يوم السبت 12 يوليو 2003 أعلنت قيادة قوات الإحتلال في العراق ، كأول جرعة من جرعات الديمقراطية التي جاءت بها القوات الأمريكية للشعب العراقي، أعلنت عن تشكيل مجلس أسموه "مجلس الحكم" في العراق. وبكل ديمقراطية شكلوه من مجموعة من العراقيين!! إختاروهم على أسس طائفية وأثنية، وبمعايير أمريكية قائمة على مدى تعاون هذه الشخصيات مع الإدارة والقوات الأمريكية في تسهيل مهمتها لإحتلال العراق، ومدى تعاونهم مع هذا الإحتلال مستقبلاً في سرقة خيرات العراق وتحقيق أحلام الإمبراطورية الأمريكية إنطلاقاً من الأراضي العراقية. فرضي هؤلاء العراقيون الأبطال على أنفسهم أن يكونوا ضمن هذه التشكيلة المشوهة للحكم مكبلين بقيود الفيتو الأمريكي الآمر الناهي على قراراتهم (الوطنية) ليتعلموا ويتنعموا بالديمقراطية الأمريكية.

كنت أنوي الاستكفاء بكتابة عمود واحد في نقد ظاهرة سباق تأسيس المجالس/المنتديات الخاصة التي انتشرت في البحرين مؤخراً، والذي كنت أعتقد بإنه قد يكون كافياً في التلميح إلى سلبيات تلك الظاهرة بهدف التصدي دون نموها واستمراريتها، إلا أنني، ونزولاً على طلب من إتصلوا بي بعد نشر الموضوع يوم الجمعة الماضي، أرجع ثانية للكتابة حول نفس الموضوع ليكون، حسب ما قالوا، رادعاً وكاشفاً لهذه الشخصيات التي تهدف بشكل أساسي للحصول على مكتسبات ذاتية من هذه المجالس أكثر مما يمكن أن تحقق هذه المجالس من إضافة ثقافية إلى المجتمع.

يتداول كثيراً هذه الأيام الحديث حول ظاهرة تزايد عدد المجالس/ المنتديات الخاصة في البحرين، إذ بعد انتهاء مرحلة التسابق في تأسيس الجمعيات السياسية بمختلف منابتها وخلفياتها وأسمائها، وبعد تكاثر وتوالد تلك الجمعيات بما لم يترك المجال لإشهار المزيد منها، بدأت ظاهرة التسابق على فتح مجالس/ منتديات خاصة في البيوت، وبأسماء أصحابها، تنتشر في جميع أنحاء البحرين. والغريب في الموضوع أن هذه المجالس/ المنتديات أصبحت تأخذ خصائص سلبية سوف تقضي على الفوائد والإيجابيات المرجوة من تأسيسها، وهذه الخصائص السلبية تنحصر أولاً في أن هذه المجالس بدأت تأخذ الطابع الشخصي وهذه ظاهرة يراد بها تداول وتعريف الاسم الشخصي واسم العائلة بعقلية عشائرية للمزيد من الإنتشار مما يتطلب تفهماً ومواجهة حقيقية، وثانياً أن هذه المنتديات بدأت تفتح وتدار من قبل أشخاص لا علاقة لهم بأي هم ثقافي أو سياسي، بل هم معروفون باهتماماتهم المعاكسة لذلك تماما، ويهدفون من فتح هذه المجالس إلى تحقيق بعض القضايا الشخصية والذاتية . . ولأهداف مختلفة أخرى.

منذ بداية انعقاد المؤتمر القومي العربي الرابع عشر في صنعاء بتاريخ ۲۳ – 26 يونيو ۲۰۰۳ وحتى اليوم، تم نشر العديد من المقالات في مختلف الصحف العربية لبعض الكتاب والصحفيين العرب وكأن لسان حالهم جميعاً يريد أن ينطق ويقول بأننا يجب أن نعمل بالتزام كامل مع السياسة الأمريكية في المنطقة وأن نكون ملتزمين بالإرادة السياسية الأمريكية في قرارها حول انهاء كل ما له علاقة بالقومية العربية والفكر القومي والقوميين، وإن هذا النوع من المؤتمرات التي يمكن أن تهيئ جواً ثقافياً معادياً للسياسة الأمريكية يجب أن تلغي لأن هؤلاء القوميين يحملون فكراً قديماً لا يساير العصر، وإنهم لا يزالون يفكرون بعقول مؤدلجة بأيديولوجيات قومية لم تنفع الأمة وإنما جلبت لها الكثير من المصائب.