منذ سنوات (لا نريد تحديدها) لم نسمع كلمة علنية شجاعة ومنصفة في حق المذهب الجعفري والوطن البحريني من رجل علم في الدين والمذهب كالكلمات التي سطّرها الشيخ محسن العصفور بكل صدق في بيانه الإنساني الحكيم بمعرض رده على بيان المجلس العلمائي حول ملف كادر أئمة المساجد (وهو جدول وضعته الدولة لتنظيم عمل أئمة المساجد ضمن سلم وظيفي، رفضه "المجلس العلمائي" بدعوى عدم شرعية استلام أئمة المساجد لراتب شهري من الدولة)، ذلك البيان الذي يذكر فيه الشيخ أنه محاولة لغلق ملف الكادر لما ترتب عليه "من مساوئ وتجاوزات يندي لها الجبين وعكست نظرة سيئة أمام الرأي العام الإقليمي والعالمي عبر الصحافة عن أتباع المذهب الجعفري في مملكة البحرين والطريقة الغريبة التي يتعاطون فيها قضاياهم مع الدولة والرأي العام..." (من نص البيان، صحيفة الوطن، العدد 159 بتاريخ 18/5/2006).

"قال القائد لجنوده: اقتلوا كل أهل المدينة واتركوا راكب الدراجة، سأله أحد الجنود: ومن هو راكب الدراجة سيدي؟ أجابه القائد: هذا ما أقصده، فسيلتهي الناس بمعرفة من هو راكب الدراجة وينسوا المجزرة وآلاف القتلى من أهالي المدينة..."
هذه هي سياسة المحتلين في العراق، فبينما كل مدن العراق مستباحة لقوى الاحتلال قتلاً وتدميراً ونهباً واعتقالاً واغتصاباً، ووصل عدد القتلى إلى معدل 100 عراقي في اليوم، نرى كيف يركّز الإعلام الأمريكي والعالمي، بين فترة وأخرى، على بعض الحوادث المتفرقة هناك، لإلهاء المجتمع الدولي عن حقيقة الوضع المزري واللاإنساني ونزيف الدم المتدفق الذي يعيشه العراقيون يوماً بيوم ولحظة بلحظة.

جاءت الحلقة الجديدة في مسلسل أكاذيب السيدين جورج بوش وتوني بلير من البيت الأبيض يوم الخميس 25/5/2006، ليعلنا في مؤتمر صحفي بأنهما لم يرتكبا أخطاء في العراق، سوى فضيحة تعذيب المعتقلين في أبوغريب، وعملية اجتثاث البعث "التي كان يمكن أن تتم بطريقة أخرى" حسب تعبير السيد بلير. ولأن مسلسل الأكاذيب أصبح طويلاً، فقد نسي الثنائي الرئاسي بأن الوزيرة جوندليزا رايس قد صرّحت قبلهما بأيام بأن أمريكا قد ارتكبت آلاف الأخطاء في العراق، دون أن تحدد تماماً ما هي تلك الأخطاء.

في مقال طويل بعنوان "الحلم الأوروبي مقابل الحلم الأمريكي"، للكاتب الغربي توني جوت (ترجمة بثينة الناصري، موقع دورية العراق)، يناقش الكاتب ثلاث كتب متأملاً الفوارق بين نمط الحياة الأوروبية والأمريكية، (الولايات الأوربية المتحدة: القوى الكبرى الجديدة ونهاية التفوق الأمريكي، بقلم ت .ر. رايد / الحلم الأوربي: كيف تعتم الرؤية الأوربية للمستقبل، الحلم الأمريكي، بقلم: جيرمي رفكن / العالم الحر: أمريكا وأوربا ومستقبل الغرب المدهش، بقلم: تيموثي جارتون آش - راندوم هاوس)...
يبدأ الكاتب مقاله بمقارنة بين القهوة الأمريكية التي تتمثل في حجم الكوب والكمية، التي يقول عنها إنها الوسيلة "الأكثر ديمقراطية لضخ الكافيين في عروق البشر"، وبين قدح صغير من قهوة الاسبريسو الإيطالية التي يتم صنعها بآلة غالية الثمن فيصفها بأنها "الإحساس بالمتعة الجمالية للمشروب يتجاوز كثيراً تأثيرها الكيمياوي على الجسم، أنها ليست مشروباً بل تحفة فنية".