراق خوفاً من أن يستلم العراقيون حكم بلادهم؛

خلال السنوات الأربع الماضية، نجحت جمعيات إسلامية معينة في افتعال أزمات متتالية حول ما أسمتها بـ"ملفات وطنية"، كما نجحت في إدارة هذه الأزمات وتفعيلها وتعليقها، في حدود أهدافها غير المعلنة، دون أن تحقق أية نجاحات في أهدافها المعلنة، وبإيجاز شديد، أولاً: نجحت بتجيير كل تلك الأزمات لأهداف طائفية وشق الصف الوطني، وثانياً: نجحت في تصعيد الأزمات لمستويات تحقق رؤى وأهداف خارجية وإقليمية، ثالثاً: نجحت بإشغال المجتمع البحريني حول الشأن المحلي الملتهب باستمرار لينشغل ويبقى بعيداً عن الشأن القومي الذي يتدهور من السيئ للأسوأ، رابعاً: نجحت في تحقيق الاستفادة القصوى من تحالف بعض الجمعيات القومية معها حول هذه الملفات لإبعاد صورة الطائفية عنها، خامساً: والأهم إنها تمكنت تدريجياً من الحصول على مكاسب تطبيقاً لمبدأ "خذ وطالب"، بعيداً عن أهدافها المعلنة الخاصة بالدستور، أو عن إيجاد حلول ناجحة لتلك الملفات العالقة، التي يتم التلويح بها، بين الحين والآخر، ضمن أجندات زمنية وسياسية خفية...