ماذا يمكن أن يقال في أسر الرئيس العراقي صدام حسين على أيدي أجهزة الإستخبارات وقوات الإحتلال الأمريكية، بعد أن ألغى الإحتلال سيادة العراق ووجوده من على الكرة الأرضية؟... أي عصر هذا الذي نعيشه... ما هذا الخوف والذل والخنوع الذي يعصف بالعرب... برقيات التهنئة بمناسبة أسر قوات الإحتلال والاستخبارات الأمريكية للرئيس العراقي تتتالى من الزعماء العرب أو ممثليهم للحصول على رضا الرب في البيت الأبيض... ويكررون ما يُتلى عليهم كالببغاء، وبدون أي خجل، يكررون في ديباجة واحدة أنه كان العائق الوحيد أمام أمن واستقرار وبناء الوطن العراقي الصغير والوطن العربي الكبير... وهم عالمون خير علم إن سيادة العراق وقيادته استبيحا أمريكيا لما حققته هذه القيادة من بناء حضاري في العراق وليس لتلك الأكاذيب الملفقة والتي أصبحت مكشوفة لجميع شعوب العالم ... كما هم (الزعماء العرب) عالمون خير علم إن وجودهم مهدد في كل لحظة بنفس تلك الممارسات الأمريكية التي تمت في حق العراق وفي حق رئيس العراق الشرعي...

في شرح معمق لحال المعرفة في البلدان العربية، يسرد تقرير التنمية الإنسانية العربية تحليلاً مفصلاً لعملية نشر المعرفة في البلدان العربية، كعملية مجتمعية أساسية، من خلال التنشئة والتعليم والإعلام والترجمة. وسوف نحاول ، هنا ، أن نتتبع حال نشر المعرفة في الوطن العربي من خلال وسائط الإعلام حسب ما جاء في هذا التقرير، لما للإعلام من أهمية متعددة الجوانب والأوجه بجانب أهميته المعرفية.
يؤكد التقرير على أهمية العلاقة بين حرية الإعلام وتحديثه وبين زيادة الطلب والعرض على المعرفة في عملية التنمية الإنسانية، أي إنه للتحول نحو مجتمع المعرفة من المطلوب توسيع حدود الحرية الإعلامية "وتعزيز عمقه في قضايا التنمية الإنسانية من حكم صالح ومعرفة وتمكين النساء". ومن جانب آخر يؤكد التقرير إن العالم في تحول متسارع نحو "الاقتصاد المبني على المعرفة" وتداول وصناعة المعلومات والسيطرة والتحكم على شبكة الاتصالات والقنوات الفضائية "لكونها مصدراً جديداً لإنتاج القيم والرموز والذوق".

هل يمكن أن يبقى العالم، تحت هيمنة القطب الواحد بدون حدود فاصلة وعادلة ... وإذا قبلت الدول الصغيرة، مغلوبة على أمرها في ظل الإحادية القطبية، بفرض الهيمنة الأمريكية عليها بما تمارسه من رعب عسكري وإقتصادي ، فهل تقبل الدول الكبرى هذا السلوك الأمريكي؟ ... وهل يمكن لأي استعمار أو إحتلال أن يبقى مستعمراً ومحتلاً فقط بما تملكه من قوة عسكرية أي بسلوك القتل والتدمير وبسيادة قانون الغابة، بدون أية قوة حضارية؟ ... يجيب التاريخ البشري على هذه الأسئلة بالنفي الأكيد، إذ لا يمكن أن يبقى العالم تحت هيمنة قوة بطش وقتل وتدمير دون أن تنبثق من خلال هذه القوة عناصر إضعافها وتدميرها ... هكذا يقول التاريخ ...

حقاً إن المقاومة في العراق أصبحت المنفذ الوحيد نحو أمل جديد في ما يمكن أن يتحقق من تغيير في السياسات الإقليمية أو الدولية ...
رغم كل محاولات التعتيم حول هذه المقاومة، أو محاولات تبسيط أمرها وعدم جدواها، أو محاولات الاستهانة بها مبدءً وعدداً وعدة، أو محاولات تشويهها بتسميتها إرهاباً، إلا أن الولايات المتحدة تعلم خير علم، واستناداً على تقارير استخباراتها المركزية وقياداتها الميدانية، إن هذه المقاومة لهي من القوة مما يمكن أن تشكل خطراً واستنزافاً طويل الأمد للولايات المتحدة، داخل وخارج العراق، ما دام هناك جندي أجنبي على أرض العراق ... وإن ثغرة المعلومات التي تعيشها الإدارة الأمريكية حول العراق والمجتمع العراقي كانت ولا تزال من العمق مما لا يمكنها من التصدي لهذه المقاومة ... وإن تنبؤاتهم تؤكد إستمرارية هذه المقاومة وتصاعدها حسب نظم حرب العصابات ... فالمجاهدون لن يخسروا أكثر مما خسروا، وإن بقيت أرواحهم بلا وطن فإنهم يدفعونها في سبيل تحرير هذا الوطن لأبنائهم وأحفادهم ... فيا ترى ما هو موقف العرب، حكومات وشعوب، من هذه المقاومة ... وما هي توقعاتهم وتنبؤاتهم ... وذلك فيما يخص السياسات الإقليمية ... وماذا عن تأثير هذه المقاومة على السياسات الدولية ؟ ...