في كتابه "نهاية الداعية" يؤكد المفكر العربي عبدالإله بلقزيز على إفلاس الداعية المثقف الذي ظن إنه قادر على تغيير العالم، فإذا به عاجز عن تغيير نفسه، مما دفعه إلى تكوين "ميليشيات فكرية" خانت الحداثة والحرية معاً. وفي هذا السياق للمفكر الفرنسي، ريجيس دوبريه، كتابات يشترط فيها على المثقف أن يعود إلى جحره ليتأمل العالم ويكف عن الإدلاء بدلوه في الشأن العام...
يا ترى إلى أي حد تنطبق هذه الرؤية على المثقفين العرب؟... فهل هناك من يملك إجابة على هذا السؤال؟... لربما نحصل على إجابة في نهاية هذا المقال.
يعيش العرب، منذ أكثر من ثلاثة عقود، وهي مرحلة ما بعد الاستعمار، عدد كبير من الأزمات والتحديات المعقدة، المتزامنة، والمتتالية، ما لم يعشها أي جيل عربي سابق، على مدار تاريخ هذه الأمة. ويبدو إن الفشل الذريع الذي حققه العرب، على مدار هذه العقود، في مواجهتهم لتلك الأزمات والتحديات، أدت بعالمنا العربي إجمالاً إلى الوضع الراهن الذي لا يحسد عليه.

ليعذرني القارئ الكريم إن أستغل مساحتي الكتابية اليوم لأنقل صوت العراق المذبوح إلى العالم، من خلال قلم إمرأة عراقية، تموت مع شعبها كل يوم تحت أقدام الغرباء الحاقدين على تاريخ وطنها. السيدة (...) تبعث بهذه الرسالة من بغداد، من أعظمية أبي حنيفة النعمان.
"تذكروا دائماً أن الاحتلال هو المسؤول"
"تتدهور الأوضاع في عراقنا الغالي يوما بعد آخر ضمن خطة غير مفهومة التفاصيل.. والمؤلم في الموضوع أننا نقرأ ونسمع كل يوم عن دور هذا او ذاك في التدهور الحاصل دون التطرق ولو من بعيد الى دور الاحتلال نفسه.. وهو أمر بديهي عند من يحاول التغطية على أفعال الاحتلال وتبييض صورته في أعيننا.. أما أن ينزلق مثقفونا الى ذلك.. فهذا ما لا يمكن احتماله.. إذ يجب أن نتذكر دائماً أن الاحتلال هو المسؤول الأول والأخير عن كل ما نمر به من سوء مهما حاولت الأحداث إزاحة أنظارنا عنه..
أما الساسة العراقيون والعرب الذين يلقون باللوم على هذا الطرف أو ذاك ابتداءً من ايران مروراً بالتكفيريين والطائفية والعنصرية وما الى ذلك من الأكاذيب التي يحاول الأمريكان زرعها في عقولنا.. فلينتبهوا لكلامهم لأنهم بذلك سيحققون للاحتلال ما أراده بإبعاد أنظارنا عن أفعاله هو... من خلال تأكيدهم المستمر على مسؤولية إيران عن كل ما يحدث في العراق من هدم وتخريب، فبقدر تأكدنا من صحة ذلك، نذكر بحكمتنا العربية القائلة : أقفل دارك.. تأمن جارك، ونذكر بمن فتح لها الباب لتدخل وتعمل ما تعمله من تقديم الدعم للمليشيات التي تدربت في أرضها على أيدي الاسرائيليين والصهاينة على فن القتل والتعذيب الهمجي وجاءت لتطبقه هنا.. فنحمل مسؤولية ذلك للإدارة الأمريكية نفسها والتي تندد بإيران ومليشياتها من جهة وتدعمها بنفسها وتطلق يدها لتخريب العراق من جهة أخرى؛

"وادي الذئاب-العراق، Valley of the Wolves-Irak" إسم فيلم من إنتاج وإخراج تركي وتمثيل تركي-سوري، يُعرض في مجمع سينما السيف 2، يعد الأول من نوعه في عرضه، شبه الواقعي، لعنف ودموية ووحشية الاحتلال الانجلوأمريكي للعراق، بكل مشاهد الدمار والقتل الجماعي، والمجازر البشرية وحمامات الدم التي لا يفرق المحتلون فيها بين الطفل والشاب والرجل والشيخ المسن والمرأة...
لا يمكن الحديث عن هذا الفيلم، الذي تم إنتاجه وعرضه في وقت لازالت أحداث قصته جارية وحية، وتعاني فيها قوات الاحتلال الأمريكي من أسوأ أزمة عسكرية وسياسية واقتصادية منذ حربها على فيتنام حتى اليوم، لا يمكن الحديث عنه دون الاعتراف بشجاعة السينما التركية التي بادرت بإنتاج هذا الفيلم دون أن تهاب الإرهاب الإعلامي الأمريكي الذي يمكن أن يكيد لأصحابه مكائد تصل إلى كل أنواع التصفيات السرية، والاعتراف بالعمق الثقافي التركي الذي استطاع أن يستوعب حقيقة اللعبة السياسية القذرة التي تمارسها هذه القوى العظمى ضد شعوب المنطقة.

نحن نعيش في قرن المرأة بجدارة، فالمرأة تحقق تقدم في تسلّم المواقع القيادية على المستوى العالمي بتسارع وتزايد مستمر منذ بدء القرن الميلادي الثالث الذي نعيشه، لأسباب كثيرة، ليس هنا مجال سردها جميعاً، إلا إن ما لا يمكن تجاهله من تلك الأسباب، حتى لو لم يتم الاعتراف المباشر به، هو بالتأكيد النزوع إلى تجربة نوع آخر من القيادة يختلف عما هو مهيمن على عالمنا الذي أصبح القتل والدمار والفساد من أهم سماته.
وفي قرن المرأة هذا، تعوّض المرأة البحرينية، منذ بدء العملية الإصلاحية، سنوات حرمانها من حقوقها السياسية بما تحققه اليوم من انتصارات متتالية في مسيرتها الواسعة الخطى نحو المشاركة الفاعلة في المواقع القيادية وصنع القرار التي هي جديرة بها.