لكي نعرف كيف نواجه الأعداء والأطماع الخارجية التي تستهدفنا، علينا أن نعرف وسائلهم وأدواتهم وطريقة أدائهم، وإلا فسوف نظل نطحن الهواء وتذهب كل جهودنا هباء، وينتصر علينا العدو ويحقق أهدافه بدون عوائق، لا بل يمكن أن نكون نحن أدواته ووسائله في تحقيق أهدافه دون أن نعلم، نتيجة لعدم الوعي وقلة المعرفة.
إن أهم الأدوات المستعملة حديثاً في تنفيذ مخططات السياسة الأمريكية في المنطقة العربية، ضمن مشروع القرن الأمريكي الجديد، هي تلك الأداة القديمة والسهلة جداً في التنفيذ، إضافة إلى أنها مضمونة النتائج والنجاح خصوصاً في مجتمعاتنا العربية التي تعاني من ذلك الخلل السياسي الذي تم بناؤه بشكل تراكمي خلال عقود من الممارسات الإستعمارية، كما تعاني من التخلف المعرفي والتدني الشديد في الوعي ومن الإنقسامات الفكرية والمنازعات الأيديولوجية والسلوكيات غير الموضوعية بين نخبها ومثقفيها عوضاً عن الإلتقاء على ثوابت تحمي المصالح الجماعية والتاريخية لهذه الشعوب، تلك المصالح التي يجب أن تأتي قبل أي إعتبار. هذه الأداة التي لم تتراجع الإدارة الأمريكية أن تعلن عنها في بعض البرامج التلفزيونية بعد إحتلالها للعراق مباشرة، وبعد أن واجهت هناك مقاومة شعبية ترفض الإحتلال مهما كانت نواياه، هذه الأداة هي المبدأ المعروف لنا جميعاً والذي يتلخص في كلمتين وهما "فرق تسد"، التي تطبق اليوم أبشع تطبيق في الوطن العربي من المحيط إلى الخليج.

أنقل هنا بعض المقتطفات من مقال طويل أعددته منذ فترة، ولم أنشره حتى الآن، يتحدث عن وضع الإعلام البحريني في إطار الواقع الإعلامي في منطقتنا بشكل عام، حيث لا يمكن إنكار تراجع الإعلام البحريني بخطى متسارعة، مما يستدعي منا جميعاً وقفة تأمل للتعرف على الأسباب الرئيسية لهذا التراجع الشديد ووضع حلول جذرية لهذه المشكلة، وخصوصاً إن البحرين كانت سباقة في إدخال المنطقة إلى عالم الفضائيات في مرحلة سابقة، وكان من المؤمل دخول الإعلام البحريني إلى مرحلة أكثر تقدماً عوضاً عن هذه الإنتكاسة الإعلامية التي نعيشها جميعاً.

إليكم السير الذاتية للوزراء الجدد في أهم الوزارات السيادية في العراق، وهي مقتطفات من بعض المقالات للأخوة العراقيين لمعرفتهم الدقيقة بأحوالهم:
أولاً : وزير الداخلية: الإسم: نوري البدران ..... المهنة السابقة: دبلوماسي محترف .... الخبرة العملية: أكثر من عشرين عام دبلوماسي في وزارة الخارجية، من خلال العمل في الجامعة العربية في تونس، والمقر الأوروبي للأمم المتحدة في جنيف، وفي افغانستان، واليونان، وموسكو، وله علاقات واسعة مع الكثير من الدبلوماسيين العرب والأجانب. وفي النهاية لا علاقة له بوزارة الداخلية.
ثانياً: وزير الخارجية: الإسم: هوشيار زيباري .... المرجعية: مرشح الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو خال رئيس الحزب وعضو مجلس الحكم العراقي مسعود البارازاني ... الخبرة العملية: لم يسبق له أن عمل في الميدان الدبلوماسي أو أية وظيفة إدارية، كان مقاتلاً في جبال كردستان مع (البيشمركة) ولأنه قريب رئيس الحزب تم نقله إلى مكاتب الحزب في لندن .... مواصفاته التفضيلية: ملتزم بمرجعيته الحزبية الكردية وتعليمات زعيم الحزب، ونسبة لهذه المرجعية فهو معروف بمواقفه المتشنجة ضد العديد من الدول العربية وتركيا، كما أنه من المتحمسين لفكرة فصل العراق عن محيطه العربي وتقسيمه إلى فيدراليات مستقلة عن بعضها بشكل كامل.

الحقيقة الوحيدة التي ذكرها السيد نيومان، سفير الولايات المتحدة الأمريكية لدى البحرين في لقائه مع الأستاذ أنور عبدالرحمن رئيس تحرير جريدة أخبار الخليج، هي تلك الجملة الختامية التي قالها في نهاية اللقاء: "اننا نثق في الشعب العراقي وفي إصراره وقدرته على مواجهة التحديات وعزمه الأكيد على الا يقع مرة أخر ضحية لنظام ديكتاتوري آخر". هذه هي الحقيقة التي عرفها الأمريكان بعد أن دخلوا العراق وتعرفوا على الشعب العراقي، وهي إنه شعب عالي القدرات وقادر على مواجهة التحديات ويملك عزيمة أكيدة في التخلص من أي ديكتاتورية، ولن يقبل أن يحكمه الأجنبي حتى لو كان هذا الأجنبي الدولة العظمى الوحيدة في العالم، ولذلك ينظم العراقيون صفوفهم كل يوم للإستمرار في مقاومة الإحتلال.
أما كل تلك العبارات الإنشائية المنمقة التي ذكرها قبل هذه الجملة الوداعية، فلا يخفى على جميع الشعوب المسحوقة بسبب الممارسات الأمريكية في العالم، إنها بعيدة عن الحقيقة والواقع، وإن شعوب العالم، بما فيها الشعب الأمريكي والبريطاني، تدرك جيداً إن الإدارة الإمريكية، بعد فشلها في إثبات أدنى حدود المصداقية في حربها على العراق، تحاول أن تغيّر دفة الرأي العام العالمي حول أسباب هذه الحرب البائسة من ذريعة أسلحة الدمار الشامل إلى ذريعة إسقاط نظام حكم ديكتاتوري، وهذا ما لا يملك أي سند قانوني في الشرائع الدولية وإنما تحاول هذه الإدارة اليمينية في الولايات المتحدة خلقه كسابقة تحقق بها سياساتها واستراتيجياتها في العالم.