يبدو إن تغطيتي الإعلامية لهذا الحدث الخليجي والعربي الهام قد تحولت إلى يوميات إعلامية، من حيث لا أقصد ، ولكن مجريات العمل اليومي سار بنا على هذا الدرب، أولاً لعدم وجود مادة إعلامية خاصة بهذه القمة في متناول الإعلام والإعلاميين، رغم انعقادها في أكثر الفترات خطورة بالنسبة إلى جميع دول المنطقة بدون استثناء ، وثانياً لأهمية نقل الصورة الواقعية لمجريات انعقاد هذه القمة، إلى المواطن الخليجي بشكل خاص والعربي بشكل عام، لما لذلك من أهمية معرفية بحاجة للنقد والمراجعة للتغلب على رؤيتنا لأنفسنا، فرادا وجماعات، من حيث ما نعانيه من سلبيات في منظومتنا المعرفية لدور الإعلام وحق الشعوب في الحصول على المعلومة في الوقت المناسب وبالوسائل المناسبة، بكل ما تحمله هذه المنظومة من معاني واسعة وكبيرة.
اليوم الاثنين 22 ديسمبر، بدأ مبكراً، لأنه اليوم الوحيد الذي سوف يتوفر لنا فرصة الالتقاء بشخصيات ومسئولين قريبين من مصانع القرار في هذه القمة، لذلك بدأنا مبكراً بالانتقال إلى الحافلات التي سوف تقل جميع الإعلاميين إلى هناك... وأيضاً كان الانتظار، داخل الحافلات، طويلاً لأسباب تلك الإجراءات الأمنية التي شملت كل هذا الجمع الكبير.

وصل القادة الخليجيون والوفود المرافقة لهم إلى الكويت ، ولليوم الثالث يتجمع الإعلاميون في فندق ماريوت الكويت ، دون أن يتمكنوا من أداء أي دور إعلامي حقيقي.
توجه بعض المدعوين من رؤساء التحرير إلى قصر البيان لحضور مراسم حفل جلسة افتتاح القمة الخليجية الرابعة والعشرين، كما توجه إلى هناك أيضاً بعض المصورين للقيام بمهمة التصوير فقط، ولم يعطى الصحفيون والإعلاميون فرصة الذهاب إلى هناك لعدم وجود أي دور لهم، أي لم يوفر لهم أي فرصة للاتصال مع القادة أو الوفود المرافقة لمعرفة أية معلومات، عن مضمون هذه القمة، يمكن أن ينقلها الإعلاميون للتداول على مستوى الشارع العربي قبل إعلان البيان الختامي، لذلك لا يزال التساؤل قائماً حول مضمون جدول الأعمال الذي سوف يناقش في هذه القمة، غير تلك البنود التي وردت على هذا الجدول في كل قمة سابقة، على سبيل المثال بند توحيد التعرفة الجمركية الخليجية، وبند حرية الانتقال بين دول مجلس التعاون بالهوية... إلخ ، والتي لم يتم الاتفاق النهائي عليها حتى الآن.

مساء الجمعة 19 ديسمبر وصلنا إلى الكويت بعد أن تأخرت بنا الطائرة لمدة تزيد على الساعة والنصف، وفي قاعة التشريفات في مطار الكويت جلسنا ننتظر وصول السيارة التي ستقلنا إلى الفندق، ليشرح لنا الأخوة الكويتيون، المرافقون لنا، أسباب هذا التأخير بأنه يرجع إلى الإجراءات الأمنية التي استدعت إصدار أوامر مشددة لقيادة جميع السيارات المستخدمة لأغراض هذا المؤتمر بواسطة أفراد من الأمن العام ووزارة الداخلية الكويتية حرصاً على سلامة الحضور.
عند وصولنا إلى مداخل المنطقة التي بها فندق الماريوت في وسط مدينة الكويت، حيث مركز الوفود الإعلامية لهذا المؤتمر، بدأنا نرى ماذا يعنون بالإجراءات الأمنية المشددة.

فيما يخص أهمية الإعلام في نشر واكتساب المعرفة يؤكد التقرير إن الإمكانات المتاحة للإعلاميين العرب ولوسائط الإعلام العربية تعاني من الشحة الشديدة في المعلومات وتدفقها ومن صعوبة الوصول إلى هذه المعلومات ومصادرها، تحججاً بقائمة طويلة من المحظورات التي يأتي الحفاظ على الأمن القومي والوطني على قمتها. إضافة إلى ذلك فإن جميع وكالات الأنباء العربية تعاني من عدم الاستقلالية وعدم العلمية في عملها كما تعاني من ضعف إمكاناتها البشرية والتقنية، لكونها مملوكة من قبل الأنظمة الحاكمة التي تسخر هذه الوسائل للدعاية لسياساتها فقط، مما يدفع جميع وسائل الإعلام العربية إلى الاعتماد على وكالات الأنباء الأجنبية ، وترديد ما تبثه هذه الوكالات في وسائلنا العربية بشكل آلي دون التمعن فيما وراء هذه المعلومات والأنباء من مؤثرات سلبية أو إيجابية على المجتمع.